في خطوة تروم تعزيز استقلالية المجلس الوطني للصحافة، والقطع مع مظاهر التعيين السياسي أو التأثير السلطوي على الجسم الإعلامي، تقدم الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية بمجلس النواب بحزمة من التعديلات بلغت 64 تعديلاً همّت مختلف أبواب مشروع القانون رقم 26.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة.
وتكشف التعديلات عن توجه نحو ترسيخ الطابع الديمقراطي لآلية انتخاب ممثلي الصحافيين، والتنصيص على أن الجسم الصحافي المهني هو وحده المخول بانتخاب من يمثله داخل المجلس، بما يُعيد للمهنة كلمتها واستقلاليتها، ويضع حداً لمنطق التعيينات أو التزكيات المغلقة. وشدد الفريق على ضرورة مراجعة تركيبة المجلس، مع تقليص عدد الأعضاء وإلغاء بعض التمثيليات التي اعتُبرت دخيلة على منطق الاستقلال المهني، مقابل تعزيز حضور الصحافيين النقابيين وضمان تمثيلية حقيقية للنقابات داخل بنية المجلس، مع إقرار مبدأ المساواة التمثيلية بين فئتي الصحافيين المهنيين والناشرين.
كما دعا الفريق إلى التنصيص على الاستقلال الإداري والمالي التام للمجلس، ورفض أي وصاية حكومية أو سلطة وصية، سواء عبر صياغات غير دقيقة أو صلاحيات مبهمة تُمنح للإدارة أو للحكومة في التعيين أو التوجيه. وارتكزت التعديلات على ضبط شروط الترشح والتصويت، عبر ربطها بالوضعية المهنية القانونية للصحافيين، واشتراط التقييد في سجل المهنيين المعتمد، بما يضمن نزاهة المسلسل الانتخابي ويمنع أي تحايل أو اختراق.
وبخصوص نظام الاقتراع، اقترح الفريق اعتماد النمط اللائحي بدل الفردي، لما يوفره من تعزيز لتمثيلية المنظمات النقابية داخل المجلس، وتكريس للتمثيلية الديمقراطية. كما طالب بإحداث لجنة وطنية مستقلة للإشراف على الانتخابات، بدل ترك الأمر للجنة معينة من قبل الإدارة.
وفي ما يتعلق بالاختصاصات التأديبية للمجلس، أكّد الفريق على ضرورة احترام الضمانات القانونية وحقوق الدفاع، والتنصيص على إمكانية الطعن في قراراته لدى القضاء الإداري، مشدداً على أن أي قرار بالمنع أو التوقيف أو سحب البطاقة المهنية يجب أن يكون بناءً على مقرر قضائي نهائي. كما رفض منح المجلس صلاحية حل التنظيمات المهنية، معتبراً أن ذلك يتعارض مع الدستور، وطالب بحذف هذا الاختصاص أو ربطه بقرار قضائي.
كما تضمنت التعديلات مقترحات مفاهيمية دقيقة لتعزيز وضوح النص القانوني، من خلال توضيح المقصود بالمنظمات النقابية، وتحديد من هم الصحافيون المهنيون، وتدقيق دلالة مصطلح “الحكماء”. وشملت التعديلات مراجعة صلاحيات المجلس وآليات اشتغاله بما يعزز من الحكامة الجيدة والتدبير الرشيد، إضافة إلى تأكيد دور المجلس في التكوين والتأطير المهني، ودعم الصحافة الجهوية، وحماية الصحافيين من الاعتداءات أو التضييق.
بهذه التعديلات، يؤكد الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية انخراطه المسؤول في ورش إصلاح المجلس الوطني للصحافة، داعياً إلى قانون ديمقراطي يليق بمكانة الإعلام وكرامة الصحافيين، ومناشداً كافة الفرقاء من داخل لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب لتغليب المصلحة العليا للمهنة وتحصين استقلالية الإعلام الوطني كضمانة لتعددية الرأي والديمقراطية.