الألتراس المغربية الحركة الرياضية ذات الوجوه المتعددة -17- هل تطمح الألتراس إلى تسييس الملاعب ؟

الألتراس المغربية من هي، وإلى أي وسط ينتمي أفرادها، وما الهدف من تكوين هؤلاء الشباب لهاته المجموعات؟ هي مجموعات مكونة من شباب مغاربة من فئات اجتماعية وثقافية مختلفة، معظمهم ينحدر من أوساط شعبية، اجتمعوا على حب وتشجيع فريق واحد، لا تتحدد أعمارهم في عمر معين، وتختلف أجناسهم وأعراقهم وأصولهم، وعلاوة على شغف اللعبة الذي يتملكهم، فاختلافاتهم تتوحد وتتقوى لتكون روابط متماسكة ومشتركة، تؤطرهم مقومات عدة؛ كالوفاء والولاء وحس الانتماء …

هل خلقت الألتراس فضاء جديدا للتعبير دون نية مبيتة لتسييس الملاعب وتبني خطاب بحمولات معينة؟ يقول أوسكار وايلد:” أعطني قناعا وسأقول الحقيقة”.
يتخفى ويذوب عناصر الألتراس في مجموعاتهم، لتنبعث هذه القوة الهادرة، التي تبوح بحقيقة همومها وهواجسها. قد يكون فعلا احتجاجيا لا شعوريا لحظيا، لكنه يدعو لإصغاء الجميع. فبعض الأحزاب أبدعت في الهروب إلى الأمام، بإعلانها ضرورة الانتباه للأشكال الاحتجاجية الجديدة، متناسية مسؤوليتها في انتقال الفعل الاحتجاجي من فضاءاته -التقليدية على الأقل- إلى الملاعب.
أثبتت حملة المقاطعة الأخيرة أن المواطنين يبحثون عن أشكال احتجاجية جديدة. بل أكثر من ذلك، نزعم أن المواطن ينحو نحو فضاءات جديدة للاحتجاج… فبغض النظر عن مآل الحملة، انتشارها في مواقع التواصل الاجتماعي جعل لها عمرا مديدا. الأمر ينطبق أيضا على الأغاني التي مازلت تصدح ليومنا هذا في الملاعب.
الخسائر الاقتصادية التي تكبدتها الشركات المقاطَعة، والصدى الطيب الذي استقبل به العالم أغاني الألتراس المغربي، قد يكونا حافزا للإبداع في خلق أشكال احتجاجية جديدة.
هذا الانتقال لفضاء الفعل الاحتجاجي، خلق” توجسا” لدى السلطات، حيث إلى حدود الآن فرضت السلطات على الفصائل المشجعة، تقديم مضمون” التيفو” قبل تثبيته في الملعب، للموافقة عليه، وذلك على خلفية الضجة التي خلقها تيفو الغرفة 101.
تبرأ فصيل غرين بويز المساند لفريق الرجاء البيضاوي من كل التأويلات السياسية للتيفو، معتبرا إياه مجرد تجسيد لما اعتبروه هيمنة تاريخية لفريقهم على غريمهم نادي الوداد الرياضي: لكن أغلب المنابر الإعلامية المغربية،” أصرت” على إعادة طرح النقاش حول تسييس الفصائل المشجعة.
فهل تحول الملعب الرياضي في المغرب إذن، إلى فضاء جديد للاحتجاج؟ احتجاج لجيل جديد لم يعش الزخم السياسي الذي طبع عهد الحسن الثاني، لكنه أثبت منذ احتجاجات ”20 فبراير”، أنه يمتلك ثقافة سياسية رغم عدم تحزبه. شباب الألتراس، هم جزء من هذا الشباب الذي يتوق للتعبير بحرية عن مكنوناته وهمومه.
هذه المرحلة، من حملة المقاطعة إلى أغاني الألتراس، تحتاج الانكباب حول دراستها بشكل متعمق ودقيق. لكن ألا يشكل الاحتجاج في الملاعب، تكريسا لثقافة الكسل وانهزامية المواطن، بفعل العزوف عن الأحزاب والجمعيات، والاكتفاء باحتجاج لحظي قد يكون مجرد نتيجة لأسباب نفسية وسوسيولوجية تحدثنا عنها سلفا؟


الكاتب : إعداد: مصطفى الناسي

  

بتاريخ : 30/03/2024