بعد أن «طويت» صفحة تنظيم الاستحقاقات الانتخابية لـ 8 شتنبر 2021، بما لها و ما عليها، ورسمت معالم التشكيلات المرتقب توليها مهام تدبير الشأن المحلي في هذه الجماعة الترابية أو تلك، يجد المنشغل بـ «أحوال المجتمع»، خاصة ما يهم المجال القروي، نفسه محاصرا ببعض الأسئلة الضاغطة، من ضمنها: ترى هل يعي العديد ممن باتوا يقتعدون «كرسي المسؤولية «بهذه الجماعة القروية أو تلك، ثقل «الأمانة» الملقاة على عاتقهم في أفق إرساء «عدالة مجالية» يعتبر العنصر البشري مبتدأها ومنتهاها؟
سؤال نستحضر من خلاله، خلاصات «الزيارات التفسيرية» لأعضاء اللجنة الخاصة للنموذج التنموي الجديد، قبل أشهر، لمناطق عديدة تئن ساكنتها تحت وطأة الهشاشة والعوز، والتي تم التأكيد أثناءها على أن» زمن التهميش والتمييز قد ولى»، ولم يعد هناك «مكان للتفاوتات المجالية والترابية»، و«الأولوية اليوم هي لفك العزلة عن هذه المناطق بهدف جعلها أقاليم ترابية ذات مناعة ومردودية اجتماعية واقتصادية قوية»…
تأكيد تم تكراره بالنفوذ الترابي لأكثر من جهة، على هامش لقاءات تواصلية اتسمت بنقاشات «صريحة» تضمنت استعراض المطالب الأساسية للساكنة المحلية، والتي سبق أن شكلت ، طيلة سنوات فارطة، سببا مباشرا لخوض احتجاجات وتنظيم مسيرات في اتجاه مقرات الجهات المسؤولة، محليا، جهويا ومركزيا، «من أجل التدخل لتوفير الحد الأدنى من مقومات المعيش اليومي لساكنة أنهكها الخصاص المزمن».
مطالب توحد ساكنة العديد من الجماعات القروية النائية/الجبلية، والمتمحورة بالأساس حول استعجالية «فك العزلة» عبر إصلاح المسالك الطرقية الوعرة وشق أخرى، وذلك بالنظر للتداعيات القاتمة لمعضلة «عسر التنقل» على أكثر من مستوى: «نسب الهدر المدرسي المرتفعة وسط أبناء وبنات القرى النائية، استعصاء إنقاذ المرضى في وضعية حرجة بالسرعة اللازمة، تعثر الولوج إلى خدمات عمومية جيدة…
نقائص بنيوية فاضحة – متعددة الأوجه – وقفت أمامها العديد من المجالس المسيرة للشأن المحلي، خلال ولايات انتدابية سالفة، عاجزة عن إيجاد «الوصفات» التنموية الكفيلة بتداركها، أو على الأقل التخفيف من حدتها، مكتفية بالتذرع بـ «غياب الإمكانيات»، مع العلم بأن العديد من «المنتخبين» لا يترددون في إطلاق «وعود الإصلاح والتجهيز والبناء.. « وتقديم ما يغري الساكنة، كما سجل في أكثر من منطقة أثناء الحملات الانتخابية الأخيرة؟
بكلمة واحدة، واستحضارا لبعض مقترحات النموذج التنموي الجديد، الحاثة على ضرورة «تمكين هذه الجماعات – القروية النائية – من الاستفادة من العائدات الإيجابية للتنمية دون أي تمييز»، والعمل على «تحقيق تطور منسجم للعالم القروي، من خلال ملاءمة أدوات التهيئة مع خصوصيات المجالات القروية»، يتضح أن «الولاية التدبيرية» المرتقبة للشأن المحلي بجغرافية المجال القروي، تحتاج إلى تنزيل «مقاربة تشاركية» حقيقية قوامها الإنصات لذوي الكفاءات وأهل الاختصاص القادرين على جعل الساكنة المحلية «تنعم» واقعيا بـ «خيرات» المشاريع التنموية المبشر بها في النموذج الجديد، بعيدا عن الحسابات المصلحية الضيقة، التي لم تجن منها جماعات ترابية عديدة سوى الخيبات المتلاحقة والمزيد من هدر الزمن التنموي بفواتيره الباهظة على أكثر من صعيد؟
استحضارا لتحديات تدبير الشأن المحلي خلال المرحلة المقبلة : ضرورة تنزيل «نموذج اجتماعي» ينصف ساكنة الجماعات القروية الهشة ويقطع مع «زمن الهدر التنموي»
الكاتب : حميد بنواحمان
بتاريخ : 30/09/2021