كم يحز في النفس ونحن نرى اليوم عددا من رواد فن التمثيل المغربي وهم يتألمون من شدة المرض وألم الفقر والحاجة، بعد أن دخلوا مرحلة أرذل العمر في تجاهل تام ونكران غريب للأوصياء على الفن والثقافة بهذا البلد، وكم كان محزنا ونحن نرى المبدع عبد الرحمان برادي يتشبت بالحياة رغم جبروت المرض والتجاهل والفقر….نعم تحت رحمة العوز والحاجة التي تدمي القلوب و تلغي بجرة قلم رصيدا فنيا زاخرا على امتداد عدة عقود من التضحيات.
واليوم هاهو سي عبد الرحمان يرقد في أقسام العناية المركزة بمصحة الحديقة في الدار البيضاء ، يصارع المرض وحيدا.
ولج فناننا الكبير عالم الفن منذ سنة 1962، كان عمره حينها 14 سنة. انخرط في العمل الجمعوي، التحق بفرقة النجمة الذهبية وهو في ربيعه 17، رفقة الفنان عبد الرحيم التونسي المعروف ب(عبد الرؤوف)، كما اشتغل مع عدة فرق مسرحية بدار الشباب بوشنتوف. وفي سنة 1970، التحق بفرقة الكوميدي والممثل الراحل محمد بن إبراهيم، وكذا مع المخرج المسرحي الراحل محمد سعيد عفيفي بالمسرح البلدي بالجديدة. حيث عمل إلى جانب مجموعة من الفنانين والفنانات اللذين وقعوا على مسار فني كبير، نذكر منهم (سعاد صابر، فاطمة الناجي، شهرمان، محمد الدرهم…). من بين أعمالهم مسرحيات (السوانح، رشمون، لافار،لموليير، عطيل…).قبل ان يعود ليجاور فرقة عبد الرؤوف ويسري شاكر بالدار البيضاء، حيث لعب أدوارا طلائعية في عدة أعمال فنية ( أدب وطرب، شوف واسمع تعرف،حكايات من الفلكلور،ألف ليلة وليلة، كما شار ك في عدة أعمال تلفزيونية وسينمائية. شكل في إحدى فترات حياته الفنية، ثنائيا ساخرا، إلى جانب محمد بن إبراهيم.
االرجل الذي قدم العديد من الأعمال الفنية الكوميدية بسخاء، وأسعد مغاربة المهجر في أكثر من جولة فنية بأوربا، وساهم في التخفيف عن الجنود المغاربة في الجنوب مباشرة بعد استرجاع الصحراء، يعاني التهميش من طرف المسؤولين والساهرين على الشأن الفني والثقافي في المغرب.
لنتذكر فقط… بالشفاء العاجل سي عبد الرحمان.