الإيقاع السياسي والتنظيمي لأحداث غشت 1953 بوجدة

عرفت مواجهة المغرب للاستعمار عدة أشكال تراوحت بين رفضه بالكفاح المسلح، والمطالبة بتطبيق الإصلاحات المنصوص عليها فيما سمي ب «عقد الحماية» والاحتجاج ضد تصرفات الدولة الحامية الرامية لنهج سياسة تمييزية بين الأهالي والمستوطنين الأجانب، وانتزاع الأراضي الفلاحية من أصحابها وتمليكها للأجانب، وإصدار قوانين هادفة إلى طمس الهوية المغربية العريقة. كانت مواجهة المغاربة للأجانب في بدايتها محاولات عفوية لضد الغزو، أشهرها محاولة أحمد الهيبة وموحا أو حمو الزياني، والشريف أمزيان وغيرها من المحاولات التي لم يحالفها الحظ لأنها كانت محدودة نطاقا، وغير ملتئمة تنظيما. ثم الثورة الريفية التي كبدت المستعمر خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، ولكنها انتهت باستسلام قائدها محمد بن عبد الكريم كما هو معلوم و ذلك لأسباب منها انعدام التكافؤ البيني في ميزان القوى، وتحالف قوى أجنبية الذي اقتضته خطورة هذه الثورة… ستتوقف قبانل آيت باعمران عن المواجهة مفضلة قبول الوصاية الاسبانية وذلك سنة 1934. وستنتهي المواجهة في سائر المناطق عندما تحالفت اسبانيا وفرنسا و انتا «تتميزان» بتفوق تكنولوجي حزبي لا جدال فيه، وكانتا تستفيدان من افتقار المقاومة عبر مجموع البلاد إلى التلاحم والتشاور والتنسيق، مما أفضى إلى سقوط معاقل المقاومة المسلحة تباعا إلى غاية 1936 أي بعد مرور أربع وعشرين سنة على توقيع معاهدة فاس (تاريخ المغرب مرجع سابق ص 538). ولعل ما آلت إليه المبادرات سابقة الذكر كان عبرة انطلقت منها نخبة من شبان المغرب المتعلمين لتدارك ما فات المبادرات السابقة من تلاحم وتنسيق، وذلك حين أدركوا «طبيعة الصراع الذي يضع المغرب في مواجهة الاستعمار ليصبح واقعا يفرض نفسه» وحين اقتنعوا بأن التمكن من مواجهة الوضع لا يكمن في السلاح فقط، وإنما في القدرة على معالجة الأسباب التي أدت إليه من تخلف وخمول متفشيين (…) كما ارتأوا أن خير وسيلة لتحقيق ذلك إنما هو الاهتمام بالتعليم و التربية و التكوين. لذلك مثل انشغالهم بميدان التعليم و نشره وتحسين مضامينه و شروط تحصيله أول المبادرات التي تم القيام بها وعلى أساس هذا التصور لطبيعة العمل الوطني، وكيفية تحقيقه، شرع الرعيل الأول من الوطنيين في مناهضة الاستعمار..

كانت المحاولة الأولى حين بادرت نخبة من المتعلمين على رأسهم عبد السلام بنونة الذين كانوا متأثرين ب «كتابات مفكري السياسة والقومية العربية ومنظريها، مثل محمد بنونة ومحمد داود وهما من طلاب جامعة القرويين، إلى تكوين خلية للتفكير، وكان أول عمل قامت به هو إنشاء مدرسة حرة حديثة -تنظيما ومضمونا- وتربية وطنية حملت اسم «المدرسة الأهلية» وقد ساهمت هذه المدرسة في تكوين جيل جديد من الوطنيين ممن سيحملون مشعل الحركة الوطنية فيما بعد.. وإلى هذا الجانب التربوي بادرت هذه النخبة إلى التفكير في دعم نشاطها بتنظيم سياسي وطني تبلور عبر إحداث جمعية سرية أطلق عليها « أنصار الحقيقة» (نفس المرجع ص 590).
وحسب ذات المصدر كان تأسيس هذه الجمعية بحضور الحاج أحمد بلافريج في شهر غشت 1926 كما كانت «بداية لتنسيق العمل بين الوطنيين في منطقتي الاحتلال (المرجع نفسه 590) وسيزداد شعور النخبة المغربية في كلا المنطقتين بفداحة تصرفات فرنسا وخرقها السافر لمقتضيات «عقد الحماية» حين صدور «الظهير البربري» فبعد صدوره مباشرة «أحس الوطنيون بخطورة أهدافه على وحدة البلاد» فانبروا للمواجهة بالأساليب الممكنة إذاك، (…) حيث نظمت في المنطقة عدة تجمعات أهمها التجمع الذي تم بالمسجد الكبير في تطوان يوم 30 يونيو 1930 كامتداد ل «حركة اللطيف» التي عمت سائر المدن المغربية (المرجع نفسه 590).
