وضع المجلس الأعلى للحسابات حدّا للأرقام المتضاربة التي يتم تروجيها منذ مدة بخصوص عدد المستفيدين من التغطية الصحية في بلادنا، وكشف بأنه رغم تحديد سقف دجنبر 2022 من أجل تعميم التأمين الإجباري عن المرض فإن هناك شرائح من المواطنين لم تنخرط بعد في هذا النظام، إذ لم تتجاوز نسبة المستفيدين من التغطية الصحية المقدر عددهم في 22 مليون مستفيد، نسبة 68 في المئة إلى غاية شتنبر 2024.
وأوضح آخر تقرير للمجلس الأعلى للحسابات بأن عدد المسجّلين ضمن نظام التأمين الإجباري عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، لم يتجاوز إلى حدود 10 شتنبر 2024 ما مجموعه 1.68 مليون منخرطا رئيسيا، وذلك حسب معطيات للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، أي بنسبة 56 في المئة مقارنة بعدد المستهدفين الذي تم تقديره بـ 3.5 ملايين سنة 2021، مضيفا في تقريره الحديث بأن عدد المنخرطين الذين تتوفر فيهم شروط الاستفادة الفعلية من التأمين لا يتجاوز 1.2 مليون مستفيد، تتكون من 467 ألف منخرط و 736 ألفا من ذوي الحقوق.
وكشف التقرير ذاته عن استمرار العيوب المرتبطة بالتمويل التي ترخي بظلالها على هذا المشروع الرائد، والتي تشكّل تحدّيا من أجل ديمومته واستمراريته، حيث أوضح بأن نسبة استخلاص الاشتراكات تظل محدودة، إذ أنه وإلى غاية 10 شتنبر 2024، لم يتجاوز مجموع ما تم استخلاصه 2.64 مليار درهم من أصل 7.53، أي ما يمثل نسبة لا تتعدى 37 في المئة، بينما وفي المقابل بلغت النفقات التي تمت تأديتها إلى غاية نفس التاريخ حوالي 2.76 مليار درهم، أي أن النفقات تجاوزت حجم ما تم استخلاصه من اشتراكات.
وتبين الأرقام التي تضمنها تقرير المجلس الأعلى للحسابات أن العجز المالي تتواصل مؤشراته، إذ أوضح بأن النظام سجّل في متم سنة 2023 معدل نفقات/مداخيل بلغ 154 في المئة، وهو ما يمثل عجزا في التحصيل بلغ 450 مليون درهم، مضيفا بأن تحليل المعطيات التي تخص تطور المداخيل والنفقات خلال النصف الأول من السنة الجارية 2024، يبين على أنه من المتوقع أن تنتهي هذه السنة كذلك بعجز مالي، بالنظر إلى أنه وإلى غاية نهاية شتنبر تم تسجيل معدل نفقات/مداخيل وصل إلى 117 في المئة!
أما بخصوص المعنيين بنظام «أمو تضامن» فقد كشف التقرير، استنادا إلى معطيات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، أن عدد المسجلين قد بلغ إلى حدود شتنبر من السنة الجارية 10.93 مليون شخص، 4.05 مليون منخرط رئيسي مقابل 6.87 مليون من ذوي الحقوق. وكشفت الأرقام المرتبطة بالنفقات الصحية التي تخص المستفيدين استمرار أعطاب المستشفى العمومي إذ لم تشكل النفقات المفوترة عن الخدمات العلاجية المقدمة للمؤمّنين ما بين دجنبر 2022 و يوليوز 2024 سوى نسبة 26 في المئة مقارنة بالقطاع الخاص الذي حصل على النصيب الأكبر من النفقات المالية التي بلغت نسبتها خلال نفس الفترة 74 في المئة، في الوقت الذي ينادي فيه الجميع بضرورة بذل كل الجهود واتخاذ ما يلزم من تدابير لكي يكون المستشفى العمومي قاطرة الصحة في المغرب؟