«الاتحاد الاشتراكي» تحاور الدكتور سعد أكومي، الاختصاصي في أمراض النساء والولادة

متابعة الحمل عند المرأة ضرورة لحماية الجنين وصحتها رغم ظروف الجائحة الوبائية

هناك 3 محطات ضرورية للفحص بالصدى والتقيد بإجراءات الوقاية خطوة أساسية للحماية من العدوى

 

فرض فيروس كورونا المستجد نفسه على المشهد الصحي، وأصبح حديث العام والخاص، بسبب عدم معرفة كل شيء عنه لحدّ الساعة، إذ في كل يوم يكتشف الخبراء خاصية جديدة ترتبط بهذا الكائن المجهري الدقيق، الذي تسبب في حصيلة ثقيلة على مستوى الوفيات على امتداد دول العالم، ونفس الأمر بالنسبة للإصابات.
فيروس «كوفيد 19»، فرض وضعيات طوارئ في كل مكان، ومنها بلادنا التي عملت على تعبئة المستشفيات في القطاعين العسكري والمدني، العام والخاص، وتجندت لمواجهته الأطر الصحية من أطباء وممرضين وتقنيين وحتى إداريين، وبات أولوية صحية مما جعله «يحجب» أمراضا أخرى، تراجع منسوب الحديث عنها، وإن كانت هي الأخرى قاتلة أو صعبة، وتتسبب في مضاعفات صحية وخيمة، ويعاني المرضى الآلام بسببها، كما أضحى عدد من المرضى ومن الأشخاص في وضعيات صحية خاصة أو استثنائية، خارج دائرة الضوء، المسلّط برمته على فيروس كورونا المستجد، كما هو الحال بالنسبة للنساء الحوامل، على سبيل المثال لا الحصر.
المرأة الحامل، في زمن «الكوفيد 19»، تعيش عدة ضغوطات نفسية وتبعات عضوية، مرتبطة بالحمل في هذه الظروف، التي ترفع من معدلات التوتر والقلق، سواء بالنسبة للحامل التي لها أبناء ويجب أن تعتني بهم وتواكبهم في الدراسة إلى جانب أعباء الأسرة ككل، أو تلك المقبلة على استقبال مولود لأول مرة، مما يزيد من منسوب الخوف عندها، وتصبح في حيرة من أمرها لا تدري هل تنتقل إلى الطبيب لمتابعة حملها أو تمكث في منزلها خوفا من انتقال العدوى، وغيرها من التفاصيل الأخرى …
وضعية المرأة الحامل، المشاكل التي قد تترتب عن الحمل، المواعيد الضرورية لمراقبته، وجوانب أخرى، يكشف عنها الدكتور سعد أكومي، الاختصاصي في أمراض النساء والولادة، والرئيس الشرفي للتجمع النقابي الوطني للأطباء الأخصائيين بالقطاع الخاص، في حوار خصّ به «الاتحاد الاشتراكي»، ويقدم النصائح الضرورية لكل الحوامل في زمن الجائحة الوبائية لـ «كوفيد 19»، قصد الطمأنة من جهة والتقيد بها من جهة أخرى.

 

n تمر بلادنا من مرحلة الحجر الصحي بسبب فيروس كورونا المستجد، ما الذي يمكنكم قوله في هذا الصدد عن وضعية المرأة الحامل؟
pp إن الحمل واقع سوسيولوجي وصحي واجتماعي عائلي، يتطلب التعايش معه بكيفية عادية، خاصة بالنسبة للمرأة التي لديها أبناء آخرين في المنزل، الذين يكونون في حاجة إلى العناية هم أيضا، وتتبعا في الدراسة عن بعد، وهو ما يتطلب من الأمّ وقتا أكبر وحضورا نفسيا وجسديا، مما يمكن أن يصل بها إلى مرحلة من التعب الشديد لأنها تقوم بأشياء أكثر من الفترات العادية.
هذا المعطى لا يعني بأنها لا يجب أن تهتم بحملها وبجنينها، أو أن تهمل بالمقابل وسطها العائلي بداعي الحمل، وإنما هي مدعوة إلى خلق نوع من التوازن، والمساهمة في تحقيق تكامل فيما بين مكونات أفراد الأسرة الواحدة.