تمكن وطنيو «المنطقة الخليفية» بفضل حنكتهم وأسلوبهم «البراغماتي»، من إقناع السلطات بتلبية مقترحات طرحوها عليها وتتلخص فيما يلي: السماح بتأسيس حزب الوحدة المغربية، وحزب الإصلاح الوطني بتاريخ 18 دجنبر 1936، وتعيين الرئيس الطريس وزيرا للأحباس، وإصدار جريدتي «الريف» عام 1936، و»الحرية» عام 1937، والحصول على مساعدات لتأسيس «المعهد الحر» والتوفر على تنظيم التجمعات واستعمال محطة الإذاعة بكل من تطوان ومليلية لمخاطبة السكان، (المرجع نفسه) (…) ولكن ما انتهت الحرب الأهلية بإسبانيا حتى «بدأت مرحلة جديدة من التطبيق على الوطنيين ومحاربة نشاطهم» (المرجع نفسه 593) أما في المنطقة السلطانية فإن البذرة الأولى لميلاد الحركة الوطنية الحديثة بأسلوبها السياسي المطلبي السلمي كانت عقب موجة من الاحتجاجات والمظاهرات والعرائض ضد إقدام فرنسا على إصدار ما يسمى بالظهير البربري بتاريخ 16 ماي 1930 توجت ب»استقبال السلطان محمد بن يوسف يوم 13 غشت 1939 بالرباط لوفد من الوطنيين يتقدمهم الشيخ عبد الرحمان بلقرشي من علماء القرويين، جاؤوا لتقديم تظلماتهم في الموضوع، وقد خاطب السلطان الوفد وعيناه مغرورقتان بالدموع من فرط الثائر بخطاب الشيخ بلقرشي قائلا إنه لن يتنازل بعد اليوم عن أي حق من الحقوق الوطنية المغربية» (المرجع نفسه ص 593) وسيكون يوم 18 نوفمبر 1933 موعدا لإقامة أول احتفال بعيد العرش خصت به مدينة فاس، والذي سيتخذ ابتداء من 1934 عيدا وطنيا رسميا يحتفى به في سائر مدن وقرى المملكة المغربية. وبعد هذا الاستقبال نظم الوطنيون مظاهرة ولاء حاشدة بمناسبة زيارة السلطان إلى نفس المدينة وذلك في شهر ماي 1934 لم يكن ترسيم الاحتفال بعيد العرش كل عام و في سائر أنحاء البلاد، ولم يكن تنظيم الوطنيين لزيارة السلطان محمد بن يوسف لمدينة فاس بدون رمزية. فقادة الحركة الوطنية قرروا الانتقال من المواجهات العفوية المحدودة تنظيما ونطاقا، منعدمة التلاحم والتنسيق، إلى مواجهة موحدة متلاحمة منسقة وموسعة -تنظيما ونطاقا- تتولى الإشراف عليها، تخطيطا و تنفيذا، حركة وطنية تقودها شخصيات من مختلف المشارب العلمية والفكرية والاجتماعية على رأسهم السلطان محمد بن يوسف مما أضفى على هذه الحركة مشروعية دينية وسياسية لمواجهة المشروع الاستعماري بمشروع وطني يهدف إلى إنهاء الحماية المفروضة على المغرب وذلك بوضع برنامج مطالب إصلاحية اعتبره قادة هذه الحركة استمرارا لمطالب جزئية حاولت تقديمها إلى المريشال اليوطي ثلة من رجال النهضة المغربية في يونيو 1920، وكانت تتضمن المطالبة بحرية التعبير عن الرأي بواسطة الصحافة، وإصلاح التعليم في الوسط المغربي، (حسن الوزاني حياة وجهاد الجزء الرابع ص 91). وحسب ما تمت الإشارة إليه، فإن هذه الحركة مسبوقة بمرحلة عرف فيها المغرب بمواجهة محلية ترمي إلى تنفيذ بنود عقد الحماية الإصلاحية، ولكن «الدولة الحامية» لم تستجب لأي منها، ليس هذا وحسب، بل تمادت في انتهاكاتها لما التزمت به، وتجاوزت صلاحياتها كدولة «حامية» لتفرض وجودها كدولة مستعمرة…
وبسبب هذه التدابير القاسية تأزمت العلاقات وتفاقمت الانفجارات، وكان هذا كافيا لإقناع قادة الحركة الوطنية بأن مرحلة المطالبة بالإصلاح قد مرت بدون جدوى، فكان لا بد من الانتقال إلى مرحلة أخرى أكثر تقدما وأنجح مواجهة، وهي مرحلة المطالبة بالاستقلال. كانت هذه قناعة الوطنيين بعكس ما دأبت إليه بعض الروايات القائلة بأن الإقدام على تبني هذا المطلب، سببه اللقاء المشهور بين جلالة الملك محمد بن يوسف والرئيس الأمريكي روزفيلت في 22 يناير 1943 بمطار أنفا في الدار البيضاء، وحتى إذا كانت المطالبة بالاستقلال بإيعاز من هذا الرئيس، فإن الوطنيين المغاربة في المنطقتين لم ينتظروا تصريحه ليستبدلوا شعار الاستقلال ببرنامج الإصلاحات.
