الأسمنت «يلاحق» غابة عين الشقف بفاس!

تشكل متنفسا طبيعيا للساكنة

 

تعتبر غابة عين الشقف، التي لابتعد عن فاس سوى ببضع كيلومترات، الملاذ الوحيد لسكان فاس ، التي أضحت تفتقر للمساحات الخضراء بعد أن اكتسح الاسمنت جل المناطق الخضراء. فهم يقصدونها للاستجمام أيام العطل الأسبوعية، حيث يقضون بها ساعات طويلة بين أشجارها الباسقة هروبا من الحر القائظ الذي تعرفه فاس صيفا، كما يلجأ إليها في الصباح الباكر من كل يوم هواة رياضة المشي والتسلق لممارسة هوايتهم المفضلة، كما اعتاد أن يقصدها – قبل الوضعية الراهنة – تلاميذ المؤسسات التعليمية والجمعيات الثقافية مرفوقين بمؤطريهم ومؤطراتهم للقيام بأنشطة متنوعة طيلة يوم كامل من المتعة والانشراح.
وحسب مصادرنا فان غابة عين الشقف تبلغ مساحتها 46 هكتارا تقريبا وتمثل فسيفساء من الأشجار الغابوية، منها شجر الصنوبر الحلبي والسرو والاكاسيا و الخروب والسدر وغيرها، ويخترقها نهر تنساب مياهه الرقراقة، متحديا الجفاف الذي تعرفه عدد من المناطق المغربية يحدث خرير مياهه المتدفقة موسيقى تتماهى معها زقزقة العصافير في أعشاشها، كما يتوسطها مركب سياحي يتوفر على مسبح واقامات bangalos ووسائل متعددة للترفية، زيادة على مخيم دولي يستقبل السياح المغاربة والأجانب ، ونظرا لمؤهلاتها الطبيعية فان عدد زوارها يبلغ ما ينيف عن80 ألف زائر سنويا.
ولضمان ظروف أفضل لزوارها للتنزه قامت مديرية المياه والغابات بإعداد طاولات بمقاعد خشبية، كما وضعت حاويات لقمامة الأزبال، كما هيأت ممرات خاصة للمشي ومراحيض للصرف الصحي، وأعدت أماكن لوقوف السيارات بالإضافة إلى علامات للتشوير بالممرات الرياضية، كما أنها أبرمت اتفاقية شراكة لتثمين وتأهيل الغابة بموجب عقد برنامج لسنة 2019 باستثمار إجمالي يبلغ مليونين و 399 ألف درهم في إطارالإستراتيجية التي أطلقتها المديرية الإقليمية للمياه والغابات عبر برامج التدخل الرامية إلى حماية وتطوير تراث الغابات في الجهة والحفاظ على التوازنات البيئية. غير أنه – مع الأسف الشديد – فان أكوام الأسمنت أخذت تلاحق هذا المكسب الطبيعي حيث حوصرت الغابة شرقا وغربا وشمالا وجنوبا بعدد من التجزئات السكنية، وهو ما يهدد العابة بالاندثار واختلال التوازنات البيئية. وفي اتصالنا برئيس جماعة عين الشقف الجيلالي الدوما صرح للجريدة قائلا «ان الغابة كانت قروية وأشجارها غرست بين سنتي 1930و 1950 ويستفيد منها بشكل خاص سكان فاس بحكم طبيعتها الخلابة التي حباها بها الله ، ومع مرور الزمن أصبحت منتزها حضريا يتطلب العناية والصيانة باستمرار وتعويض أشجارها التي شاخت بشتائل حديثة تلافيا لتقلص مساحتها»، ولضمان ذلك أضاف محدثنا قائلا… «ينبغي تفعيل اتفاقية الشراكة التي أبرمت بين جماعة عين الشقف والمجلس الجهوي للسياحة ووكالة الحوض المائي سبو حتى تتحمل كل جهة مسؤوليتها في الحفاظ على هذا المكسب الطبيعي بهدف ضمان استدامة الغابة وتعزيز طاقتها الاستقبالية، وذلك بتطوير مرافقها الترفيهية ومواقف السيارات وتعزيز الجانب الأمني والوقاية من الحرائق ومكافحة التخريب وتعزيز نشر التوعية البيئية وعواقب إشعال النار، بالإضافة إلى تعزيز البنية الثقافية بإقامة مرسم ومعرض للفنانين التشكيليين ومسرح في الهواء الطلق وتعزيز محاربة البناءات الإسمنتية بمحيط الغابة التي تشكل الخزان الطبيعي للأوكسجين لمدينة فاس».


الكاتب : محمد بوهلال

  

بتاريخ : 22/09/2020