الاتحاد الاشتراكي يدعو في برنامجه الانتخابي لسنّ سياسات لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة تقوم على المقاربة الحقوقية وتتجاوز النظرة الإحسانية

 انطلق من تشخيص واقعي وعلمي لاحتياجاتهم ولمعاناة أسرهم ولطموحهم في أن يشكلوا قيمة مضافة للمجتمع

 

أكد الاتحاد الاشتراكي في برنامجه الانتخابي الذي يتقدم به لاستحقاقات الثامن من شتنبر، أن الإعاقة تعتبر مسؤولية مجتمعية، والتي هي نتاج للسياق الاجتماعي الذي يولّد الحواجز والمعيقات التي تمنع الشخص من التعبير عن ذاته ومن التعلم والمشاركة والاندماج، وهو ما يبرر الانتقال من استعمال عبارة «الشخص المعاق» ذي الإعاقة إلى استعمال عبارة «الشخص في وضعية إعاقة»، مشددا على أنه بالرغم من أن هذه القضية قد حظيت بمكانة مهمة من طرف الدولة وعلى مستوى السياسات العمومية، إلا أن الأشخاص الذين يعانون منها يظلون عرضة لتأثيرات الفوارق الاجتماعية وعدم قدرة الحكومات المتعاقبة خلال العشرية الأخيرة على التعامل مع قضاياهم وفق مقاربة حقوقية توفر الآليات الضرورية للاستجابة لمتطلباتهم المشروعة، مما يكشف عن مجموعة  من الاختلالات.
وقدّم الاتحاد الاشتراكي مجموعة من المقترحات في برنامجه الانتخابي، من بينها ضمان الإدماج الاجتماعي والعدالة الاجتماعية للأشخاص في وضعية إعاقة، وضرورة إعادة النظر في السياسة العمومية للنهوض بحقوق هذه الفئة، بجعلها تقوم على المقاربة الحقوقية التي تتجاوز النظرة الإحسانية، والعمل على المعالجة الشمولية للإعاقة من الناحية الصحية، التربوية والتعليمية، والاجتماعية والاقتصادية والنفسية، التي تعمل على ضمان ولوج المعنيين إلى الحقوق وتحقيق المشاركة الاجتماعية تنفيذا للالتزامات الأممية للمغرب والمقتضيات الدستورية. ويلتزم الحزب بالعمل على اتخاذ تدابير للتكفل والتعويض عن الإعاقة والدعم والمساعدات، خصوصا للعائلات المحتضنة للأطفال في وضعية إعاقة، والتسريع بإنشاء صندوق وطني لتمويل المبادرات الموجهة لتحسين شروط الحياة بالنسبة لهؤلاء الأشخاص، واتخاذ تدابير من أجل تسهيل ولوجهم إلى المرافق العمومية والفضاءات العامة والنقل العمومي وغيرها من الإجراءات الأخرى.
إجراءات وتعهدات تأتي ثمرة لتشخيص واقعي لعيش أسر كثيرة تتوفر على شخص من ذوي الإعاقة أو أكثر، يعانون الأمرّين، رغم وجود نصوص قانونية ورغم توقيع بلادنا على التزامات دولية ورغم إصدار وزارات لمجموعة من المذكرات، التي تنص على تمكينهم من التعليم ومن الإدماج في عالم الشغل بعد ذلك، الأمر الذي لا يكون متاحا للجميع، في غياب دعم مادي ومعنوي. صعوبات تعترض ذوي الإعاقة المختلفة، وضمنهم الأشخاص المصابين باضطراب طيف التوحد، إناثا وذكورا، الذين لم توفر لهم وزارة الصحة برنامجا وطنيا على غرار برامج وطنية أخرى تهتم بمجموعة من الأمراض، والتي تتعدد عناوينها والتي تنطلق من الوعي بالمرض ومدى قبوله داخل الأسرة نفسها ثم المحيط الخارجي، وهو ما تسبب في تشتت الكثير منها بعد طلاق الأبوين، خاصة وأن هناك أزواجا يحملون مسؤولية إنجاب التوحيد لزوجاتهم، وهي الشهادات التي تطرقت إليها «الاتحاد الاشتراكي» على صفحاتها ضمن ملفات تم نشرها في أكثر من مناسبة. معاناة اجتماعية ينضاف إليها تعرض أطفال توحديين لعمليات جراحية كانت لها تبعاتها على صحتهم بالاعتماد على تشخيص خاطئ، وهو ما يطرح سؤال الكفاءة الطبية والتكوين في هذا الباب، فضلا عن إكراهات أخرى كثيرة من بينها الإكراه المادي الذي يثقل كاهل الأسر، فهناك أطفال لم يستطع آباؤهم المسايرة، لكون مصاريف التوحدي تتراوح ما بين 2000 و 3000 درهم شهريا في الحد الأدنى، نسبة كبيرة منها تذهب للمربيات، فضلا عن متطلبات أخرى قد يصنفها البعض في خانة الكماليات، لكنها هي من الضروريات لتحسين مستوى وسلوك الطفل التوحدي، من موسيقى ورياضة، سيما في مجال السباحة …