بالرجوع إلى أدبيات الحركة الوطنية نجد أن قادتها قد كثفوا جهودهم لفضح السياسة الاستعمارية، وإقناع الدول بمشروعية قضية المغرب في استرجاع استقلاله، ويذكر في هذا السياق البرقية التي وجهت إلى «هيتلر» من «مكتب الدفاع الوطني» الذي قام بتأسيسه احمد الوزاني بتطوان عام 1937، وهذا الأخير من أعضاء الحزب القومي الذي كان يتزعمه محمد حسن الوزاني بعد انشقاقه عن كتلة العمل الوطني، وقد جاء في هذه البرقية «إننا نبلغكم الاعتراف العميق من الشعب المغربي على دفاعكم عن القضايا العربية أثناء خطابكم الحازم، و نلتمس من عطفكم اعتبار المغرب تحت النفوذ الفرنسي من ضمن الدول المحتاجة إلى العدالة لنفس الأسباب الواردة في خطابكم، إن حالة المغرب لا تقل سوءا عن حالات الشعوب الأخرى بسبب التدابير التعسفية المتخذة من لدن فرنسا، والمنافية لتعهدات الأوفاق الدولية، وخاصة معاهدة الحماية» (أورد محمد حسن الوزاني نص هذه البرقية في مذكرات حياة و جهاد الجزء السادس ص9)، وقد علق عليها في نفس الصفحة قائلا «القصد من هذه البرقية الخروج بالقضية المغربية من المجال الفرنسي والحوار مع الفرنسيين إلى الميدان الدولي، حتى تصير موضوعة على البساط أمام الرأي العام العالمي.
وفي 18 دجنبر 1942، تم الاتفاق بين حزب الوحدة وحزب الإصلاح على لم الشمل على أساس «ميثاق وطني» وبرنامج مشترك بين الطرفين وخطة ملزمة لهما، فأصدرا بيانا مضمنه:
منح الحرية والاستقلال للمغرب.
إقامة النظام الملكي على أساس إسلامي ووطني في ظل الأسرة العلوية.
إعادة وحدة المغرب بإلغاء المناطق التابعة لمختلف النفوذ الأجنبي,
استرجاع كامل السيادة الداخلية التي انتزعت من المغرب لصالح دول أجنبية.
رفض إدماج المغرب كليا أو جزئيا في أية إمبراطورية استعمارية.
ولما لم تجد هذه المبادرة، اقتنع الوطنيون في المنطقتين بأن «القضية المغربية قضية المغاربة دون سواهم، وأن المعول فيها على نضالهم وتضحيتهم قبل كل شيء آخر، وقد أفضت بهم سلبية المساعي المبذولة في الداخل لدى ممثلي دول المعسكرين إلى الانتقال للعمل الوطني الذي شهد سنة 1944 انطلاقته في حركة المطالبة بالاستقلال (المرجع نفسه ص 35).
لقد شكلت عريضة الاستقلال محطة من أبرز محطات النضال، فقد استشهد بعدها عدد لا يحصى من خيرة أبناء الوطن من مختلف الأعمار والطبقات الاجتماعية والنخب الفكرية والتوجهات السياسية والمذهبية، كما ضحى من أجلها عدد من هذه الشرائح بحرياتهم الشخصية وبأعمالهم ووظائفهم وحرفهم ومقاعدهم الدراسية، غاية الجميع تخليص البلاد من السيطرة الاستعمارية، واسترجاع السيادة الوطنية التي لم تكن تعني وفق بنود وثيقة يناير 1944 سوى إتاحة الفرصة للشعب المغربي في أن يتولى تدبير شؤونه الداخلية والخارجية بنفسه، أي عن طريق إقامة مؤسسات ديموقراطية في إطارها وبواسطتها يتم تدارك ما فوتته مرحلة الحماية على المغرب من نهوض وتقدم.
كان رواد الحركة الوطنية لا سيما المتنورون منهم على إدراك تام أن الاستقلال ليس سوى وسيلة لهدف أسمى وهو بناء استقلال البلاد بناء يستجيب لرغبات المواطنين، والطبقة المحرومة بصفة خاصة. كما كانوا مقتنعين بأن هذه العملية لن يتأتى إنجازها بنجاح، إلا في إطار مجتمع مؤسساتي حديث، ضمن ملكية دستورية تترسخ في ظلها دعائم دولة الحق والقانون…
يتجلى من مضمون عريضة المطالبة بالاستقلال أن الموقعين عليها كانوا يدركون أن استرجاع الاستقلال ليس غاية في حد ذاته، وإنما مجرد وسيلة «لإحداث نظام دستوري شبيه بنظام الحكم في البلاد العربية الإسلامية بالشرق، تحفظ فيه حقوق سائر عناصر الشعب وسائر طبقاته وتحدد فيه واجبات الجميع»..