n ما هي المشاكل التي قد يتعرّض لها الجنين في ظل هذا الضغط والتوتر؟
pp الأمّ هي الوحيدة التي يمكنها الاهتمام بجنينها، لهذا يجب عليها أن تنتبه إليه وألا تغفل وضعيتها الصحية، لأنه من الممكن أن تقع مجموعة من المشاكل خلال فترة الحمل، من قبيل النمو البطيء للجنين وبالتالي عدم بلوغ وزن معين يمنحه وضعا صحيا لائقا، كما أنه عندما تكون مستويات التعب التي تقوم بها الحامل كبيرة فقد تكون معرضة للولادة قبل الأوان، لأن عنق الرحم يمكن أن يُفتح قبل موعده، وهو ما قد يجرّ مشاكل كثيرة على الجنين منذ ظروف الولادة، إلى النمو والعيش في ظروف صحية ذهنية وعضوية قد تكون عصيبة، ويحتاج المولود إلى ظروف تكميلية ووسائل تدخّل للعيش.
لهذا يجب على الحامل أن تخلق توازنا بين وظيفتها الاجتماعية ودورها كأمّ، كما ينبغي عليها أن تنعزل بين الفينة والأخرى لتحصل على قسط من الراحة في المنزل، وتخصص لها وقتا خاصا بها ذهنيا ونفسيا وعضويا.

n هل يحول فيروس “كوفيد 19” وما ترتب عنه من تبعات دون متابعة الوضع الصحي للحوامل؟
pp على العكس تماما، إذ يجب على المرأة الحامل أن تتابع حملها بصفة منتظمة وفقا للمواعيد المسطّرة، أو كلما كان هناك أي مستجد، وأن تزور الطبيب من أجل الكشف السريري أو الفحص بالصدى، مع اتخاذ بطبيعة الحال كل السبل الوقائية الموصى بها، ومن بينها ألا تكون مرافقة بأكثر من شخص، وأن تضع الكمامة الواقية، وأن يكون موعد عيادة الطبيب متفق بشأنه سلفا، ضمانا للتباعد بين زيارات الحوامل، للحيلولة دون أي اتصال إذا أمكن، لتعزيز وسائل الحماية الفردية والجماعية من الفيروس وعدواه.

n ما هي أبرز المحطات التي على الحامل أن تزور خلالها الطبيب؟
pp هناك 3 محطات ومراحل أساسية التي يجب على المرأة الحامل أن تزور خلالها الطبيب المعالج من أجل الفحص بالصدى ومتابعة حملها، الأولى ما بين الأسبوع 12 و13، والثانية ما بين الأسبوع 20 و 22، والثالثة ما بين الأسبوع 30 و 32.
كما أنه يتعين على الحامل كلما أحسّت بأي تغير في وضعها الصحي أن تتصل بطبيبها المعالج لتحديد موعد للزيارة.

n وماذا عن الرضاعة إذا ما وضعت الحامل مولودها في هذه الظروف؟
pp الرضاعة الطبيعية هي آلية حماية للرضيع ويجب عدم حرمانه من حليب الأم، الذي مصدره الثدي، لأنه يمنح مناعة مهمة وقوية للمولود الذي يكون في حاجة كبيرة إليها لأنه لا يتوفر عليها حين ولادته.
لهذا يجب على الأمّ أن ترضع مولودها بعد الولادة مباشرة والاستفاقة عندما يكون بإمكانها ذلك، وأن تضع كمامة على فمها كإجراء وقائي، وأن تحافظ على رضيعها بالرضاعة الطبيعية التي هي جد ضرورية.
n بما أننا في شهر رمضان الأبرك، متى يمكن للمرأة الحامل الصيام؟

