عن منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية عين الشق الدار البيضاء، أصدرت «باب الحكمة» بتطوان رحلة الدكتور الطيب بياض تحت مسمى «اكتشاف الصين.. رحلة أكاديمي مغربي إلى أرض التنين»، حيث يتعلق الأمر بنص رحلي نفيس يؤكد نبوغ المغاربة وبراعتهم في التأليف الرحلي، وبراءة اختراعهم في اكتشاف الصين، على خطى ابن بطوطة الطنجي.
قدم لهذه الرحلة الشيقة الأستاذ عبد المجيد الجهاد، المدير المغربي لمعهد كونفوشيوس بالدار البيضاء، وهو يعدد مزايا هذه الوثيقة الرحلية، ويشدد على قيمتها العلمية. ذلك أنه، وعلى الرغم من أن هذه الرحلة الاستكشافية للصين جاءت «تحت الطلب»، بدعوة من الحزب الشيوعي الصيني الحاكم لنخبة مختارة من بين «المؤثرين وصناع الرأي»، في بلدان إفريقيا، قصد وضعهم في صورة التحولات العميقة التي تشهدها الصين منذ أزيد من ثلاثة عقود، بغاية نقلها بأمانة إلى أهاليهم، فإن الطيب لم يسقط في أسلوب التمجيد والإطراء، بل تجده ينظر إلى التجربة الصينية المعاصرة بعين المحلل الأكاديمي الفاحص لموضوعه بتحقيق وتدقيق».
ورغم الطابع الأدبي للنص الرحلي، بما هو سردية للشهادة والمشاهدة والتعرف والاكتشاف، لم يتخل الطيب بياض عن نزوع المؤرخ في الاستدلال، واعتماد الوثيقة شاهدا تاريخيا على الرحلة، من خلال إيراد عدد من الوثائق والقصاصات الصحافية والصور التي توثق لمختلف الوقائع والأحداث والفضاءات التي مر منها الرحالة المعاصر في بلاد الصين. مثلما شيد الطيب بياض نصه الرحلي بمنهجية الباحث الأكاديمي، فخصص المبحث الأول للحديث عن سياق الرحلة، أتبعه بمبحث عن لحظة شد الرحال، وشرطها التاريخي. أما المبحث الثالث فكان عن لحظة الوصول والنزول بأرض الصين، وبمدينتها شينزين، في رمضان الأخير، قبل انتشار وباء كوفيد 19، إن سمح لنا الدكتور الطيب بياض بالتأريخ للأحداث المعاصرة بما قبل وما بعد الوباء… ومنذ هذا الفصل، صرنا أمام لغة أدبية رفيعة مكتوبة بوعي تاريخي دقيق وحس نقدي عميق. بينما سيختم الطيب بياض هذه الرحلة الجديدة والفريدة بملحقين، ضمن هذا المنزع الأكاديمي في التأليف الرحلي،
سوى أن رحلة بياض ليست رحلة مشتاق إلى اختراق الآفاق فقط، ولكنها رحلة علمية وزيارة منظمة. وهنا، يكون للرحلة برنامج عمل، وخارطة طريق من أجل اكتشاف الصين، ضمن مبادرة تشكل جزءا من مشروع طريق الحرير الجديد كما أطلقته الصين، خلال السنوات الأخيرة. وهكذا، يقودنا الرحالة إلى مرافقته من جديد في زيارة خاصة للمعرض الدولي لصناعة البيانات الضخمة في الصين، كما نرافقه في لقاء خاص مع رئيس مكتب الحد من الفقر في إقليم قويتشو، ونحل معه ضيوفا على شركة تراك أليانس تكنولوجي، كما نحضر معه اجتماعا مع اتحاد الشباب في الإقليم، ثم إلى زيارة خاصة نحو منطقة تشيان شي الريفية، وصولا إلى بكين، عاصمة الصين، والقلب النابض لبلاد التنين. وهنا، ستكون للرحالة زيارات ومشاهدات ولقاءات في رحاب متحف القصر الملكي، وصولا إلى المتحف الوطني، نزولا عند سوق الحرير، مرورا بمدرسة تكوين الأطر والكفاءات الشيوعية، وقوفا عند سور الصين العظيم…