الائتلاف الحكومي الإسرائيلي ينهار بعد اصطدامه بواقع الصراع المعقد مع الفلسطينيين

كان يفترض أن تتجنب حكومة نفتالي بينت، وهي الوحيدة في تاريخ إسرائيل التي دعمها حزب عربي وتم تشكيلها للإطاحة برئيس الوزراء السابق بنيامين نتانياهو، إثارة القضايا الخلافية، لكن في نهاية المطاف تعثرت بسبب واقع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المعقد.
اتحد بينيت ولبيد “ضد بيبي”، لقب بنيامنين نتانياهو، وأبرما اتفاقا مع أحزاب أخرى يسارية ويمينية ووسطية الى جانب القائمة العربية الموحدة، وذلك للمرة الأولى في تاريخ إسرائيل.
وكانت رسالة الحكومة الجديدة واضحة محاولة “جمع” كل أفراد المجتمع الإسرائيلي و”تجنب” الموضوعات التي تفرق.
وأمضى التحالف الصيف الماضي ما يشبه فترة شهر عسل، وتمكنت من تمرير أول موازنة للدولة منذ أكثر من عامين، في الخريف. في الربيع، بدأ يتفكك على خلفية مواجهات بين متظاهرين فلسطينيين والشرطة الإسرائيلية في محيط المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة.
وأقدمت القائمة العربية الموحدة حينها على “تجميد” دعمها للحكومة.
وكان هذا القانون يجدد تلقائيا كل خمس سنوات. وسقط التجديد في القراءة الأولى، وفي حال عدم المصادقة عليه بحلول الأول من يوليوز، لن يحصل أكثر من 475 ألف مستوطن إسرائيلي على الحقوق نفسها التي يتمتع بها بقية الإسرائيليين ومنها حق التصويت.
ورفض بنيامين نتانياهو أيضا دعم الحكومة في تجديد القانون الذي يؤيده حزبه الليكود بقوة، بهدف إضعاف الحكومة وكشف الانقسامات داخل الائتلاف الذي لم يعد لديه دعم داخلي كاف لتمرير قانون أساسي للسكان اليهود الإسرائيليين.
وأعلن بينيت ووزير خارجيته لبيد الاثنين أنهما يعتزمان حل البرلمان بحلول الأسبوع المقبل والدعوة إلى انتخابات نيابية مبكرة ستكون الخامسة خلال أقل من أربع سنوات.
واتهم نتاياهو( 72عاما) الائتلاف الحكومي “بالاعتماد على دعم الإرهاب” و”التخلي عن الطابع اليهودي لإسرائيل”، قائلا “من الواضح للجميع أن الحكومة الأفشل في التاريخ أنهت مسارها”، مضيفا “هناك غالبية يمنينية في الكنيست، لكن البعض فضلوا التحالف مع حزب عربي بدلا مني”. وتابع “أنا لا أشكل تحالفا مع منصور عباس”، رئيس القائمة العربية الموحدة.
ويقول المحلل السياسي أفيف بوشينسكي المسؤول السابق في مكتب نتانياهو، “اعتقد جزء من اليمين في إسرائيل أن وجود عرب إسرائيل في الحكومة ربما يكون تجربة مثيرة للاهتمام، لكن الثمن النهائي الذي يتعين دفعه كان باهظا للغاية”.
ويضيف “إنهم (عرب إسرائيل) يريدون أكثر مما كنا مستعدين لتقديمه لهم. إذا فاز اليمين في الانتخابات، سيبقى منصور عباس في المعارضة وقد لا يتم حتى انتخابه”، إذ إن العديد من الناخبين العرب يأخذون عليه أنه عقد اتفاقا مع حكومة إسرائيلية.
وذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الأكثر مبيعا في الصحافة الإسرائيلية في عنوانها الرئيسي الثلاثاء، “ينبغي أن يكون أحد المحاور الرئيسية للحملة الانتخابية المقبلة ما يلي: اليهود ضد العرب”.
وأضافت “سيقول الليكود إن ضم حزب عربي إلى الائتلاف كان خطيئة لا تغتفر، وخيانة للبلاد. واستطلع الليكود آراء بين الإسرائيليين اليهود بينت أن هناك نوعا من الكراهية أو الرغبة في الانتقام من كل هذه الأقلية” التي تشكل حوالى 20 في المئة من سكان إسرائيل البالغ عددهم 9,6 ملايين.
بالنسبة للمحللة داليا شيندلين، هناك درس يمكن تعلمه من التحالف الحكومي المتنوع، وهو أنه “في النهاية، لا تستطيع أي حكومة تنحية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني جانبا”.
وتتابع “أعتقد أنه منذ البداية، كان نتنياهو، وهو استراتيجي سياسي جيد، يعلم أن هناك أشياء كثيرة يمكن أن يتفق عليها الائتلاف، لكن هناك شيء واحد كبير يقسمه، وهو الاحتلال والصراع، وحاول كي الجرح بالنار.
عودة الشلل السياسي