خطوات تطور من مستوى المصاب بالتوحد إذا ما تم توفيرها، لكن قد ينظر إليها البعض على أنها عنوان على الترف، والحال أنها ليست في متناول كل الأسر، التي تعتبر قدرتها الشرائية محدودة، مما يجعل المعني بالأمر محكوما بما هو متوفر والسعي لتطوير مهاراته في التعلم. وارتباطا بهذه النقطة أكد عدد كبير من الخبراء في تصريحات أدلوا بها للجريدة وخلال حوارات أجرتها معهم، أن تمدرس توحدي أو توحدية يرتبط بالتشخيص الدقيق الذي بناء عليه يتم وضع البرنامج الفردي لكل طفل مصاب بالتوحد، والذي يعتمد على نقاط القوة والضعف لكل حالة على حدة، مشددين على أن البرامج التعليمية تهدف إلى تحسين سلوك الأطفال التوحديين الذي يعتبر عائقا أساسيا أمامهم، وكذلك التركيز الذي بدونه لا يمكن التعلم، وذلك من خلال تركيز النظر، وكذلك الأمر بالنسبة للجانب الحسي والحركي لتطوير مهاراتهم المعرفية، وهي مسألة قد تبدو سهلة، لكنها عند التوحديين ليست كذلك.
ويؤكد الخبراء أن إشكالية التعليم معقدة، نظرا لأن إعاقة التوحد هي أصلا تعرف التعقيد، مشددين على أنه من المبادئ الأساسية للتعليم تفادي تعقيد العملية التربوية، لذلك يجب العمل على ابتكار وسائل ديداكتيكية وبيداغوجية، لإيصال المعلومة لهؤلاء الأطفال أو بكيفية أخرى العمل على تعليمهم كيفية التعلم، لهذا توضع برامج خاصة لكل طفل على حدة، وذلك بعد المرور من عدة مراحل تجريبية وتقييمية من طرف الطاقم التربوي وبمشاركة الآباء الذين يساهمون بدور كبير في العملية التربوية، لأن البرنامج التربوي المعتمد بالمدرسة يجب على الآباء تتبعه بالبيت، من أجل ضمان التكامل والنجاح للبرنامج الفردي للطفل.
برنامج تعليمي، قد يتعثر في مستوى معين، ولا يستطيع الطفل الالتحاق بمستويات أعلى مهما كان حجم الطموح، وعاشت الأسر التوحدية قبل مدة نضالا من أجل استكمال توحدي لدراسته فوق الباكلوريا، وغيرها كثير من الحالات التي تؤكد أن مجهودا أكبر يجب بذله لفائدة كل ذوي الإعاقة، إذ أن خطوات بسيطة بالنسبة للأشخاص «العاديين» قد تكون جد معقدة لغيرهم. هنا وارتباطا بالنقطة التي أوردها الاتحاد الاشتراكي في برنامجه الانتخابي المتعلقة بتسهيل ولوج هذه الفئة إلى النقل، وفي ملف سابق نشرته الجريدة عن مرضى الروماتويد الذي يشوه مفاصلهم وأطرافهم ويتسبب لهم في معاناة متعددة، ذرفت مريضة الدموع وهي تقدم شهادتها وتؤكد عجزها عن ركوب وسائل النقل العمومي، بسبب التدافع والزحام وغياب الانتباه إلى معاناتهم، مبرزة كيف سقطت أرضا أكثر من مرة.
آلام عضوية ونفسية، اجتماعية واقتصادية، يعاني منها الكثير من ذوي الإعاقات وأسرهم، والذين يحتاجون جدية أكبر في التعاطي مع أوضاعهم ومع مطالبهم، وهو ما جعل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يخصص حيزا مهما لهذه الفئة ضمن برنامجه الانتخابي، الذي يجعل من الحماية الاجتماعية عموده الفقري.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 02/09/2021

أخبار مرتبطة

  أعلن الناخب الوطني وليد الركراكي، في لقاء إعلامي صباح أمس الخميس بمركب محمد السادس بسلا، عن لائحة الفريق الوطني

استقبل رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، فوزي لقجع، أول أمس الأربعاء بسلا، أعضاء بعثة المنتخب الوطني لكرة القدم داخل

  عاش الروائي الطيب صالح تحت رحمة رواية «موسم الهجرة الى الشمال» التي حجبت أعمالا روائية له تضاهيها « ،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *