سجلت الرياضة الوطنية خلال مشاركتها في الدورة 19 من ألعاب البحر الأبيض المتوسط، التي جرت في الآونة الأخيرة بمدينة وهران الجزائرية، حصيلة جيدة إجمالا، حيث بلغت 33 ميدالية، ثلاث منها من المعدن النفيس، مقابل 13 فضية و 17 فضية، احتلت بها الرتبة 15.
وكان من الممكن أن تكون الحصيلة أفضل لو حظي المشاركون المغاربة، خاصة في رياضتي الملاكمة والجيدو، بالإنصاف المطلوب، إذ تعرض كثير من رياضيينا لظلم تحكيمي مقصود، خاصة خلال مواجهتهم للأبطال الجزائريين، حيث كانت كفتهم خفيفة، وهو أمر لم يقتصر على المشاركين المغاربة فقط.
وفضلا عن التحكيم غير العادل، عانى الرياضيون، والوفد المغربي عامة من عدة استفزازات، واعتداءات ممنهجة، نجملها في خمس نقط.
الصحافيون يتحولون
إلى «جواسيس»
شكلت واقعة منع تسعة صحافيين، كانوا مرشحين لتغطية المشاركة الوطنية في هذه البطولة المتوسطية، مفاجأة كبيرة، تناقلت تفاصيلها كبريات المحطات الإعلامية الدولية.
ولم يصدق الزملاء هشام بنتابت، الصحافي بيومية العلم، وإدريس دحاني من موقع هبة بريس، ومحمد العدلاني، المصور الصحافي بجريدة الأحداث المغربية، وسارة حياني من يومية «لومتان» وأمين مرجون من أسبوعية «المنتخب» الرياضية، وأمين أوباها من موقع «snrt news» وعادل الرحموني من إذاعة «مدينا أف أم» والمصطفى ياسين من يومية «لوبنيون»، وحمزة اشتيوي عن موقع «هيسبريس، لم يصدقوا أنفسهم وهم يطأون أرضية مطار وهران الجزائري، في السادسة والنصف من مساء الأربعاء (22 يونيو 2022)، بعد رحلة طويلة، انطلقت من مطار محمد الخامس في السابعة صباحا مرورا بتونس بسبب غلق الأجواء الجزائرية في وجه الطائرات المغربية، حين اكتشف هؤلاء الزملاء أنهم فقدوا صفتهم الإعلامية وتحولوا إلى «جواسيس»، بعدما حظرت السلطات الجزائرية دخولهم إلى أراضيها، «خوفا على وحدة الوطن»، حسب زعمها، وحفاظا على السير العادي لبطولة ألعاب البحر الأبيض المتوسط.
لقد وجد هؤلاء الصحافيون التسعة أنفسهم عالقين لأزيد من 24 ساعة بمطار وهران، قبل أن يتم ترحيلهم صوب تونس، في مشهد لا إنساني أعاد إلى الأذهان واقعة طرد آلاف المغاربة من الجزائري يوم عيد الأضحى من سنة 1975.
فبعد الوصول إلى مطار وهران طلب من الزملاء الجلوس بمكان محاذي لمخفر أمني بالمطار لمدة ست ساعات، قبل أن يتم نقلهم إلى قاعة أخرى، بعدما فضحهم الزي الرياضي الوطني، الذي كانوا يرتدونه إسوة بباقي أعضاء الوفد المغربي، ما خلف استغراب باقي الوفود المشاركة التي كانت تتقاطر على المطار، وكثرة أسئلتهم عن سبب «احتجاز المغاربة»، الذين سحبت منهم حتى جوازات سفرهم.
ورغم مساعي أعضاء الوفد المغربي بوهران والاتصالات التي تم القيام على مستوى القنصلي بالجزائر، لم يسمح للزملاء بتخطي حدود المطار، ليتقرر في النهاية ترحيلهم، حيث عادوا إلى تونس، ومنها إلى المغرب.
