الأدوية بين تخفيف الثقل المادي عن المرضى وبين خطر اختفائها المطلق من الصيدليات

أفرجت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية أول أمس الأربعاء عن لائحة جديدة من الأدوية التي عرفت أسعارها تخفيضا، وهي الخطوة التي تأتي استمرارا لعملية مراجعة أثمنة الأدوية والعمل على تقليصها لتتناسب والقدرة الشرائية للمرضى، وفقا لهاته الفلسفة التي تم طرحها لأول مرة في ارتباط بتسويق الدواء وصرفه على مستوى الصيدليات في المغرب والتي تم ربطها بمرسوم 2013.
اللائحة الجديدة التي ضمت مجموعة من الأدوية التي تتوزع ما بين تلك التي تصرف لعلاج أمراض كارتفاع الكوليسترول، وضغط الدم، وتلك التي تخص السكري والتهاب المفاصل وغيرها، تركت عددا من الملاحظات عند المهتمين بالشأن الصحي عامة والدوائي خاصة، فإذا كانت بعض الأدوية قد عرف سعرها تراجعا بحوالي 3 دراهم لا غير مقارنة بأخرى التي يتجاوز سعر العلبة الواحدة منها الألف درهم والتي تراوح حجم التخفيض الذي طالها ما بين 220 و حوالي 700 درهم، فإن هناك أدوية تقلص ثمنها بنسبة تقدر بحوالي 50 في المئة مقارنة بسعرها السابق، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام، بخصوص هامش الربح الذي ظل المصنّعون المعنيون يجنونه لسنوات والذي يتبين على أنه لم يكن بسيطا، مما يحيل على دور الجهات المختصة وعلى رأسها وزارة الصحة طيلة كل السنوات الفارطة في تحديد سعر الدواء لكي لا يساهم في رفع معاناة المرضى، التي تتجاوز ما هو صحي إلى ما هو اقتصادي واجتماعي.
وتعليقا على هذا القرار الجديد، أكد صيادلة لـ «الاتحاد الاشتراكي» بأن تقليص أسعار الأدوية وتخفيف الثقل المادي عن كاهل المرضى هو أمر محمود ولابد للجميع أن يدعموا كل خطوة تساهم في تحقيق هذا المبتغى. وشدّد المتحدثون على أنه بالمقابل يجب أن يندرج تخفيض ثمن الدواء وفقا لرؤية شمولية، تستحضر كل الفاعلين والمتدخلين في الحقل الدوائي، مؤكدين على أن هامش الربح بالنسبة لصيادلة الصيدليات الذي يختلف تماما عما تم الترويج له في أكثر مناسبة بشكل فيه إساءة مقصودة للصيادلة، سيتراجع بشكل ملحوظ علما بأنه هامش محدود، مما يجب معه أن تقدّم الوزارة الوصية التحفيزات التي سبق التعهد بها من أجل تطوير المرفق الصيدلاني وضمان استمراريته.
وعلاقة بالموضوع نفسه، نبّه المتحدثون إلى أن تقليص أسعار الأدوية يجب ألا يؤدي إلى غيابها عن رفوف الصيدليات، مبرزين كيف أن هناك الكثير من الأدوية التي غابت منذ أشهر بشكل كلّي ولم تعد حاضرة ومتداولة بعد أن طالها قرار تقليص أسعارها، مما يشكّل تهديدا فعليا للأمن الصحي للمغاربة، خاصة تلك التي لا توجد بدائل لها. واعتبرت مصادر «الاتحاد الاشتراكي» أن موضوع خفض أسعار الدواء في بلادنا ليس وليد اليوم لأن النقاش بخصوصه ظل حاضرا لسنوات، خاصة في ظل وجود فوارق كبيرة بين سعر صرف أدوية في المغرب مقارنة بأسعارها في دول أخرى، مما كان يجعل بعض المصنّعين يحققون أرباحا تصل إلى 300 في المئة في بعض الحالات، لكن صمت الجهات المختصة وعدم تدخلها لوضع حدّ لذلك، بما أنها المعنية بتحديد سعر صرف الدواء هو الذي أدى إلى هذا الوضع، وحين حاولت تدارك الأمر تدخلت بشكل أحادي وفق مقاربة تجزيئية، كان لها الكثير من التبعات على الأمن الدوائي للمواطنين، وهو ما تؤكده لائحة الأدوية التي اختفت نهائيا من الصيدليات اليوم، ويعكسه كذلك واقع مهنة الصيدلة الذي يكشف عن أعطاب اقتصادية واجتماعية متواصلة.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 29/08/2025