اكتشافات أثرية في المغرب تعيد كتابة تاريخ الحياة وترسم خارطة جديدة لتطور البشر -12-

من الماضي إلى الحاضر، كيف تكشف الحفريات أسرار تغير المناخ؟

يعد المغرب واحدا من أغنى دول العالم بالمستحاثات، حيث تُخزّن أرضه تاريخا جيولوجيا يمتد لمئات الملايين من السنين، توثق تطور الحياة على كوكب الأرض.
فمن أعماق بحار العصر القديم إلى سهول العصر الطباشيري، ومن آثار الكائنات الدقيقة إلى حفريات الديناصورات، يقدم المغرب نافذة فريدة لاستكشاف العصور السحيقة.
تتميز التكوينات الجيولوجية المغربية بثرائها في أنواع مختلفة من الأحافير، بدءا من التريلوبيتات والأسماك المتحجرة التي تعود إلى العصر الأردوفيشي، وصولا إلى الزواحف البحرية والديناصورات الضخمة من العصر الطباشيري.
وقد كشف العلماء في مواقع مثل طاطا وأرفود وسفوح الأطلس عن حفريات لديناصورات نادرة، مثل “سبينوصور المغرب”، وهو أحد أكبر الديناصورات المفترسة المعروفة.
لكن الاكتشاف الأكثر إثارة كان في جبل إيغود، حيث تم العثور على أقدم بقايا للإنسان العاقل، مما أعاد رسم خارطة تطور البشر.
وتعد الصحراء المغربية مصدرا رئيسيا لمستحاثات بحرية فريدة، مثل الأمونيتات والأسماك المتحجرة، التي تحكي قصة المحيطات القديمة التي غمرت المنطقة.
وبينما يسهم المغرب بشكل بارز في الأبحاث الحفرية العالمية، تواجه هذه الثروة الطبيعية تحديات كبرى، مثل تهريب المستحاثات وغياب قوانين صارمة لحمايتها. ورغم ذلك، فإن استمرار الاكتشافات العلمية في البلاد يجعل من المغرب مختبرا طبيعيًا مفتوحا، يروي فصولا جديدة من قصة الحياة على الأرض.

تعتبر الحفريات أرشيفًا طبيعيًا يحتفظ بسجلات مفصلة عن تاريخ الأرض، ليس فقط من حيث تطور الكائنات الحية، ولكن أيضًا من حيث التغيرات المناخية التي شهدها الكوكب عبر ملايين السنين. في المغرب، حيث تتنوع البيئات الجيولوجية من الصحاري إلى السواحل، تقدم الحفريات رؤى قيّمة حول كيفية استجابة الكائنات الحية والأنظمة البيئية للتغيرات المناخية القديمة. يساعد تحليل الحفريات في فهم تغير المناخ القديم، مما يساهم في تطوير دراسات المناخ الحالية واستشراف المستقبل.
الحفريات ليست مجرد بقايا لكائنات منقرضة، بل هي أيضًا أدلة على الظروف البيئية التي عاشت فيها هذه الكائنات. دراسة حفريات النباتات القديمة تكشف عن مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، بينما توفر حفريات الكائنات البحرية معلومات عن درجات حرارة المحيطات ومستوياتها. وفقًا لدراسة نشرت عام 2019، ساهمت حفريات العوالق البحرية المكتشفة في المغرب في فهم التغيرات المناخية خلال العصر الطباشيري.
في منطقة خريبكة، حيث توجد صخور الفوسفاط الغنية بالحفريات، اكتشف العلماء بقايا كائنات بحرية تعود إلى ما يقرب من 70 مليون سنة. تشمل هذه الحفريات الأسماك والقشريات والزواحف البحرية، مما يكشف عن بيئة بحرية دافئة كانت سائدة في ذلك الوقت. أظهرت الأبحاث أن المنطقة شهدت تقلبات مناخية حادة، بما في ذلك فترات من الاحترار العالمي، مما يبرز أهمية دراسة هذه السجلات الطبيعية لفهم التغيرات المناخية الحالية.


الكاتب : n جلال كندالي

  

بتاريخ : 14/03/2025