كما يتجلى أيضا من العريضة بقطع النظر عما أثير بشأنها من جدل ومناقشات، أن حمولتها المتعلقة بالاستقلال والوحدة الترابية والنظام السياسي، لا تسمح بأكثر من مدلول لكل حمولة، فالاستقلال لا يختلف في أنه عودة السيادة التامة للشعب المغربي، بما تنطوي عليه هذه السيادة من امتلاك حقوق وأداء واجبات أي (المواطنة) كل في حدود مؤهلاته واختصاصاته كما أن لا خلاف في أن الاستقلال هو حق المواطنين في التمتع بثروة البلاد المادية والطبيعية والتصرفات فيها بكامل الحرية، بعيدا عن استغلال غير مشروع، سواء من لدن فئة داخلية أو أجنبية. كما أن الاستقلال المتعارف عليه دوليا هو عدم خضوع البلاد لأي سيطرة خارجية كيفما كان نوعها، ومن ثم عدم انصياع حكامها وعدم تبعيتهم لأي سياسة أجنبية من شأنها الإضرار بمصلحة البلاد، من شأنها أن ترهن مصيرها لأطماع هيمنية تؤثر -سلبا– في نهضتها وتقدمها، ثم أن لا أحد يجادل في أن الاستقلال حق لا يتجزأ، فهو يشمل كل المناطق التي كانت خاضعة للسيادة الوطنية قبل فرض الحماية، ولا يمكن التذرع ببعض الإكراهات والمتغيرات التي طرأت في ظل الاحتلال تحت أي مسمى، فهي تذرعات لا يجوز اعتبارها سندا لاقتطاع جزء من الوطن، ولأنها من تدبير سلطات غير شرعية على كل حال، وكذا الأمر بالنسبة للديموقراطية السياسية ، فإن أريد بها الديموقراطية الاجتماعية فمدلولها واحد واضح لا غبار عليه، وإن أريد بها الديموقراطية السياسية، فلا اختلاف في كونها حكم الشعب نفسه، أي حقه في ممارسة تدبير شؤونه بكل حرية واختيار ممثليه المحليين والوطنيين ومراقبتهم ومساءلتهم عند الضرورة…
وبرفع عريضة المطالبة بالاستقلال إلى الدوائر المعنية إذاك، تكون الحركة الوطنية المتكونة من حزب الاستقلال والحزب القومي الذي تحول إلى حزب الشورى والاستقلال فيما بعد، قد أعلنت عن انتقال الكفاح الوطني من سياسة المطالبة بتطبيق «عقد الحماية» إلى المطالبة باسترجاع الاستقلال التام، وهي مواجهة فرضت على الحركة الوطنية تغيير طرق المواجهة باعتماد آليات حديثة في التنظيم وأساليب راقية في التدبير بما في ذلك هيكلة الحركة وتفعيل شرائح المجتمع المدني في إطار المنظمات الموازية وتنقيب العمال، وإنشاء المدارس الحرة.
ولم يكن هذا التوجه الجديد للحركة الوطنية ليحظى برضا سلطات الحماية الفرنسية، فقد شنت حملة من الاعتقالات والنفي زاد من حدتها زيارة جلالة محمد بن يوسف إلى طنجة عام 1947 وخطابه الذي زاد من حماس الوطنيين الذين نظموا مظاهرات في عدد من المدن المغربية تعبيرا عن تأييدهم، لما جاء في الخطاب، والتي ووجهت من طرف القوات الاستعمارية بعنف ذهب ضحيته عدد من سكان «كاريان سانطرال» الذي صار اليوم يعرفه بالحي المحمدي.
وتشتد المواجهة في بداية عام 1951، ولم تتردد إدارة الحماية في تصعيد مضايقاتها للحركة الوطنية إذ قررت منع الأحزاب وقامت باعتقال ونفي كثير من نشطائها. وازداد القمع حدة بعد ديسمبر 1952 حين شن المغاربة مظاهرات عنيفة احتجاجا على اغتيال الزعيم النقابي التونسي فرحات حشاد، وسيقتنع الوطنيون بعدم جدوى الاكتفاء بالمواقف السياسية، فقد بلغ السيل الزبى كما يقال..
