الإعلام الغربي يرسم «السقوط المخيف» لفرنسا في قبضة اليمين المتطرف

سلّطت الكثير من الصحف الغربية الضوء على نتائج الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية، وتوقّعت حصول انقلاب تاريخي في البلاد، ونهاية عهد الرّئيس ماكرون.
‌وقالت صحيفة «لوموند» إن الصحافة الأجنبية تفاعلت بقلق مع نتائج الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية، التي تضع اليمين المتطرف على أبواب السلطة. متابعة: «غالبا ما تكون المقالات الافتتاحية قاسية تجاه إيمانويل ماكرون «مهندس» الانقلاب الذي لم تسر الأمور بعده كما خطّط».
وأظهرت جل الافتتاحيات التي نُشرت، الإثنين (1 يوليوز 2024)، في أوروبا والولايات المتحدة وأيضا في أفريقيا والعالم العربي، تخوّفا من زعزعة استقرار فرنسا وتآكل هيبتها، مصحوبًا بأزمة حكم، وترقّب تأثير هذه الاضطرابات المحتملة على الساحة الدولية.
‌وكتبت صحيفة «لوتون» السويسرية اليومية، في افتتاحيتها على صفحتها الأولى: «الديمقراطية الفرنسية تتحدث وتثير الرعب»، موضّحة أنه مع صعود حزب اليمين المتطرف تبتعد فرنسا عن المبادئ الجمهورية. وأفادت أن انتصار حزب التجمع الوطني يعد بمثابة «دوار للديمقراطية قد يؤدي إلى أكثر ما يخشاه بعض الديمقراطيين».
من جانبها، قالت صحيفة «بليك» اليومية السويسرية الناطقة بالألمانية، إن «فرنسا نجحت للتو في ترسيخ نفسها ديمقراطيا، ولكن بشكل مستدام، في فترة من الاضطراب وعدم اليقين، وهو وضع لا يتناسب مع نهوضها».
‌وذهبت يومية «لو سوار» البلجيكية إلى أنه «من خلال انقلاب كامل للقيم والمثل العليا، قرّر الشباب والعمال والخريجون والنساء والرجال على حد سواء أن الأمل، اليوم في فرنسا، يتجسّد من خلال حزب عنصري. (…) يشير فقدان المصداقية هذا إلى أن الرئيس، إيمانويل ماكرون، لم يحمِ بلاده حقّا من اليمين المتطرف، بل أضفى عليه الشرعية من خلال التخلّي عن صناديق الاقتراع له.
‌من جانبها، نقلت صحيفة «ديلي تلغراف» الأكثر تطرفا، عن مارين لوبان، قولها إنها «أزاحت ماكرون». في المقابل، تحدثت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، التي نقلت استوديوهاتها إلى مقهى باريسي لهذه المناسبة، عن وقوع «زلزال».
‌وفي ألمانيا، تشير الصحف إلى «نهاية عهد ماكرون»، على حد تعبير مجلة «دير شبيغل»، وتعرب عن قلقها من تداعيات وصول جوردان بارديلا المحتمل إلى ماتينيون على العلاقات مع فرنسا. أما بالنسبة لصحيفة «دي تسايت»، تشكّل الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية «لمحة عن المستقبل المظلم الذي ينتظرنا».
وفي الولايات المتحدة، سلطت «نيويورك تايمز» الضوء على «المخاطرة التقديرية الهائلة، التي اتخذها الرئيس الفرنسي عندما راهن على أن النصر الأخير الذي حقّقه حزب التجمع الوطني في الانتخابات الأوروبية لن يتكرر». وقالت إنّه مع وجود جوردان بارديلا على عتبة ماتينيون، «تبدو الجمهورية «جريحة» مع انقسامات مدمرة».
‌أعربت صحيفة «واشنطن بوست» عن انزعاجها من التأثير الذي يمكن أن يُحدثه تحوّل فرنسا إلى اليمين المتطرف، واصفة إياها بأنها «إحدى مؤسسي الاتحاد الأوروبي، وثاني أكبر اقتصاد فيه وقوة دافعة في الشؤون الأوروبية».
‌من جهة أخرى، سلطت الصحيفة الناطقة بالفرنسية «لوريان لوجور» الضوء على أن «فرنسا ليست جزيرة منعزلة» مشيرة إلى أن السبب الجوهري للتصويت لحزب التجمع الوطني يكمن في ديناميكية تتجاوز حدود فرنسا.
وحسب الصحيفة: «يجد الغرب صعوبة في الاعتراف بأنه لم يعد مركز العالم، وأن بعض الأشياء التي يعتبرها مكتسبات هي في الواقع امتيازات»، مشيرة إلى أن «الغرب يعيش أزمة تتعلق بتراجع نسبة البيض فيه، في وقت كان فيه طويلا المحرك الرئيسي للعولمة ومروجها».
‌إلى ذلك، أعربت جريدة «لو بايي»، اليومية، النّاطقة بالفرنسية من بوركينا فاسو، عن قلقها من احتمال أن ينهي حزب التجمع الوطني في حال وصوله إلى السلطة، تصريح لم الشمل الأسري، ويقوم بترحيل المنتهكين للقوانين بشكل منهجي ويُلغي حق الأرض، دون نسيان الآثار الخطيرة على المهاجرين وطالبي اللجوء الذين يتم تقديمهم عادة كـ»كبش فداء». أما بالنسبة إلى أنصار السيادة الأفارقة، الذين يميلون إلى الترحيب باحتمال حدوث قطيعة بين باريس وعواصم القارة، ترى الصحيفة أنه «سيكون من الخطأ الاعتقاد بأن سياسة فرنسا الأفريقية ستتغير بالكامل، وأن القواعد العسكرية الفرنسية سوف تختفي من القارة، وأن الديكتاتوريين الأفارقة لن يتمكنوا بعد الآن من التباهي على أعتاب الإليزيه».
بالنسبة لوسائل الإعلام الروسية، فقد نشرت صحيفة «كوميرسانت» في عنوانها الرئيسي «التجمع الوطني فاز في الانتخابات الفرنسية من الجولة الأولى». مذكّرة النخب الليبرالية إلى حد ما بتصريحات الرئيس، إيمانويل ماكرون: «إن كتلتي اليمين واليسار المتطرفتين يمكن أن تثير حربا أهلية». بينما أفادت صحيفة «كومسومولسكايا برافدا»، التي تُعتبر واحدة من أكثر الصحف شعبية، أن «النتيجة المبهرة» لمارين لوبان تجلب «يوما أسود إلى إيمانويل ماكرون». وخلصت بالفعل إلى استنتاج جيوسياسي: «لقد سئم الفرنسيون من كونهم «الصقر الرئيسي» لأوروبا، الذي يريد أن يصبح أكثر أوكرانية من الأوكرانيين أنفسهم، وذلك على حساب مواطني بلدهم».


بتاريخ : 04/07/2024