ويرى مراقبون إسرائيليون أن دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت ووزير خارجيته رئيس الوزراء بالتناوب يائير لابيد للانتخابات المبكرة وحل الكنيست ينذر بعودة الشلل السياسي، بعد عام واحد فقط من تشكيل الائتلاف. ودعا بينيت يوم أمس في بيان متلفز إلى انتخابات مبكرة وتقديم مشروع لحل الكنيست بعد الفشل في الحفاظ على استقرار الحكومة التي تحولت إلى أقلية في البرلمان. وفي حال تمت الموافقة على مشروع قانون حل الكنيست المتوقع التصويت عليه في البرلمان يوم (الاثنين) المقبل، سيتولى لابيد رئاسة الوزراء لحين إجراء انتخابات في 25 أكتوبر المقبل، بحسب اتفاق التناوب مع بينيت. وكانت الحكومة الحالية قد أدت اليمين الدستورية في 13 يونيو 2021 لتنهي حقبة من الجمود السياسي استمرت لمدة عامين شهدت إسرائيل خلالها أربع جولات انتخابية. وقال مراقبون إسرائيليون في تصريحات منفصلة لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن الشهور المقبلة ستكون “صعبة” للغاية، وستشهد إسرائيل “صراعات قوية على السلطة”. وقال المحلل السياسي ماتي توخفيلد أنه من المتوقع أن تدخل المنظومة السياسية في دوامة الأشهر المقبلة، فعدد كبير من الأحزاب سيتغير شكلها وتخضع لعمليات داخلية وخارجية استعدادا لتشكيل قوائم جديدة للكنيست المقبل. وأضاف في حديث مع وكالة أنباء ((شينخوا)) “سيعطي حل الكنيست إشارة إلى بدء معارك داخلية في الأحزاب وصراعات قوية على السلطة”. في بيانه المتلفز قال بينيت إنه دعا لحل الكنيست والتوجه لانتخابات جديدة هي الخامسة في غضون أربع أعوام بعد إدراكه بأن إسرائيل “على وشك الدخول في أزمة”، مضيفا أنه “لن يسمح بذلك”. ومن جانبه، قال لابيد في بيان “حتى لو ذهبنا إلى صناديق الاقتراع في غضون بضعة أشهر، فإن تحدياتنا كدولة لا يمكن أن تنتظر”. وبدوره، قال المحلل السياسي ناحوم برنيع إن الحكومة التي يبلغ عمرها عاما واحدا بدأت حياتها “بعرض أنيق وشامل، وأنهت حياتها بعرض أنيق لا يمكن وصفه إلا بأنه مضحك”. وأضاف برنيع في حديث مع وكالة أنباء ((شينخوا)) “لا يمكن الفوز بطيبة القلب في الانتخابات، فالأشهر المقبلة ستكون قاسية وخبيثة واستفزازية، خاصة أن الأحزاب في كتلة المعارضة متعطشة للسلطة وستقاتل الأحزاب في الائتلاف المنتهية ولايته من أجل نصيبها في السلطة وبقائها”. وبدأت الأزمات تضرب استقرار الحكومة بعد إعلان عيديت سيلمان عضو الكنيست عن حزب يمينا الذي يقوده بينيت انسحابها من الائتلاف، ليلحق بها زميلها في الحزب نير