إقدام الحركة الوطنية على الانتقال من مرحلة المطالبة بالإصلاح إلى مرحلة المطالبة بإنهاء الحماية، لم يكن بإيعاز من أجنبي عن هذه الحركة، بل وكما أشار محمد حسن الوزاني في مذكراته رقم 6 ص 93، أن فكرة الاستقلال كانت فكرة جميع المغاربة عموما والوطنيين خصوصا، فكان الاهتمام بها سائدا في جميع الأوساط المغربية ويشير المؤلف إلى أن «انصراف المغاربة إلى تجاوز المطالب التقليدية والأعراض عن الإصلاحات الجزئية، ومسايرة ركب الأحداث في العالم آخذين بمنطق ما كانت تتمخض عنه تطورات الحرب من انقلابات ومفاجآت في حياة الشعوب كلها (ص86) ولا شك أن قادة الحركة الوطنية كانوا يتابعون ما يجري في البلدان العربية الشقيقة ويتأثرون بالأدبيات السياسية لأحزابها، وإلا فما معنى أن يغير الوطنيون المغاربة اسم الحزب الوطني ليصير اسمه «حزب الاستقلال» على غرار حزب الاستقلال السوري الذي يعد من أبرز الأحزاب السورية قبل الاستقلال؟
وكيفما كان الأمر، فإن الذي يعنينا هو أن المواجهة تحولت من مطالب إصلاح، إلى مطلب وحيد هو إنهاء الحماية، كان ذلك انطلاقا من 11 يناير 1944، ففي هذا اليوم أعلن عن ميلاد حزب باسم «حزب الاستقلال» الذي أصدر وثيقة 11 يناير 1944.
أكتفي بما له صلة بسياق موضوعنا وهو انتقال الحركة الوطنية من برنامج المطالب الإصلاحية إلى المطالبة باسترجاع الاستقلال، فقد تضمنت الوثيقة بعد مجموعة من الحيثيات ما يلي 1- فيما يرجع للسياسة العامة أولا: أن يطالب حزب الاستقلال باستقلال المغرب ووحدة ترابه تحت ظل صاحب الجلالة بشأن «وثيقة 11 يناير 1944»، وهو حدث لا يزال لحد اليوم منسوبا إلى حزب الاستقلال ، ولا تزال العروض المقدمة بمناسبة إحياء ذكرى يوم 11 يناير، لا تشير إلى أن هناك عرائض أخرى قدمت في الموضوع موقعة من لدن 26 شخصية منتمية إلى الحزب القومي (حزب الشورى والاستقلال فيما بعد) معززة بعريضة موقعة من طرف 22 وفدا يمثلون مختلف الشرائح العلمية والمهنية، (للاطلاع على هذه العرائض يرجع إلى كتاب «مذكرات حياة وجهاد الجزء السادس ص 98 لمحمد حسن الوزاني) وهكذا تكون الحركة الوطنية بكل فصائلها قد انخرطت في معركة كان عليها أن تعد لها ما يرقى إلى مستوى حركة جديرة بتحمل مسؤولية تقرير مصير شعب قرر تصعيد المواجهة بعد تمثله لمعنى هذا البيت.
وللحرية باب موصدة بكل يد مدرجة تدق
وبعد أن يئس من الاستجابة للمطالب الإصلاحية وخرج إلى الشارع ينشد مع الزعيم علال الفاسي:
للحرية جهادنا حتى نراها والتضحية سابقا إلى لقاها
وبقدر تعنت إدارة الحماية وتماديها في تنفيذ مشروعها الاستعماري وتجاهل مطلب الحركة الوطنية ومواجهة نشطائها بكل أساليب القهر والبطش، كان الوطنيون بدعم جلالة الملك محمد بن يوسف، مصرين على تحدي هذه الأساليب بكل شجاعة وتضحية. لقد عرفت هذه المرحلة أحداثا يهمنا منها ما له صلة بالموضوع، ونذكر منها خطاب طنجة 1947 وملحمة الحي المحمدي المعروفة بأحداث «كاريان سانطرال» في نفس العام ومظاهرات 1948 في كل من وجدة وجرادة احتجاجا على اغتصاب فلسطين. ثم خطاب 18 نوفمبر 1952 والمظاهرات التي نظمتها الطبقة العاملة وشاركت فيها سائر القوى الشعبية في دجنبر 1952 احتجاجا على اغتيال النقابي التونسي فرحات حشاد… وصولا إلى الاعتداء الغاشم على سيادة البلاد المتمثل في خلع الملك ونفيه هو وعائلته إلى مدغشقر كما هو معلوم، وذلك يوم 20 غشت 1953 وما سبقه من ردود أفعال عنيفة أيام 14 غشت بمراكش و15 غشت بالبيضاء و16 و17 غشت بالجهة الشرقية ولا سيما بمدينة وجدة وبركان وتافوغالت.
وبعد هذه السلسة من الأحداث وجد المغاربة أنفسهم في «لحظة لا مناص من وقوع الانفجار فيها» سواء بتخطيط دقيق ومحكم أو بمفاجأة على غير انتظار تشعل فتيل الشحنات المكبوتة وتقوم بتفجيرها وسط مجموعة من الظروف تتفاعل وتتدافع، وإذا سلاسل القيد تنكسر وإذا شعار «الاستقلال المنتزع بالقوة لا يسترد إلا بالقوة» يتغلب على التوجه السلمي لبعض نشطاء الحركة الوطنية.
