راهن الرئيس الفرنسي ايمانييل ماكرون على إغلاق حدود بلاده الخارجية ومسؤولية الفرنسيين من أجل تجنب إغلاق وطني ثالث، من أجل احتواء انتشار وباء كورونا، وهو ما اعتبره البعض مقامرة سياسية في حالة تعرض رهانه للفشل.
وعلى خلاف ما توقعه الرأي العام نفسه، وبخلاف توقعات ونصائح أكبر مستشاريه في المجال الصحي، اختار الرئيس الفرنسي تجنب إغلاق شامل لبلاده، رغم الأرقام المقلقة القادمة من المستشفيات،وارتفاع عدد الحالات المصابة بوباء كورونا والتي تتجاوز 24 ألف حالة يوميا.
وراهن في قراره الجديد والمخالف لما طالب به مسؤولو الصحة، الذين أجمعوا عن تخوفاتهم وقلقهم بعد ازدياد عدد المصابين بالوباء وامتلاء المستشفيات بسبب انتشار الوباء في شكله البريطاني، والسقوط في السيناريو الذي تعرضت له بلدان مجاورة مثل بريطانيا والبرتغال اللتين اضطرتا إلى إعلان إغلاق شامل بعد أن سمحا بحرية كبيرة أثناء أعياد نهاية السنة.
واختارت فرنسا بدل الإغلاق الشامل، تشديد القيود المفروضة أصلا على السفر والتسوق . وهو اختيار مختلف عن ذاك الذي سلكه بعض البلدان المجاورة،في وقت تنتشر فيه النسخة البريطانية المتحورة والأكثر عدوى بشكل متسارع في أنحاء أوروبا.
وقال وزير الصحة أوليفييه فيران لصحافة بلده الأحد الماضي :»كل شيء يؤشر إلى احتمال وقوع موجة جديدة من الإصابات جراء النسخة المتحورة، لكن لعل بإمكاننا تجنبها بفضل الإجراءات التي قررناها في وقت مبكر والتي يحترمها الفرنسيون».
وفرضت الحكومة الفرنسية حظرا ليليا للتجول، بعدما انتهى الإغلاق الثاني في ديسمبر، بينما لايزال عدد الوفيات البالغ حوالي 250 يوميا أقل من ربع الأعداد المسجلة في كل من بريطانيا أو ألمانيا.
وحسب مصادر من الإليزيه، فماكرون يشعر بالقلق من تداعيات فرض إغلاق آخر، بينما تحاول البلاد جاهدة التعامل مع التداعيات النفسية لنحو عام من القيود، إلى جانب الركود العميق على المستوى الاقتصادي.
وثمة عامل مشجع آخر هو الأدلة التي تفيد بأن البلد قد يتمكن من احتواء العدد اليومي الجديد للإصابات إذا بقيت على مستواها الحالي عند نحو 24 ألفا بدون الحاجة للجوء إلى إغلاق المتاجر والمدارس ومنع السفر داخليا.
ونقلت الصحافة عن ماكرون قوله للوزراء خلال اجتماع الجمعة الأخيرة «حتى وإن كان المسار ضيقا، فعليك أن تسلكه».ويرجح البعض أن تكون صور أعمال الشغب التي شهدتها هولندا الأسبوع الماضي أثرت على موقفه.
ولكن عبر مخالفته حدس وزير الصحة فيران وغيره من أعضاء مجلسه العلمي الذي يتولى ملف كورونا، يأخذ ايمانييل ماكرون على عاتقة مسؤولية تحمل قرار قد تكون نتائجه عكسية.
هذا الاختيار السياسي بعد الإغلاق الشامل، كان للرئيس الفرنسي وتحمل فيه المسؤولية السياسية على خلاف رأي الوزير الأول جان كاستيكس ووزير الصحة اوليفيي فيران والمستشارين في المجال الصحي، وذلك لتجنب إغلاق آخر، نظرا للتداعيات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية» لتدابير الإغلاق.
ونصت القيود الجديدة التي تم إقرارها الجمعة على إغلاق مراكز التسوق الكبيرة ومنع السفر غير الضروري إلى فرنسا من خارج الاتحاد الأوروبي اعتبارا من الأحد.
ويشير العديد من الخبراء، نقلا عن دراسات تمت منذ ظهور الوباء، إلى أن فرض تدابير إغلاق مبكرة هي الطريقة الأكثر فعالية، لأن مدتها عادة ما تكون أقصر وتخفض من حجم الضرر الاقتصادي بالمجمل. . وهو ما يعتبر تناقضا في حد ذاته،أي أن الفرنسيين يريدون الإغلاق الشامل لكن مع الإبقاء على كل المرافق مفتوحة خاصة المدارس والمتاجر غير الضرورية.
لكن مصداقية الحكومة ووضوح رسائلها على المحك قبل 15 شهرا فقط من الانتخابات الرئاسية التي يتوقع أن يواجه ماكرون فيها زعيمة اليمين المتشدد مارين لوبين التي يزداد حضورها بقوة.
