صوت البرلمان الأوروبي الأربعاء لصالح رفض مذكرة اعتراض تقدم بها نواب من اليمين واليمين المتطرف كانت ترمي إلى تعطيل دخول الاتفاق الفلاحي المحين بين المغرب والاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ. وبذلك يكون النواب الأوروبيون قد كرسوا اعتماد العمل التفويضي الذي قدمته المفوضية الأوروبية، مانحين الإطار القانوني اللازم لتفعيل الالتزامات التي تضمنها تبادل الرسائل الموقع بين الجانبين في الثالث من أكتوبر 2025. وهو ما يعد خطوة سياسية ذات دلالة بالغة على متانة الشراكة بين الرباط وبروكسيل.
ويكتسي هذا القرار أهمية خاصة لأنه يؤكد، بوضوح لا لبس فيه، إدماج الأقاليم الجنوبية للمملكة، بما فيها جهتا العيون–الساقية الحمراء والداخلة–وادي الذهب، في نطاق تطبيق الاتفاق الفلاحي مع الاتحاد الأوروبي. فبموجب النص المصادق عليه، تستفيد المنتجات القادمة من هذه الجهات من الامتيازات نفسها التي تتمتع بها السلع المغربية الأخرى عند ولوجها السوق الأوروبية، في تكريس عملي لوحدة المعايير التجارية المعتمدة تجاه مجموع التراب الوطني. ويذهب الاتفاق في اتجاه تعزيز الشفافية تجاه المستهلك الأوروبي، إذ يفرض إدراج معلومات دقيقة على الملصقات التجارية تحدد مناطق الإنتاج، بما يسمح بإبراز هوية المنتجات ويسهم في تثمين قيمتها المضافة.
ورغم محاولات بعض النواب المناهضين لدمج منتجات الأقاليم الجنوبية في الاتفاق الدفع نحو وقف المسار التشريعي، فإن عدم حصولهم على أغلبية في القاعة الأوروبية أجهض مسعاهم، فاتحا الطريق أمام استمرار العمل بالترتيبات الجديدة دون عوائق سياسية. ويعد هذا التطور بمثابة تثبيت للإطار القانوني الضروري لضمان انسيابية الصادرات الزراعية المغربية نحو أوروبا، بعد فترة من عدم اليقين خلفتها قرارات قضائية صادرة عن محكمة العدل الأوروبية في عام 2024.
ويشكل التصويت الأوروبي مكسبا دبلوماسيا واقتصاديا للمغرب في آن واحد، إذ يؤمن وضوحا قانونيا لشركائه ويجنب الفاعلين الزراعيين والمنتجين المغاربة هزات يمكن أن تمس استقرار معاملاتهم مع السوق الأوروبية، بينما يعزز ثقة المستثمرين في استدامة هذا التعاون. أما على المستوى الأوسع، فإنه يجدد التأكيد على مكانة المغرب كشريك استراتيجي للاتحاد الأوروبي، وقدرته على الحفاظ على علاقات متوازنة وفعّالة مع محيطه الاقتصادي والسياسي، رغم التجاذبات التي تبرز من حين لآخر داخل المؤسسة التشريعية الأوروبية.