والغريب في الأمر أن تعليقات الجزائريين على قرار المنع كانت مؤيدة له، رغم أن الوفد الإعلامي المغربي حل بأرض الجزائر في مهمة إعلامية محضة، وكان في مقدمة المعلقين، والمطبلين، كعادته، حفيظ الدراجي، رغم أنه كان قد حل في فترة سابقة، في ضيافة الزميل حمزة اشتيوي، واستضافه بكرم حاتمي، « قبل أن يصفه رفقة زملائه في تدوينة له بـ»عملاء» المخابرات المغربية.
خريطة الألعاب من دون المغرب
قامت اللجنة المنظمة الجزائرية للألعاب المتوسطية بإزالة خارطة المملكة المغربية بشكل كامل خلال حفل افتتاح الألعاب المتوسطية، التي استضافتها وهران خلال الفترة ما بين 25 يونيو و 05 يوليوز 2022.
وأظهر البث المباشر على شاشة القنوات التلفزية، التي نقلت الحفل الافتتاحي، خارطة كافة الدول المتوسطية، المشاركة في الألعاب، باستثناء المغرب وإسبانيا، الأمر الذي خلف استياء كبيرا، حيث وصفته كثير من التعليقات بالأمر المقصود.
وأشارت العديد من المواقع الإلكترونية إلى أن هذه الواقعة خلفت استياء في صفوف اللجنة الدولية لألعاب البحر الأبيض المتوسط، والتي وجهت انتقادات شديدة للجنة المنظمة الجزائرية، حيث اعتبرت أن حفل افتتاح الألعاب، «لم يكن سوى صورة موجهة للخارج ولم يتم فيه استحضار البعد المتوسطي»، معبرة عن أسفها لأوجه القصور في القضايا التنظيمية الهامة والأساسية، ما خلف انطباعا سلبيا لدى أفراد عائلة البحر الأبيض المتوسط.
التحكيم يرفض
عدم الانحياز
فاجأ الحكم الجزائري محمد بسمي الحضور عند نهاية نزال الملاكمة المغربية أميمة بلحبيب أمام الفرنسية لمياء بنمسهل، حين أعلن فوز الأخيرة رغم خسارتها.
وتراجع الحكم الجزائري عن قراره، بتنبيه من حُكام تقنية الفيديو والطاقم التقني الوطني، ليعلن عن فوز الملاكمة المغربية، التي فرضت سيطرتها على منافستها الفرنسية، وتفوقت في مجموع الجولات.
وأفادت صحف محلية أن الحكم برر خطأه بعدم الاستماع إلى نتيجة لجنة التحكيم بشكل جيد عند انتهاء النزال، وهذا ما أوقعه في الخطأ.
ولم يقف الأمر عند حدود الخطأ، بل تعداه إلى درجة القصد، ولاسيما في مباراة الملاكمة شيماء غدي أمام الجزائرية هدجيلة خليف في نهائي وزن أقل من 60 كلغ، حيث تم منح الفوز للجزائرية بتنقيط الحكام 2 – 1، كما أن حكم الحلبة الجزائري أعطى إنذارين للمغربية، ما سهل انتصار الملاكمة الجزائرية.
وفي نزال الملاكم المغربي حمزة البربري في نصف نهائي وزن أقل من 69 كلغ، منح الحكام الفوز للملاكم الجزائري 2 – 1، رغم تفوق البربري على الحلبة، ما أثار احتجاج الطاقم التقني الوطني، الذي أبدى استيائه لحرمان الملاكم المغربي من فرصة التنافس على الميدالية الذهبية.
وحرم البطل الشاب حسن الدكالي من الانتصار في نهائي وزن أقل من 73 كلغ، حيث كان متقدما بوازاري، قبل أن يمنح الحكام الفوز للجزائري بحركة إيبون خيالية، قبل 52 ثانية من نهاية النزال.
