في مؤتمره الأخير المنعقد بتاريخ 14 يوليوز 2025 بمدينة أبيوكوتا بنيجيريا، اعتمد الاتحاد الإفريقي لألعاب القوى قراراً قد يغيّر بنية الحوكمة العالمية لألعاب القوى.
ففي ظل تصاعد النقاش العالمي حول الحداثة والتمثيل في المؤسسات الرياضية الدولية، تقدم الاتحاد الإفريقي للقوى بمقترحات إصلاحية كبيرة تخص المنظمة الدولية لألقاب القوى.
من أجل حوكمة أكثر عدلاً
على ضوء التطورات الأخيرة في الرياضة العالمية والحاجة الملحة لضمان الشفافية والفعالية، يرى الاتحاد القاري أنه قد حان الوقت لإعادة النظر في النظام الأساسي للاتحاد الدولي لألعاب القوى، بهدف تعزيز التمثيل القاري داخل مجلس القيادة العالمية.
ويتطلب هذا الإصلاح المرور عبر نقاط محورية في القرار، وأبرزها تحقيق تمثيل عادل لكل قارة. حيث يقترح الاتحاد الإفريقي اعتماد نظام حصص ثابتة (كوطا) لكل قارة داخل المجلس. ومن شأن هذا الإجراء أن يضمن صوتاً فعالاً لكل منطقة، ويحدّ من الهيمنة الزائدة للقارات التي تتمتع حالياً بتمثيل مفرط في الهيئات الدولية. كما يقترح الاتحاد أن يتم انتخاب أعضاء مجلس إدارة الاتحاد الدولي من قبل الاتحادات القارية، بدلاً من الانتخاب في الجمعية العامة العالمية. وبحسب رؤية الاتحاد الإفريقي لالقاب القوى، يجب أن تنتخب كل قارة ممثليها بشكل مباشر.
استثناء منصب الرئيس
وضمن الإصلاحات المقترحة، هناك استثناء وحيد يتمثل في الإبقاء على انتخاب رئيس الاتحاد الدولي لألعاب القوى من قبل الجمعية العامة للهيأة الدولية، حفاظاً على وحدة البنية المؤسسية.
ويمضي مطلب الإصلاح أبعد من ذلك، حيث يقترح أن يكون للاتحادات القارية صلاحية تعيين أعضاء اللجان والمجموعات العاملة في الاتحاد الدولي، وفقاً لحصص مسبقة يحددها النظام الداخلي للاتحاد الدولي. ويهدف هذا التوجه إلى ضمان تنوع حقيقي في الدوائر التقنية والاستراتيجية لألعاب القوى العالمية.
انطلاقة جديدة للديمقراطية الرياضية الدولية
تأتي هذه المبادرة في سياق حركة عالمية تطالب بمزيد من الديمقراطية والشفافية والتوازن في إدارة الاتحادات الرياضية الكبرى. ويرى العديد من المراقبين أن هذا الإصلاح، إذا حظي بدعم الاتحادات القارية الأخرى، يمكن أن يشكّل نموذجاً يُحتذى به في رياضات أخرى، ويساهم في بناء مشهد رياضي عالمي أكثر عدلاً وتمثيلاً وشمولاً.
طريق التنفيذ لن يكون سهلاً
رغم طموحاتها، ستواجه هذه المبادرة عدة تحديات. أولاً، يجب التوصل إلى توافق بين باقي الاتحادات القارية. كما ينبغي التفاوض مع مجلس إدارة الاتحاد الدولي، الذي قد يخشى فقدان بعض القارات لنفوذها. وبعد ذلك، يجب اعتماد النصوص التنظيمية وفق جدول زمني يتماشى مع التغييرات المؤسسية المنشودة.
ومع الزخم الذي جاء من «روح أبيوكوتا»، قد تشكل مبادرة الأفارقة بداية عهد جديد لألعاب القوى. لأنها تعيد التأكيد على شرعية القارات الناشئة، وتطرح سؤالاً جوهرياً حول العدالة في الرياضة الدولية. لكن يبقى المستقبل كفيلاً بالإجابة عمّا إذا كانت هذه الطموحات الإصلاحية ستلقى صدى عالمياً يؤدي إلى تحول عميق في حوكمة الاتحاد الدولي لألعاب القوى.