الأديبة الأردنية إنصاف قلعجي تدرس التجربة الشعرية لحميد سعيد

حركة الحياة مستمرة في ذاكرة موريسكي لا يتعب وعلى أصابعه تستيقظ القصيدة

 

للأديبة الأردنية إنصاف قلعجي، صدر في العاصمة الأردنية عمان، عن «دار هبة ناشرون وموزعون» كتاب جديد بعنوان (تطواف في حدائق الموريسكي) تناولت فيه التجربة الشعرية للشاعر حميد سعيد، مقدمة فيه قراءات مميزة عن تجربة الشاعر الذي يقيم في عمان، منذ كارثة غزو العراق.
قالت المؤلفة في كتابها إن الكتابة عن الشاعر العراقي حميد سعيد تعني أن تضع أصابعك في جمر حرائقه واشتعالاته، وتدخل في أزقة لا تعرف لها خروجاً، وفضاءات تبهرك بنورها وتوهجها. ففي كل ركن اعتزل فيه، وما كانت عزلة بقدر ما كانت ضجيج الروح، ترى بحدسك أشخاصاً ومقاهي بغداد ووجوهاً من الحلّة وقادة عسكريين ومدنا صاخبة وأنهارا وصيادين وطفلاً يضج بالأسئلة في طرقات الحلّة، وجوهاً تحسها من دون أن تراها، فحركة الحياة هناك مستمرة في ذاكرة هذا الموريسكي الذي لا يتعب…
من أجمل ما ضمه الكتاب، وهو كثير، رصد قلعجي للشاعر وهو في «زاويته « في مقهى (فوانيس) العمانية، وهي، كما وصفتها، محراب العاشق، حيث يعيش «حرائق الانتظار وعذابات الكتابة»، يبدو لك مثل غمامة بعيدة، يجلس مع أوراقه وصحفه وفنجان قهوته. تقترب منه، لكنك تحذر أن تتخطى ما هو مسموح به في عالمه. هي قداسة الزاهد المتصوف الذي يختار عزلته لتدخل في «معنى رهبانيات الصمت»، لتستيقظ القصيدة على أصابعه. وحين تنظر إليه، ترى وجهه يشرق وتلتمع عيناه، وترى بغداد تنسكب من عينيه دفقات حزن وحب وتاريخ كان، ويغيب كأنه ارتحل إلى هناك: «لقد فارقت بغداد فما فارقتني، لذا فأنا غير بعيد عنها»… ويضيف: «كنت أظن بأني لو فارقتها سأموت»…
قسمت المؤلفة كتابها إلى ستة أقسام عدا المقدمة، وهذه الأقسام: معضلة الكتابة، «لم يبقَ أحد في البايثين»، الموريسكي الذي لا يتعب، محاورات حميد سعيد في «أولئك أصحابي»، «ما تأخّر من القول»… ليس نهاية القول، وأخيراً إطلالة عبر شبابيك حميد سعيد الجديدة.
كتاب الأديبة إنصاف يُقرأ من الغلاف إلى الغلاف لما احتواه من إثارات وما تناوله من خفايا وأسرار من حياة الشاعر واللغة العذبة النقية التي كتب بها فضلاً عن غوصه عميقاً في مراد الشاعر من القصائد المهمة التي انتقتها قلعجي من شعر حميد سعيد وقدمت لها قراءات في كتابها.

 


بتاريخ : 01/09/2021