الجمهور يساند
الجميع إلا المغرب
خلفت مباراة الترتيب في مسابقة كرة القدم، والتي جمعت المنتخب الوطني المغربي لأقل من 18 سنة بنظيره التركي، من أجل الفوز بالميدالية النحاسية، استياء في صفوف جماهير كرة القدم المغربية.
لقد كانت الجماهير الجزائرية في هذه المباراة إلى جانب المنتخب التركي، وساندته بقوة من أجل هزم أشبال الأطلس، لكن الفريق المغربي خيب ظنونهم وحقق الفوز بأربعة أهداف مقابل هدفين.
والأدهى من كل هذا، أن تعليقات بعض الصحافيين الجزائريين تضمنت كثيرا من الإحباط، لأن الفوز كان حليف المنتخب المغربي، الذي أكد أنه منتخب واعد، وقارع بندية منتخبات كبيرة على مستوى العمل القاعدي، على غرار فرنسا وإسبانيا، وأيضا تركيا، علما بأنه فاز أداء ونتيجة على المنتخب الجزائري بهدفين.
ويأتي هذا السلوك المعادي لكل ما هو مغربي، ليثير استغراب العديد من المتتبعين، خصوصا على الصعيد العربي، رغم أن الجمهور المغربي كثيرا ما وقف خلف كرة القدم الجزائرية، ولا أدل على ذلك احتفالاته بمناسبة تتويج منتخب الخضر بكأس أمم إفريقيا، وكذا الرسالة الملكية الموجهة إلى الشعب الجزائري بعد هذا الإنجاز الرياضي.
عدم احترام
النشيد الوطني
إذا كان النشيد الوطني يحظى باحترام مقدس في جميع المحافل الرياضية الكونية، فإن دورة الجزائر المتوسطية استباحة حرمته، ومست قدسيته.
ففي مباراة الترتيب التي جمعت المنتخب المغربي لكرة القدم بنظيره التركي، على سبيل المثال لا الحصر، قامت الجماهير الجزائرية عند عزف النشيد الوطني بالصفير، وهو سلوك مرفوض من كل المواثيق الرياضية العالمية، فالفيفا تعاقب بلد أي منتخب لم يحترم النشيد الوطني للمنتخب الخصم.
وخلال حفل تتويج الرياضيين، وفي المناسبات الثلاث التي تم فيها عزف النشيد الوطني المغربي، كان يتم بتره من الجزء الأخير التي يتضمن عبارة الله .. الوطن .. الملك، وهو سلوك استهجنه الجميع. كما أن معلق الملعب عند تقديم متوجي سباق نصف المراطون، وفي مقدمتهم البطل محسن أوطلحة، وبدل أن يقول النشيد الوطني المغربي عوضه بالنشيد الوطني الفاسي، كما تم تخفيض صوت النشيد، في حركة لا رياضية، تعكس مدى الحقد الذي أصبح يقابل به المسؤولون الجزائريون كل ما هو مغربي.
ومن الأخطاء المسجلة أيضا في هذه الدورة، التي خلقت الاستثناء بكل المقاييس، لأنها شهدت ارتباكا ملحوظا، تعويض النشيد الوطني الألباني بالنشيد الوطني الليبي، وكذا اعتداء الرياضيين الجزائريين وتعسفهم على الخصوم، حيث كان يتم منحهم علما كبيرا يحجب باقي الأعلام الأخرى، ما أثار موجة سخرية كبيرة.
الرد المغربي الفوري
عند فوزهما بالميداليتين الذهبية والفضية في سباق 5000 متر، قام العداءان المغربيان سفيان بقنطار ومحمد فارس، بتويجه رسالة بليغة إلى حكام قصر المرادية، تؤكد مدى ارتباط الشعبين المغربي والجزائري، وأن ما يجمعهما أكبر بكثير منا يفرقهما، حيث حملا العلمين المغربي والجزائري، وطافا به الملعب، في حركة هزت مشاعر آلاف الجماهير الجزائرية التي كانت حاضرة بالملعب، قبل أن تبادر إلى تحية البطلين المغربيين والتصفيق لهما بحرارة.