استهلاك الأسر سيتأثر بارتفاع أسعار المواد الطاقية وبالزيادة في أسعار المنتجات الأساسية الأخرى

 

كشفت المندوبية السامية للتخطيط أن النمو الاقتصادي الوطني سيتأثر بتداعيات المحيط الدولي غير الملائم، نتيجة تراجع الطلب الخارجي وارتفاع التضخم.
ودعت إلى ضرورة تعزيز أسس السيادة الغذائية من أجل تلبية الحاجيات الغذائية الأساسية وتجنب عواقب أزمة محتملة. وبالتالي، يعتبر وجود نظام للحكامة متكامل وفعال ومقارنة أفقية لمواجهة التحديات الحالية.
وأوضح تقرير للمندوبية تم بسط معطياته في ندوة صحفية انعقدت أول أمس بالرباط، أن هذه الزيادات العامة في الأسعار ستؤدي إلى اختلالات ملحوظة على مستوى العرض والطلب، الشيء الذي سيؤثر بشكل كبير على القدرة الشرائية للأسر وعلى ميزانية الدولة. كما سيتأثر النشاط الاقتصادي بالنتائج غير الجيدة للقطاع الفلاحي، وبالتالي، سيتم مراجعة التوقعات الصادرة عن الميزانية الاقتصادية التوقعية نحو الانخفاض.
وأشار نفس المصدر إلى أن إنتاج الحبوب ناهز 32 مليون قنطار، أي بانخفاض بحوالي 69% مقارنة بالموسم الفلاحي الماضي. وهكذا، ستسجل القيمة المضافة للقطاع الفلاحي انخفاضا ب%14,6 سنة 2022 بعدما عرفت زيادة ملحوظة ب%17,8 سنة 2021. وبناء على تراجع وتيرة نمو أنشطة الصيد البحري من %12,7 سنة 2021 إلى%2,9 سيعرف القطاع الأولي انخفاضا كبيرا ب%13,5 بعد انتعاشه القوي ب%17,6 سنة 2021.
وأكد التقرير أن القيمة المضافة الإجمالية للنشاط الاقتصادي الوطني، ستعرف ارتفاعا ب1,2 %سنة 2022 عوض7,8 % سنة 2021. وبناء على تطور الضرائب والرسوم على المنتجات الصافية من الإعانات ب2,2 %عوض 8,8 %سنة 2021، سيعرف النمو الاقتصادي الوطني تراجعا في وتيرته لتستقر في حدود1,3 %مقارنة ب 7,9% سنة 2021. وسيعرف معدل التضخم، المقاس بالمؤشر الضمني للناتج الداخلي الإجمالي، زيادة ب4,9 % عوض3,2 % سنة 2021 و0,1 %سنة 2020.
وفي ظل هذه الظروف، سيعرف سوق الشغل انخفاضا في معدل النشاط ب 0,9% بعد ارتفاعه ب 1,1% سنة 2021. وهكذا، وبناء على التراجع المرتقب لفرص الشغل المحدثة، سيستقر معدل البطالة على المستوى الوطني في حدود 12,2% سنة 2022.
وشددت المندوبية السامية للتخطيط على أنه بعد الارتفاع الكبير الذي عرفه الطلب الداخلي سنة 2021، يتوقع أن يسجل تباطؤا ملحوظا في معدل نموه خلال سنة 2022، حيث لن تتجاوز وتيرته 1,3%. ويعزى ذلك أساسا إلى التراجع المرتقب لوتيرة نمو استهلاك الأسر إلى حوالي 1,6%، والذي ستنخفض مساهمته في نمو الناتج الداخلي الإجمالي إلى حوالي 0,9 نقطة سنة 2022 عوض 4,8 نقط سنة 2021، نتيجة تراجع مداخيل الأسر، خاصة الفلاحية وانخفاض تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج مقارنة بالزيادات الكبيرة المسجلة خلال السنتين الماضيتين.
كما سيتأثر استهلاك الأسر بالارتفاع القوي لأسعار المواد الطاقية التي ستؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتجات الأساسية الأخرى. وهكذا ستنخفض القدرة الشرائية للأسر بحوالي 1,5 %سنة 2022 عوض الارتفاع ب 1,1%كمعدل نمو سنوي للفترة 2015-2019.
وخلص التقرير إلى أنه في ظل السياق العالمي الصعب، الذي يعرف صدمات متتالية، تمثلت في الأزمة الصحية لوباء كورونا والصراع الروسي الأوكراني، سيتواصل تفاقم المخاطر وتراجع الثقة. وستفرز هذه الوضعية، بالتالي، اختلالات على مستوى الإنتاج والاستهلاك الشيء الذي سيؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار المنتجات الأساسية.
وأكدت المندوبية، باعتبار المغرب بلدا مستوردا للمنتجات الطاقية والغذائية، سيتأثر بشكل كبير بتداعيات هذه الأزمة. وسيبلغ التضخم المستورد خلال هذه السنة، كما هو الحال بالنسبة للعديد من دول العالم، مستويات استثنائية ستؤدي إلى تدهور كبير للقدرة الشرائية وتراجع مردودية بعض القطاعات الإنتاجية. وبالتالي، يتعين على السياسات العمومية المتخذة أن تعطي الأولوية لدعم القدرة الشرائية واستهداف القطاعات الاقتصادية التي ستساعد دوران عجلة الاقتصاد.
وحذر التقرير كذلك من أن الوضعية الاقتصادية ستتأثر بشكل كبير جراء الجفاف الذي عرفه الموسم الفلاحي الحالي، حيث يواجه القطاع الفلاحي تحديات كبيرة، خاصة الإشكالية البنيوية للتغير المناخي والتي تعكسها تقلبات درجات الحرارة وندرة التساقطات المطرية التي تؤثر على المحاصيل الزراعية والأمن الغذائي.
وهكذا، يتعين اتخاذ تدابير ملائمة لمكافحة هذه التأثيرات، نظرا للمكانة المهمة التي يحتلها قطاع الفلاحة في الاقتصاد المغربي.
وأكدت كذلك أن المغرب سيعزز مجهوداته في أفق بلوغ أهداف التنمية المستدامة، التي تشكل محورا رئيسيا للنموذج التنموي الجديد، خاصة في ما يتعلق بمواجهة التغيرات المناخية وتداعياتها. ويتعين بالتالي، تشجيع الزراعات القادرة على مواجهة هذه الصعوبات والتي تضمن الأمن الغذائي مع الحفاظ على الموارد المائية.


الكاتب : عبد الحق الريحاني

  

بتاريخ : 16/07/2022