الأخوات والإخوة المؤتمرين والمؤتمرات،
نلتقي اليوم في لحظة حزبية تتجاوز الطابع التنظيمي، لحظة نُعيد فيها تأكيد انتمائنا لمشروع نضالي عميق، ونُعبر عن إرادتنا الجماعية في تجديد الرؤية، وتوسيع الأفق، وتعزيز حضور الاتحاد الاشتراكي كقوة اقتراحية ورافعة للتغيير.
هذا المؤتمر ليس محطة عابرة، بل هو تعبير عن نضج جماعي، واستعداد جماعي لصياغة عرض سياسي وتنظيمي يليق بتاريخنا، ويستجيب لتحديات مغرب اليوم، ويُعيد الاعتبار للفكرة الاشتراكية الديمقراطية كأفق للتحرر والعدالة والكرامة.
الأخوات والإخوة
منذ تشكيل اللجنة التحضيرية في ماي الماضي، انطلقت ورشة جماعية حقيقية، اشتغلت فيها اللجان الموضوعاتية الاحدى عشر بكل جد ومسؤولية، وعقدت أكثر من سبعين اجتماعا، لتُنجز أوراقا نوعية في السياسة، الاقتصاد، الثقافة، قضايا المرأة والشباب، الإعلام الحزبي، والقوانين والأنظمة، والعلاقات الخارجية و ما يهم مغاربة العالم وإذ أتوجه بالشكر والتقدير لكل أعضاء اللجنة التحضيرية على التزامهم الواعي الذي مكن من تحضير ادبي ومادي جيد لمؤتمرنا هذا نعتبر أن هذه الأوراق ليست مجرد تقارير، بل تعبير حي عن نبض الاتحاديات والاتحاديين، وعن رؤيتهم لمغرب اليوم والغد. وقد تم إثراء هذا العمل عبر لقاءات جهوية موسعة بحضور كل المسؤولين الحزبيين بالكتابات الاقليمة ومكاتب الفروع والقطاعات الحزبية وكذا فرق عمل المكتب السياسي، ناقشت الأوراق بعمق، ووسعت دائرة المشاركة، مما عزز شرعية المخرجات وعمق النقاش الداخلي، وجعل من مؤتمرنا لحظة ديمقراطية تشاركية حقيقية.
أيها المناضلون والمناضلات،
ان تزامن مؤتمرنا مع الذكرى الخمسين لاعتماد استراتيجية النضال الديمقراطي، وإصدار التقرير الإيديولوجي للحزب، طرح علينا، في اللجنة التحضيرية أسئلة جوهرية:
هل نحتاج اليوم إلى وثيقة سياسية مرجعية جديدة تؤطر واقعنا المتحول؟
هل لا تزال قراءتنا لثنائية الديمقراطية والتنمية، كما وردت في وثائق الحزب، صالحة لمقاربة تحديات مغرب اليوم؟ أم أن اللحظة تفرض علينا إعادة تركيب عناصر التحليل، دون التفريط في هويتنا التقدمية؟
هذه الأسئلة ليست نظرية، بل هي مفاتيح صياغة عرض سياسي جديد، عقلاني، جريء، متبصر، يُعيد للاتحاد موقعه الطبيعي في قلب المعادلة الوطنية، ويُؤسس لأفق اشتراكي ديمقراطي حداثي.
الأخوات والإخوة
لقد واكب التحضير لهذا المؤتمر مجهود تنظيمي غير مسبوق، تُوج بتنظيم 72 مؤتمرا إقليميا حضرها الآلاف من المناضلات والمناضلين، في مشهد نضالي يُعيد للاتحاد ألقه، ويثبت أن جذوته لا تزال مشتعلة في القواعد والجهات.
نحن لا نُنجز محطة تنظيمية فحسب، بل نُطلق دينامية جديدة، نُراكم فيها الوعي، ونُعيد الاعتبار للفكرة الاتحادية، ونُعيد للسياسة معناها النبيل.
الى جانب المجهود النظري عملت لجنتي الإدارة واللوجستيم دون كلل في سبيل توفير أفض الشروط لانتخاب المؤتمرين وتتبع عملية جدولة الجموع العامة الانتخابير وتوفير وسائل العمل والاستقبال لاكثر من 1600 مؤتمر ومؤتمر تمثل ضمنهم النساء نسبة 21 بالمائة الى جانب تمثيلية مهمة للشباب ولمختلف القطاعات الحزبية.
أيتها الأخوات أيها الاخوة
لقد كان لي شرف ترأس اللجنة التحضيرية، لا بصفتي الفردية، بل كجزء من إرادة جماعية آمنت بأن التفكير التنظيمي لا ينفصل عن العمق الفكري، وأن تجديد الرؤية لا يعني القطيعة مع المبادئ، بل يعني الوفاء لها في سياقات جديدة.
لقد سعيت، مع اخواني وأخواتي، إلى أن يكون هذا المؤتمر لحظة تأسيسية، لا لحظة إدارية؛ لحظة نُعيد فيها الاعتبار للسياسة كفنٍ للإنصات وبلورة ارادتنا الجماعية في استكمال البناء، ونُعيد فيها توطيد الثقة بين الحزب والمجتمع، على قاعدة الوضوح الفكري والجرأة الأخلاقية.
فلنُكمل هذا المسار بعزيمة الاتحاديين الأوفياء، وبروح من لا يخشى التعب لأن الوطن يستحق، ولنجعل من المؤتمر الوطني الثاني عشر نقطة انطلاق جديدة نحو أفق اشتراكي ديمقراطي حداثي، يعيد للاتحاد وهجه، ويعيد للسياسة صدقيتها، ويمنح للأمل ملامحه الواضحة.
عاش الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية
عاش المغرب.