اختتام فعاليات الدورة السابعة عشرة لمهرجان الثقافة الصوفية بفاس الدكتور فوزي الصقلي: نجاح مهرجان الثقافة الصوفية يؤكد قوة التراث الروحي وجاذبيته للشباب المغربي والأوروبي

شهدت مدينة فاس من 18 إلى 25 أكتوبر 2025 تنظيم الدورة السابعة عشرة لمهرجان الثقافة الصوفية تحت شعار «شعرية العيش.. الفنون في أبعادها الروحانية» في أجواء روحانية راقية طبعتها لحظات من الصفاء والتأمل الفني والوجداني.
وتوافد على العاصمة الروحية للمملكة جمهور غفير من عشاق الفن الصوفي من مختلف المدن المغربية وعدة دول أوروبية، حيث غصت ساحة باب المكينة التاريخية بالجماهير خلال السهرات الفنية التي جمعت بين التراث المغربي الأصيل والتجارب الموسيقية العالمية، بمشاركة عدد من الفرق والزوايا الصوفية.
السهرة الافتتاحية كانت استثنائية بكل المقاييس، إذ أحياها ثلة من الموسيقيين المغاربة إلى جانب جوق كاتالوني برئاسة الفنان كورو بينيانا، الذي أتحف الجمهور بمواويل أندلسية أعادت للأذهان أجواء الحضارة الأندلسية في أوجها، بتناغم جميل مع الفنانين المغاربة في وصلات جمعت بين الملحون والموسيقى الأندلسية. وقد تألق خلال السهرة الفنان نور الدين الطاهري بصوته العذب، إلى جانب الفنانة الصاعدة نهى القلعي، فحلق الجمهور في فضاءات روحانية ساحرة.
كما عرفت السهرة الأندلسية التي أحياها جوق الفنان المبدع محمد بريول نجاحا كبيرا، حيث استهل العرض بعزف سمفونية أندلسية من إبداعه الخاص، قبل الانتقال إلى أداء مجموعة من النوبات الأندلسية بمشاركة الثنائي عمر حاجي ونور الدين الطاهري، الذين ألهبوا حماس الجمهور لتختتم السهرة بـ»جذبة» صوفية أصيلة شارك فيها عدد من أهل التصوف بفاس.
وتجسيدا لشعار الدورة، شهد المهرجان مشاركة فرقة الموالي الإخوان أنور صبري من الهند، إلى جانب مجموعة الطريقة الشرقاوية، في عرض فني مزج بين الإيقاعات الشرقية والأنغام المغربية الصوفية. كما تواصلت ليالي الذكر والإنشاد مع فرق الزوايا المغربية، من البوشيشتية والشرقاوية والوزانية والحراقية، حيث صدحت أصوات المادحين بالأذكار والمدائح النبوية في أجواء من الخشوع والتجاوب الروحي.
ولم تقتصر فعاليات المهرجان على السهرات فحسب، بل احتضنت حديقة جنان السبيل الغناء أنشطة فكرية وفنية متميزة، منها عروض موسيقية للفنانة فرنسواز أطلان التي أبدعت في أداء الموشحات الأندلسية، والفنانة سيدني كامارا من السنغال التي قدّمت وصلات صوفية على أنغام آلتها الموسيقية في تفاعل كبير مع الجمهور.
تحت ظلال أشجار جنان السبيل وخرير مياهه العذبة، احتضنت الحديقة أيضا ندوات فكرية حول الجمال في الثقافة الصوفية، حضور الطبيعة في التصوف، ودور الفنون والحكم في الحفاظ على العالم، بمشاركة مثقفين ومفكرين من فرنسا، إسبانيا، ألمانيا، والهند.
وفي ختام الدورة، عبر الدكتور فوزي الصقلي، مؤسس المهرجان ومديره، عن اعتزازه بنجاح هذه النسخة، موجها الشكر لكل الشركاء والداعمين، مؤكدا أن الثقافة الصوفية المغربية تشكل تراثا لا ماديا يعكس عمق الهوية الروحية للمغاربة، ويجعل الإنسان يسمو بروحه نحو القيم العليا.
وأشار الصقلي إلى الإقبال الكبير للشباب المغربي والأوروبي على فعاليات المهرجان، معتبرا أن هذا التفاعل دليل على استمرارية الوعي الصوفي وانفتاحه على العالم.
وقد اختتم المهرجان بعرض مسرحي موسيقي بعنوان «الهدهد والاثنا عشر طائرا» من تأليف فريد الدين العطار وترجمة الدكتور فوزي الصقلي إلى الدارجة المغربية، قدمته فرقة جسور، حيث لقي العرض إعجابا واسعا من الجمهور الشاب الذي غصت به ساحة باب المكينة، ليختتم المهرجان على إيقاع الفن والروح والجمال في مدينة فاس العريقة.


الكاتب : فاس : محمد بوهلال

  

بتاريخ : 30/10/2025