ارتفاع أسعار الخضر يعود إلى الواجهة ومخطط المغرب الأخضر محط مساءلة من جديد

عادت أسعار الخضر  إلى  الارتفاع  من جديد، حيث عرفت قفزة  نوعية في أسواق الجملة، وتزداد ارتفاعا حين تصل إلى المستهلك.
ووفق  مصدر من سوق الجملة بالدار البيضاء، فقد شهدت الطماطم ارتفاعا مهولا، حيث تباع هناك بعشرة دراهم للكيلوغرام الواحد، لتباع بالتقسيط للمواطن بـ15 درهم، في حين أن البطاطس وصل سعر الكيلوغرام الواحد منها في سوق الجملة بـ8 دراهم، ليشتريها المستهلك بـ12 درهما، في حين  وصل سعر البصل  في سوق الجملة إلى 6 دراهم،  وتباع إلى المستهلك بـ 8 إلى 9 دراهم  للكيلوغرام الواحد.
ووفق مصادرنا، فإن هذا الارتفاع يعود إلى عدة أسباب، منها ارتفاع سعر « المازوط « وكذلك ندرة المياه، لكن السبب الرئيسي يبقى عدم  انخفاض العرض مقارنة مع ارتفاع الطلب،  نتيجة فشل الحكومة في تدبير عملية  التصدير، حيث يتم  توجيه كميات كبيرة إلى السوق الأوربية، ثم السوق الإفريقية، كل ذلك على حساب السوق الداخلية.
ذات المصادر كشفت أن من بين الأسباب  التي دفعت بالأسعار إلى الارتفاع خاصة بمدينة الدار البيضاء، تسجيل غياب أصحاب « لكرارس « الذين شكلوا دائما زبناء قارين في سوق الجملة، وهو ما كان له الأثر الملموس على ارتفاع أسعار الخضر، إذ كانت هذه الفئة تقوم بدور كبير في استقرار  الأسعار، بحكم أن أرباحها تبقى في الحدود  المقبولة، مقارنة مع أصحاب الدكاكين الذين يضطرون إلى بيع الخضر بأسعار أكثر  ارتفاعا نتيجة تأدية الضرائب وتكاليف الماء والكهرباء  وغير ذلك، وهو ما يفرض، وفق ذات المصادر، البحث عن حلول عملية لأصحاب « الكرارس « عوض منعهم بهذه الطريقة، قصد إعادة التوازن.
ارتفاع أسعار الخضروات والفواكه، الذي كان مثار احتجاجات في كل المدن المغربية، في الأشهر القليلة الماضية، دفع إلى تشكيل لجنة استطلاعية بمجلس النواب، أشرفت عليها لجنة القطاعات الاجتماعية، حيث وقفت على الأسباب الرئيسية التي أدت إلى مضاعفة أسعار الخضر والفواكه عبر التراب الوطني من خمس إلى ست مرات.
ووفق تقرير اللجنة الاستطلاعية، فإن من بين هذه الأسباب هناك الحجم المفرط للوسطاء وعدم خضوعهم لما يكفي من المراقبة، ما يذكي المضاربة ويؤدي إلى تعدد المتداخلين ويضر بمصالح الفلاح الصغير والمتوسط؛ وهو ما يسفر في النهاية عن ارتفاع سعر البيع للمستهلك النهائي، وكذلك عدم قدرة الفلاحين الصغار والمتوسطين على تنظيم أنفسهم من أجل تسويق منتجاتهم في ظروف جيدة، وضعف التنسيق بين الأطراف المعنية على المستوى الوطني والترابي في ظل غياب إطار حكامة شامل ومندمج لمسلسل التسويق. وشكل ضياع وهدر كميات مهمة من المنتجات الفلاحية الطازجة، على امتداد قنوات التسويق، سببا في هذا الارتفاع، في ظل غياب آلية مؤطرة ومندمجة خاصة بهذا الأمر بمختلف المخططات والبرامج التنموية، وعدم استعمال المنتجين للوسائل اللوجيستيكية المتوفرة على آليات التبريد ما يتسبب في تضرر السلع بنسبة 40٪ وفقدان هذه المنتجات مقوماتها من حيث انخفاض الوزن والحجم ودرجة نضوجها وجودتها.
لكن من الأسباب الرئيسية، كما يقول متتبعون، فشل مخطط المغرب الأخضر، الذي كلف ميزانية الدولة  الملايير من الدراهم، دون أن يساهم في وضع حد لمسألة ارتفاع أسعار المواد الفلاحية الأساسية، من خضر وفواكه ولحوم.
وعوض أن يتم العمل على تقييم هذا المخطط  بشكل مؤسساتي للوقوف على مكامن القوة والضعف والاختلالات التي رافقت  تنزيله، تم وقف أشغال اللجنة الموضوعاتية التي سبق أن تم تشكيلها قصد تقييم هذا المخطط، خاصة أن مشكل ارتفاع أسعار الخضر والفواكه واللحوم سيبقى قائما، ما لم تناقش أسباب ذلك في عمقها  باعتبار أن المخطط الأخضر ملف مهم لحماية القدرة الشرائية للمغاربة وتحقيق الأمن الغذائي والنهوض بالفلاحة المغربية.


الكاتب : جلال كندالي 

  

بتاريخ : 11/12/2023