تعيش عدد من الأمهات العازبات محنة حقيقية مع وكالات وإدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من أجل الاستفادة من الحقوق المخوّلة للأمهات وللأبناء من ذوي الحقوق، وذلك بسبب مساطر إدارية تحدّ من تمكينهن وفلذات أكبادهن من جملة من «الخدمات». وبحسب عدد من الأمهات العازبات فقد عانت المعنيات بالأمر من تسويف ومماطلة ومن إقصاء من طرف هذه المؤسسة في الوقت الذي ترفع فيه الدولة بكافة مكوناتها شعار الدولة الاجتماعية الذي يعني احتضان كل المواطنين والمواطنات والحرص على منحهم الوسائل والآليات التي تتيح الحفاظ على الكرامة وتضمن الولوج إلى مجموعة من الخدمات الصحية وغيرها دون قيود أو إكراهات.
وكشفت عدد من الأمهات العازبات لـ الاتحاد الاشتراكي» كيف أنه تمت مطالبتهن من الوكالات اللواتي طرقن أبوابها بعد ولوجهن سوق الشغل والتصريح بهن من طرف المشغّلين، بالإدلاء بوثائق تفيد بالزواج من الأب «المحتمل»، أو ما يؤكد الطلاق بينهما، أو وثيقة تثبت نسب الطفل أو الطفلة مع نسخة من بطاقة التعريف الوطنية، وذلك تفاديا لأي تصريح مزدوج قد يترتب عنه تفعيل الحقوق المطلوبة، خاصة ما يتعلق بالتعويضات العائلية، على دفعتين؟
وأوضحت المشتكيات اللواتي التقت بهن «الاتحاد الاشتراكي» بأنهن يجهلن الأب المتحدث عنه، وذلك لأن الحمل جاء في سياقات مختلفة وبفعل ظروف متعددة، وبأنه لا تربطهن أي صلة بالأزواج/الآباء المفترضين، لا من قريب ولا من بعيد، مشددات على أنهن قمن باستخراج الوثائق الإدارية المطلوبة التي تبيّن العلاقة بين الأمّ وابنها أو ابنتها، لكنها تظل غير كافية بالنسبة لإدارة الصندوق التي تفرض وتشترط الوثائق الأخرى المذكورة، وهو ما وصفنه بـ «قيود إدارية» تحول دون تحقيق الاستفادة المطلوبة.
وضعية تطرح علامات استفهام عديدة خاصة إذا ما علمنا أن إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تؤكد أنه يمكن للأمهات العازبات الاستفادة من التعويضات العائلية إذا استوفين شروط الاستحقاق، والتي تشمل التسجيل وتقديم وثائق تثبت الوضعية القانونية للأسرة ووضع الأطفال، مثل شهادة الطلاق وحكم الحضانة، حيث تحدد على أن هذه العملية يجب أن يرافقها تسجيل الأم في نظام الضمان الاجتماعي وأن تستوفي شروط الاستفادة من التعويضات العائلية المتمثلة في تأكيد 108 أيام من الاشتراك في الأشهر الستة الأخيرة، ونفس الأمر بالنسبة لدخل شهري لا يقل عن 60 في المئة من الحدّ الأدنى للأجور.
وبخصوص الشروط المتعلقة بالأطفال فإن الإدارة تشترط كذلك الحصول على نسخة من شهادة الميلاد الخاصة بكل طفل مع الإدلاء بشهادة مدرسية للأطفال الذين يتابعون دراستهم خاصة لمن تجاوزوا سن 12 عاما، وملف بالنسبة للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة. وإذا كانت إدارة الصندوق توضح بأنه على مستوى الوضع العائلي يجب تقديم نسخة من عقد الطلاق ، فإنه تبين كذلك على أنه يمكن الإدلاء بشهادة تؤكد هجران الأب والتكفل بالطفل من طرف الأم، وهو ما ينتفي على أرض الواقع ربما لنقص في التواصل وعدم الإحاطة بكافة تفاصيل هذا الموضوع من طرف القائمين على بعض الوكالات أو لسبب آخر يبقى مبهما، بما أن الاستفادة المتحدث عنها تتعذر على بعض الأمهات العازبات، كاللواتي أدلين بتصريحاتهن في الموضوع للجريدة، وهو ما يتطلب تدخلا لتصحيح هذا الأمر.
الأمهات العازبات وأطفالهن وإشكالية الحرمان من الاستفادة من خدمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي

الكاتب : وحيد مبارك
بتاريخ : 24/10/2025