بالرجوع إلى ما ألف عن المقاومة المغربية وحصرا في الفترة ما بين 14 غشت 1953 ونوفمبر 1955، ونخص بالذكر الكتيب الذي أصدرته جمعية المقاومة والتحرير بمناسبة العيد الوطني للمقاومة يوم 18 يونيو 1958 الذي وردت فيه الفقرة التالية: «وكان الوطنيون المنتمون لحزب الاستقلال هم الهدف لجميع الطعنات الموجهة من مجانين الاستعمار وأوباش الخونة في هذا الظرف العصيب، ولكن حزب الاستقلال كان حزبا سياسيا يؤمن بالوسائل السلمية، مهما كانت الظروف، غير أن تطور الأحداث المفجعة جعل (رجل الشارع) يقتنع أن العنف لا يمكن أن يرد إلا بالعنف، وأن أساليب حزب الاستقلال التقليدية تسهل على المستعمرين خطتهم، عوض أن تتقدم بالأمة سيرا إلى الأمام، وأن الثورة وحدها الخلاص» (ص6) .
والمتمعن في هذا الموقف لا يستغرب، فقد سبقه موقف شبيه به منطلقا، ومخالف له توجها، فظهور أول تنظيم حديث للحركة الوطنية متمثلا في «كتلة العمل الوطني» كان دافعه هو اقتناع نخب هذه الحركة بعدم نجاعة المواجهة المسلحة، في غياب عنصري التلاحم، والتنسيق، وكان رأيها الاستفادة مما تركته المواجهات السابقة في نفوس المغاربة ولا سيما الشباب المتنور من مشاعر وطنية «الجهاد» ولكن هذه المرة في إطار وطني موحد التنظيم، منضبط التوجه، محين البرامج، مخطط التطبيق، متدرج المراحل، مراع لما ينبغي أخذه بعين الاعتبار في التعاطي مع بنود عقد الحماية مع غض الطرف عن كونها مفروضة. فالمهم في هذه الحالة، وفي هذه المرحلة، هو العمل على تنفيذ حمولتها الإصلاحية كتجربة، وترصد ما قد يصدر عن السلطة الحامية من تصرفات تحيد بها عما أبرمت لتحقيقه..
ولم تكن قيادة الحركة الوطنية عاقدة أي أمل على استجابة فرنسا لمطالبها الإصلاحية، ولكنها هدفت من وراء تقديم برنامجها الإصلاحي رغم إدراكها أن مخاطبها لن يستجيب لما تطالب به، استغلال المرحلة في تنظيم الوطنيين وتعليمهم، وتربيتهم على أساليب المواجهة، وذلك عبر إدماجهم في تنظيمات كانت معروفة إذاء بالزاوية أو الطائفة قبل تبني تنظيم قائم على توزيع المنخرطين على جماعات حزبية حسب مواصفات دقيقة وصارمة بعد أداء اليمين، وذلك لتحصين أجهزتها التنظيمية من التسرب والاختراق، فأكثرت من المدارس الحرة، وأنشأت أنواعا من الجمعيات الموازية.. كشفية، جمعيات الطلاب، جمعيات الشباب… لكن بموازاة هذه المنجزات كانت هناك عراقل وإكراهات تقف دون استقرارها واستمرارها بسبب مضايقة إدارة الحماية لها، بالمنع والاعتقال كما تمت الإشارة إليه.
في ظل هذه المتغيرات كان يبرز داخل التنظيمات الحزبية «أفراد من نشطاء الحركة الوطنية يفكرون في تنظيم عمل ايجابي، وكان موقف حزب الاستقلال في هذه النقطة من الوضوح بحيث لا يمكن أن ينخدع بها أحد، فكان لزاما على المغامرين أن يحتاطوا من المستعمرين ومن إخوانهم في حزب الاستقلال إذ أن المسؤولين عن الحزب لا يقبلون بحال أن تنقلب خلاياه إلى خلايا إرهابية.. (نفس المرجع ص 6)، ومما يرويه نفس المصدر في ص 6 وما يليها، أن الحزب كلف لجنة سرية كان بعض الأفراد قد أسسوها للقيام بعمليات فدائية مسلحة، ولما تعرف الزرقطوني على أفرادها «لم يكشف أمرهم للحزب، بل اقتنع بخطتهم وانخرط في خليتهم»، كان هذا الحدث البسيط في شكله نقطة تحول في تاريخ الكفاح الوطني… ولم تكن الدار البيضاء وحدها هي «المدينة المهيأة لانتشار النزعة الجديدة –نزعة الكفاح المسلح لمواجهة المستعمر- والتي ظهرت بوادرها في صفوف الحزب في أوائل خمسينات القرن 20، بل لا زلت أذكر أن إحدى المناسبات جمعتني بشاب اسمه ابن أحمد الجايي بوجدة وكان وقتها عائدا من تونس بعد زيارة لها تمكن خلالها من الاتصال بعدد من نشطاء الحركة الوطنية بها، وكان حديثه كله حول ضرورة مواجهة فرنسا بالعمل المسلح، وسيتبين لي فيما بعد أن هذا الشخص لم يكن رأيه مجرد كلام، بل كون خلية سرية عتادها الخناجر والمقدات والهراوات، متكونة من عناصر حزبية، كان يهدف بتكوينها الاستعداد للقيام بأعمال فدائية، بدون علم الحزب، وكانت أول عملية خططتها الخلية هي الهجوم على موكب الباشا الجلاوي حين قيامه بزيارة لمدينة وجدة يوم 10 غشت 1953، لكن العملية لم تنفذ لأسباب يطول شرحها، ولمعرفتها يرجع إلى كتاب أضواء على حركة المقاومة المسلحة لعبد الصادق القادري.