pp يمكن للمرأة الصيام في الوضع الطبيعي والعادي وفي ظل عدم وجود مضاعفات، ابتداء من الشهر الرابع من مرحلة الحمل، على أن تتوقف انطلاقا من الشهر الثامن، إذا لم تكن هناك حالة مرضية أو ظرفية صحية تدعوها إلى الإفطار، حفاظا على صحتها وعلى صحة جنينيها من أجل منحه فرص نمو طبيعي. وتكون الحامل مدعوة لكي تستعد خلال المرحلة الأخيرة من فترة الحمل للولادة إذ يجب ألا تعاني من تعب، كذلك الذي يرافق الصيام ويخلّفه، حتى يمكنها مسايرة فترة ما قبل وأثناء الوضع.

n وما هي الحالات التي يجب أن تفطر فيها، ومتى يشكل الصيام خطورة على الجنين؟
pp إن الفترة الأولى من الحمل، ما بين الشهرين والثلاث أشهر، هي مرحلة مهمة في التكوين الأولي للجنين، خلالها تتكون وتظهر جميع الأعضاء الفيزيولوجية، لهذا يجب الحفاظ على توازن بيولوجي في جسم المرأة، الأمر الذي لن يتأتى إذا ما صامت الحامل، لأن جسمها ستنقص منه كمية المياه وستتقلص نسبة الفيتامينات التي يحصل عليها الجسم من التغذية. كما أن المرأة الحامل حتى لو أذن لها الطيب بالصيام، فإنها يمكن أن تفطر إذا أحست بأنها لا تقوى على ذلك في فترة من الفترات، أو لأنها تعاني من السكري أو الضغط الدموي، أو تتناول أدوية أثناء فترة الحمل ويجب استعمالها في مواقيت محددة، ما دامت أن هناك رخصة ربانية تجيز للمريض الإفطار.

n ما هي النصائح التي يمكنكم توجيهها للحوامل بمناسبة رمضان؟
pp هناك مجموعة من النصائح التي يجب على الحامل التقيد بها خاصة خلال فترة الصيام، حتى لا تتأثر ولا تكون هناك تبعات على جنينها، أوّلها مرتبط بلحظة الإفطار بعد مغيب الشمس، التي يجب أن تكون تدريجية، وأن تبتدئ بجرعة ماء وبعد فترة يمكن لها أن تتناول مشتقات الحليب وبعض السكريات، ومن الأفضل ألا تشرب “الحريرة” إلا استثناء، لأنها تتوفر على السكريات البطيئة التي يمكن أن تؤثر عليها إذا ما تناولتها يوميا، لأن ذلك سيؤدي إلى زيادة في الوزن، أخذا بعين الاعتبار أن كل ارتفاع في وزن الجسم يعرض الحامل لمضاعفات خاصة بهذه الفترة، كما هو الحال بالنسبة لمرض السكري والضغط الدموي، لهذا يتم توجيه نصائح مشددة إلى الحوامل بشكل عام لكي يتفادين الوقوع في ارتفاع الوزن، يتجاوز المعدل الذي يتراوح بين كيلو وكيلو ونصف في الشهر.
يجب أن تكون وجبة الإفطار خفيفة حتى يمكن للحامل أن تتناول وجبة العشاء بعد ذلك، خلال فترة زمنية قصيرة، لكي تتمكن من النوم مبكرا حوالي الساعة العاشرة أو العاشرة والنصف ليلا، وألا تبذل مجهودا يكون له ما بعده.
إن النظام الغذائي الذي يجب أن تتبعه الحامل الصائم خلال شهر رمضان يجب أن يكون خاليا من الحراريات، وأن تكثر من أكل الخضراوات والفواكه وأن تشرب السوائل بكثرة وفي مقدمتها الماء، وأن تحرص على تناول اللحوم البيضاء كالسمك والدجاج، أما اللحوم الحمراء فيمكن لها تناولها بمعدل مرة واحدة في الأسبوع.


الكاتب : حاوره: وحيد مبارك

  

بتاريخ : 06/05/2020