أورباخ ليتحول التحالف إلى أقلية تمتلك 59 مقعدا في البرلمان المؤلف من 120 مقعدا. وترى المحللة السياسية الإسرائيلية سونيا جوروديسكي أن تكلفة الانتخابات على المواطن الإسرائيلي لن تكون سياسية فقط بل أيضا اقتصادية. وقالت جوروديسكي إن الانتخابات ستتحول إلى “ضربة قاسية لتكلفة المعيشة المرتفعة بالفعل في إسرائيل يضاف إليه تكلفة الانتخابات نفسها والتي تقدر بمليارين إلى ثلاثة مليارات شيكل، ومنها خسارة يوم عمل للاقتصاد، وكذلك ميزانية لجنة الانتخابات”. وتشكلت الحكومة التي عرفت باسم “حكومة التغيير أو حكومة الإنقاذ” في إشارة إلى إنهاء حكم رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو الذي استمر لمدة 12 عاما متواصلة، من أحزاب سياسية متباينة أيديولوجيا ضمت أطيافا من اليسار واليمين والوسط وحزب عربي إسلامي للمرة الأولى في تاريخ إسرائيل. وقال نتنياهو يوم أمس في أعقاب إعلان بينيت ولابيد المشترك “من الواضح للجميع أن الحكومة الفاشلة في تاريخ الدولة قد انتهت”. وقال برنيع ” قدم لابيد وبينت إنجازاتهما الحكومية، فالإنجازات كبيرة، لا سيما بالمقارنة مع حكومة الشلل السابقة، وهذا لا يمنع نتنياهو من تحديد أن هذه هي الحكومة الأكثر فشلا في تاريخ إسرائيل وهي جملة أخذها برمتها من الدعاية ضده في الماضي”. ووفقا لاستطلاع رأي أجرته الإذاعة “103 أف أم” الإسرائيلية فإنه في حال جرت انتخابات لن تستطيع أي كتلة تشكيل حكومة، مما يعني عودة حالة الفوضى من جديد إلى الساحة السياسية الإسرائيلية. وبحسب الاستطلاع، فإن المعارضة الإسرائيلية بقيادة حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو ستحصل على 59 مقعدا من بينهم 36 مقعدا لليكود، في حين سيحصل الائتلاف الحاكم الحالي على 55 مقعدا. وفي محاولة لتشكيل حكومة بديلة، كشف مسؤولون في حزب الليكود لصحيفة يديعوت أحرونوت اليومية الإسرائيلية أن نتنياهو بدأ بالفعل في إجراء محادثات لتشكيل حكومة بديلة وسيحاول ضم وزير الدفاع بيني غانتس إليه ومنحه وزارة الدفاع إلى جانب احتمالية أن يكون غانتس هو الأول في حكومة تناوب. وكان غانتس قد شغل في الحكومة السابقة التي ترأسها نتنياهو منصب رئيس الوزراء بالتناوب، إلا أنه تمت الدعوة إلى انتخابات مبكرة قبل أن يصبح رئيس وزراء. وقال غانتس في بيان صحفي أمس إن نتنياهو “استنفد الثقة السياسية التي كان يمكن أن تمنح له”، ودعا إلى تشكيل حكومة وحدة واسعة من اليمين واليسار…


الكاتب : الاتحاد الاشتراكي ـ وكالات

  

بتاريخ : 24/06/2022