والذي لا ريب فيه في هذا السياق أن فكرة المواجهة بالعمل المسلح كانت مطروحة للنقاش خصوصا بعد منع الأحزاب الوطنية في بداية خمسينات القرن 20، بل وأن بعض المدن قد جسدت الفكرة وشرعت في تكوين خلايا مسلحة على هامش التنظيمات الحزبية مثل الدار البيضاء كما سبق ذكره وكذلك وجدة، وهذا ما نجده مذكورا في كتاب عبد الصادق القادري «بوتشيش» أضواء على حركة المقاومة المسلحة الجزء الأول ص 29، وذلك تحت عنوان «محاولة تأسيس أول تنظيم مسلح» مما جاء ضمنه «حدث هذا في أواخر شهر يوليو 1953 حينما كنا نعقد اجتماعا لمكتب الفرع بمنزل عبد الله زجلي، وعند انتهاء الاجتماع، وبعد انسحاب الأعضاء كما كانت عادتنا أومأ إلي عبد الله بالبقاء، وظننت أنني الوحيد المقصود بهذا الأمر، غير أنني شاهدت أحمد بن يحيى القادري الآخر يبقى إلى جانبي، وفاجأنا عبد الله الزجلي بقوله: إن الوضع في المغرب لاشك سيتمخض عن ميلاد حركة المقاومة المسلحة، وعلينا من الآن الاستعداد لمواجهة الموقف، إن ما نهيئه في النطاق الجماعي على مستوى خلايا الحزب لا يمكنه أن يستمر أكثر من أيام معدودة، ولذلك علينا أن نهيئ تنظيما سريا لضمان استمرارية العمل المسلح». وعبد الله زجلي كان حينئد كاتب فرع حزب الاستقلال بوجدة، مما يدل على أن فكرة العمل المسلح لم تكن تخامر أفراد عاديين في الحزب بل اقتنع بها حتى أعضاء ذوو مسؤوليات حساسة ومسيرو جماعات كتاب فروع، منسقو الجهات…) أما غير المقتنعين بفكرة العمل المسلح فهم أقلية، يبدو من خلال مناقشتهم أنهم كانوا متأثرين بالأسلوب «الغاندي» في المواجهات.
إن ما يجدر التذكير به بشأن هذه المسألة أن الاختلاف حول فكرة العمل المسلح، لم يكن مطروحا على جدول أعمال الأحزاب الوطنية للحسم فيه، لأن هذه الأحزاب كانت منحلة وغالبية نشطائها وقاداتها إما في السجون أو المنافي، ففي هذه الوضعية لم يكن يهم من لم يطلهم الاعتقال أو النفي إلا الاحتفاظ على تماسك التنظيمات التي لم تعترها الاختلالات، واستمرار التواصل بين الأعضاء الحزبيين والنشطين في مختلف الجمعيات الموازية وذلك للاحتفاظ على وجود الحزب وإن بكيفية سرية. فالنقاش بشأن فكرة «العمل المسلح» كان جاريا خارج التنظيمات الحزبية وبين أعضاء نافذين، أما الأغلبية الصامتة فلم يكن رأيها يعرف إلا عندما تدعى إلى الفعل (اللطيف، مظاهرات، اعتصام الخ… ) وقد اتضح ذلك من قبل، وسيتضح أكثر في غشت حين إقدام فرنسا على خلع جلالة الملك ونفيه إلى خارج وطنه… وهذه الجريمة هي التي حسمت الخلاف بين الداعين للعمل المسلح والمتمسكين بالمواجهة السلمية. ففي 14 غشت 1953 قامت مظاهرة بمراكش وأخرى بالبيضاء يوم 15غشت احتجاجا على خلع الملك، وكانتا تلقائيتين عفويتين، ولكن ما حدث بوجدة يوم 16 غشت وبركان وتافوغالت يوم 17 غشت كان أقوى إعدادا وأدق تخطيطا، وأخطر وقعا، وأبهظ نتائجا، وأقسى انعكاسا على الوطنيين، ولكن أيضا كان انطلاقا لما يسميه محمد حسنين هيكل «حدث الثورة» كما سنرى، و هذه الوضعية أثارت قلقا ساوره الغضب، واستثار الاستفزاز «وحولت مشاعر الأهالي إلى شحنات مكبوتة تبحث عن منفذ تكسر به قيدها وتحرر إرادتها». وحسب محمد هيكل فإن مثل هذه الوضعية غير الطبيعية تفضي إلى بروز