اكتشافات أثرية في المغرب تعيد كتابة تاريخ الحياة وترسم خارطة جديدة لتطور البشر -18-

المغرب أرض الأحافير بامتياز

 

يعد المغرب واحدا من أغنى دول العالم بالمستحاثات، حيث تُخزّن أرضه تاريخا جيولوجيا يمتد لمئات الملايين من السنين، توثق تطور الحياة على كوكب الأرض.
فمن أعماق بحار العصر القديم إلى سهول العصر الطباشيري، ومن آثار الكائنات الدقيقة إلى حفريات الديناصورات، يقدم المغرب نافذة فريدة لاستكشاف العصور السحيقة.
تتميز التكوينات الجيولوجية المغربية بثرائها في أنواع مختلفة من الأحافير، بدءا من التريلوبيتات والأسماك المتحجرة التي تعود إلى العصر الأردوفيشي، وصولا إلى الزواحف البحرية والديناصورات الضخمة من العصر الطباشيري.
وقد كشف العلماء في مواقع مثل طاطا وأرفود وسفوح الأطلس عن حفريات لديناصورات نادرة، مثل “سبينوصور المغرب”، وهو أحد أكبر الديناصورات المفترسة المعروفة.
لكن الاكتشاف الأكثر إثارة كان في جبل إيغود، حيث تم العثور على أقدم بقايا للإنسان العاقل، مما أعاد رسم خارطة تطور البشر.
وتعد الصحراء المغربية مصدرا رئيسيا لمستحاثات بحرية فريدة، مثل الأمونيتات والأسماك المتحجرة، التي تحكي قصة المحيطات القديمة التي غمرت المنطقة.
وبينما يسهم المغرب بشكل بارز في الأبحاث الحفرية العالمية، تواجه هذه الثروة الطبيعية تحديات كبرى، مثل تهريب المستحاثات وغياب قوانين صارمة لحمايتها. ورغم ذلك، فإن استمرار الاكتشافات العلمية في البلاد يجعل من المغرب مختبرا طبيعيًا مفتوحا، يروي فصولا جديدة من قصة الحياة على الأرض.

يُعتبر المغرب أرضًا مثالية للحفاظ على الحفريات، وذلك بفضل تنوعه الجيولوجي الفريد. من الصحاري الشاسعة إلى السواحل الغنية بالصخور الرسوبية، تُقدم أراضي المغرب سجلات أحفورية تعود إلى ملايين السنين. هذا التنوع الجيولوجي، الذي يتراوح بين السلاسل الجبلية والصحاري والسهول الساحلية، يوفر بيئات رسوبية مثالية لحفظ الحفريات.
على سبيل المثال، تحتوي صخور الفوسفاط في منطقة خريبكة على حفريات بحرية تعود إلى العصر الطباشيري، بينما تكشف الصحاري في أطلس الصغير عن حفريات ديناصورات تعود إلى العصر الجوراسي. هذه المناطق، وغيرها الكثير في المغرب، تُعتبر من أغنى المواقع الأحفورية في العالم، حيث تُقدم للعلماء نافذة على الحياة القديمة وتطور الكائنات الحية عبر الزمن.
تلعب الظروف المناخية في المغرب دورًا كبيرًا في حفظ الحفريات. فالجفاف وقلة الأمطار في المناطق الصحراوية يساعد على منع تحلل بقايا الكائنات الحية، مما يسمح بحفظها لفترات طويلة. بالإضافة إلى ذلك، تُسهم الرياح القوية في كشف الطبقات الرسوبية، مما يُسهل عمليات التنقيب. هذه الطبقات الرسوبية تُعتبر أرشيفًا طبيعيًا يحتفظ بسجلات مفصلة عن تاريخ الأرض، حيث تحتوي على حفريات تعود إلى عصور جيولوجية مختلفة.
من بين الاكتشافات الأكثر إثارة في المغرب، اكتشاف حفريات كاملة تقريبًا لديناصور “السبينوصور” في منطقة أطلس الصغير. هذا الاكتشاف أظهر أن هذه الكائنات كانت قادرة على العيش في البيئات المائية، مما يُعد إضافة هامة إلى فهمنا لتطور الديناصورات وتكيفها مع البيئات المختلفة.
على الرغم من هذه الظروف الجيولوجية والمناخية المثالية، يواجه الحفاظ على الحفريات في المغرب عدة تحديات. من بين هذه التحديات، تهريب الحفريات إلى الخارج، ونقص التمويل والمعدات الحديثة، مما يُعرقل البحث العلمي المحلي. هذه التحديات تتطلب اتخاذ إجراءات فعالة لحماية التراث الأحفوري المغربي وضمان استمرار البحث العلمي في هذا المجال.
لتعظيم فوائد التنوع الجيولوجي المغربي، يجب تعزيز الجهود لحماية التراث الأحفوري، بما في ذلك إنشاء متحف وطني للحفريات وتعزيز التشريعات المحلية لمكافحة تهريب الحفريات. هذه الجهود تُعد ضرورية لضمان بقاء المغرب مركزًا عالميًا لعلم الحفريات، والإسهام في كشف أسرار الحياة القديمة.


الكاتب : n جلال كندالي

  

بتاريخ : 21/03/2025