وفي وقت يسعى فيه للفوز بولاية ثانية، ستتركز الأنظار على سجل الرئيس الفرنسي في طريقة إدارته لأزمة الفيروس بما في ذلك تدابير الإغلاق وحجم الدعم الاقتصادي وحملة التطعيم.
مقامرة سياسية
ومن جهتها، اعتبرت وكالة فرانس بريس الأمر مقامرة سياسة، إذ كتبت تقول إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قامر عبر رفضه فرض إغلاق وطني ثالث لاحتواء كوفيد-19، وهو أمر جاء بخلاف التوقعات ونصائح أكبر مستشاريه العلميين.
وفضل الرئيس البالغ 43 عاما تشديد القيود المفروضة أصلا على السفر والتسوق خلال اجتماع لحكومته عقد الجمعة بعد أسبوع، بدا أن حكومته كانت تمهد خلاله لإغلاق جديد.
ووضعت الخطوة فرنسا على مسار مختلف عن ذاك الذي سلكته جارتاها الكبيرتان بريطانيا وألمانيا في وقت تنتشر فيه النسخة البريطانية المتحو رة والأكثر عدوى من الفيروس بشكل متسارع في أنحاء أوروبا.
وقال وزير الصحة أوليفييه فيران لصحيفة «جورنال دو ديمانش» الأحد «كل شي يؤشر إلى احتمال وقوع موجة جديدة (من الإصابات) جراء النسخة المتحو رة، لكن لعل بإمكاننا تجنبها بفضل الإجراءات التي قررناها في وقت مبكر والتي يحترمها الفرنسيون».
وأشار إلى أنه بخلاف الحال في دول أخرى، فإن عدد الإصابات الجديدة بفيروس كورونا بالكاد ارتفع الأسبوع الماضي، متحدثا عن مؤشرات أخرى مطمئنة على غرار عدم الزيادة في آثار الفيروس التي تم كشفها في مياه الصرف الصحي.
ونقلت «جورنال دو ديمانش» عن ماكرون قوله للوزراء خلال اجتماع الجمعة «حتى وإن كان المسار ضيقا، فعليك أن تسلكه».
وأضاف «عندما تكون فرنسيا، تملك كل ما تحتاج اليه للنجاح شرط أن تتجرأ وتجرب».
ويرجح البعض أن تكون صور أعمال الشغب التي شهدتها هولندا الأسبوع الماضي أثرت على موقفه.
ولكن عبر مخالفته حدس وزير الصحة فيران وغيره من أعضاء مجلسه العلمي الذي يتولى ملف كورونا، يأخذ ماكرون على عاتقة مسؤولية تحمل قرار قد تكون نتائجه عكسية.
وعنونت «جورنال دو ديمانش» على صفحتها الأولى «لماذا قال ماكرون +لا+»، ما يعني أنه لن يكون هناك أي التباس مستقبلا بشأن الشخصية المسؤولة عن نتائج القرار إيجابية كانت أم سلبية.
ونصت القيود الجديدة التي تم إقرارها الجمعة على إغلاق مراكز التسوق الكبيرة ومنع السفر غير الضروري إلى فرنسا من خارج الاتحاد الأوروبي اعتبارا من الأحد.
ويشير العديد من الخبراء، نقلا عن دراسات منذ ظهور الوباء، إلى أن فرض تدابير إغلاق مبكرة هي الطريقة الأكثر فعالية لأن مد تها عادة تكون أقصر وتخفض من حجم الضرر الاقتصادي بالمجمل.
وقال مستشار للرئيس لفرانس برس طالبا عدم الكشف عن هويته «نقوم بكل ما يمكن لتجنب إغلاق آخر، نظرا للتداعيات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية» لتدابير الإغلاق.
وأظهر استطلاع نشرته «جورنال دو ديمانش» الأحد أن 36 في المئة فقط أعربوا عن ثقتهم بطريقة تعامل الحكومة مع الأزمة مقابل 64 في المئة.
واتهمت لوبن الحكومة بالتصر ف «ككلب ميت يطوف بينما يحركه مجرى المياه»، مستعيرة عبارة استخدمت للمرة الاولى خلال سنوات الحروب والاضطرابات التي شهدتها فرنسا في عهد الجمهورية الثالثة.
وقالت الأسبوع الماضي «لدينا شعور بأننا نقذف (من مكان لآخر) بدون أن نترقب إطلاقا وبدون أن ننظر إلى الأمام وبدون اتخاذ أي قرارات تسمح لنا بتجنب، عندما يكون الأمر ممكنا، إغلاق أول وثان وثالث».
لكن عندما يتعلق الأمر برفض تدابير الإغلاق، يبدو أن الرأي العام يخالف ماكرون ولوبن على السواء.
وأظهر استطلاع لـ»جورنال دو ديمانش» الأحد أن 60 في المئة من المستطلعين يفضلون فرض إغلاق، لكن معظمهم يؤيد بقاء المدارس والمتاجر غير الأساسية مفتوحة.