أنوية عضوية ومحدودة نطاقا ومتقطعة سيرورة، تمر عبر مراحل حددها في ثلاث، الأولى سماها «حالة الثورة» وهي التي سبق ذكرها والثانية «حدث الثورة» وقال عنها «أنها اللحظة التي يقع فيها الانفجار سواء بتخطيط دقيق ومحكم ، أو بمفاجأة على غير انتظار، تشعل فتيل الشحنات المكبوتة وتقوم بتفجيرها وسط مجموعة من الظروف تتفاعل وتتدافع… وتنتهي في آخر المطاف بانتصار»، والانتقال إلى المرحلة الثالثة هي التي سماها هيكل أيضا «فعل الثورة» «وتبدأ حين انهيار القديم، وقيام البديل، ويتقدم من يمثل الثورة ويتحمل مسؤولية هندسة رؤاه وتصوراته، ويضع الأسس، ويقيم الأعمدة لبناء قوي يتحمل مطالبه، ويتسع لأشواقه ولما أصبح في مقدوره الآن -ولو بالتجربة والخطأ- أن يقرره وينفذه بحريته».
وبصرف النظر عما بين ثورات العالم قديما وحديثا من فروق وتمايز من حيث الإشعاع والتأثير والإنجاز، وكذلك من حيث «إيقاعات» التطور، فإن القاسم المشترك بينها هو تدرجها من «حالة ثورة» إلى «حدث ثورة» ثم إلى «فعل ثورة» هذا بالنسبة للثورات التي لم تجهض لا في مرحلتها الأولى ولا الثانية ولا الثالثة. وفي هذا السياق يسجل تاريخ الثورات أن أخطر مراحلها حسب هيكل، هو الانتقال من «حدث الثورة» إلى «فعل الثورة» أي مرحلة البناء، لأن أحوال الأمم فيها تكون مزدحمة بالهواجس مكشوفة المطامح، معرضة ومكشوفة للتدخلات والاعتراضات تصدأ أو تعرقل إذا استطاعت، لأن بقايا الماضي في الداخل وخصوم التقدم في الخارج يحاربون في آخر معاركهم بقصد ألا تصل الثورة إلى غايتها، وتمسك بيدها حقها في»فعل المستقبل» وهذا بيت القصيد فيما رمناه من طرح سؤال حول ما إذا كان ما جرى في المغرب بين 19 غشت 1953 و 16 نوفمبر 1955 ثورة؟ أو مجرد مظاهرة.
فباستقراء تاريخ مواجهة الاستعمار الفرنسي فإن بلادنا شهدت نفس المراحل الثلاث «حالة ثورة» مباشرة بعد عقد الحماية، امتدت إلى غشت 1953 لتدخل بعد 16 غشت من نفس العام مرحلة «حدث ثورة» تستمر إلى مارس 1956، لتتوقف مكتفية بمناوشات قامت بها فرق من جيش التحرير في بداية نشأته بمناطق متناثرة في الصحراء المغربية كان من نتائجها تحرير جيوب كان الجيش الفرنسي لا يزال يحتلها بعد توقيع وثيقة الاستقلال، ثم مباشرة تقرر توقيف هذه العمليات التي لم تعد الحالة إليها.
ومن الجدير بالذكر أن قادة الحركة الوطنية وعلى رأسهم جلالة الملك محمد بن يوسف كانوا واعين بكون استرجاع الاستقلال لا يعني نهاية المواجهة أو لنقل «ثورة الملك والشعب» وإنما مجرد انتقال المواجهة من مرحلة «حدث الثورة» إلى مرحلة «فعل الثورة» أي من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر وفق ما أعلن عنه جلالة الملك في أول خطاب ألقاه بعد عودته من منفاه يوم 18 نوفمبر 1955 .
لقد فهم المغاربة والواعون منهم والمقاومون وأعضاء جيش التحرير خاصة، أن المواجهة في هذه المرحلة مرحلة «فعل الثورة» ستكون أكثر المراحل تضحية ونكران ذات، لأنها تتعلق بالقضاء على مخلفات الاستعمار ورواسبه، وبإرساء دعائم دولة مغربية حديثة ينعم فيها كل مواطن بحقه في التعلم، والشغل، والعلاج، ويعيش في ظلها هنيئا مطمئنا حرا موفور العزة والكرامة.


الكاتب : محمد حرفي

  

بتاريخ : 19/08/2017