الاستقرار الأمني والتنمية الاقتصادية دعامات مشروع الحكم الذاتي في الصحراء المغربية

في الوقت الذي يسعى فيه المغرب ملكا وشعبا لترسيخ الديمقراطية وضمان السلم الاجتماعي والنمو الاقتصادي للبلاد، مازالت مجموعة من المرتزقة تسبح في الماء العكر، مخترقة كل المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ومنتهكة كرامة إخواننا المحتجزين بتندوف، الذين يعيشون في وضع يشبه العصر الحجري ،خصوصا بعدما انكشفت كل المناورات الخبيثة، وجعلت معظم دول العالم تعترف بالمجهودات المبذولة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الصحراء المغربية .
فبنتيجة الاستقرار السياسي والاجتماعي والأمني بالمنطقة،استطاعت الدبلوماسية المغربية بتوجهات السامية لصاحب الجلالة، أن تقنع مجموعة من الدول، لتؤكد اعترافها بالوحدة الترابية ومغربية الصحراء، وذلك بفتح قنصليتها سواء في العيون أو الداخلة التي وصلت إلى 16قنصلية بعد إعلان دولة الإمارات العربية المتحدة بفتح قنصلية عامة بالعيون.

هذه القنصليات
موزعة كالتالي:


07 قنصليات بالداخلة و 09 قنصليات بالعيون تهم 3 دول من جنوب القارة .دولة واحدة من شرق القارة. 6 دول من غرب القارة. 5 دول من وسط القارة بالإضافة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة .
فإذا كانت كل الدراسات الاقتصادية وشروط الفاعلين الاقتصاديين، تعتمد على الاستقرار الأمني والاجتماعي، لتشجيع الاستثمار الوطني والخارجي، فإن واقع البنية التحتية، وتواجد مؤسسات صناعية خدماتية ومالية بمناطق الصحراء المغربية، خير دليل على النمو الاقتصادي والاجتماعي والأمني، الذي عرفته المنطقة، منذ تحقيق نجاح المسيرة الخضراء في استرجاع أقاليمنا الصحراوية.
وما يؤكد ويجسد التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الصحراء المغربية، أن مدينة العيون تعتمد على اقتصاد تجاري حر، يشجع على السياحة الوطنية والأجنبية، بتوفرها على عدد من الفنادق المصنفة، بالإضافة إلى تمركز عدة شركات وطنية ودولية، ساهمت بشكل كبير في خلق مناصب شغل للشباب خصوصا في مجال الصيد البحري.
نفس المنحى تعرفه جهة الداخلة، السياحية الساحلية المعروفة بثرواتها السمكية المتنوعة، التي تغري وتستقطب مشاهير عشاق الرياضات البحرية .
أما المؤسسات المالية، فقد اعتمدت على أطرها المحلية والوطنية، لتساهم في تحريك عجلة الاقتصاد وتنمية السوق المالي كما هو الشأن بالمدن الكبرى للمغرب، بفضل تمركز جل البنوك المغربية بالمنطقة.
فالاستقرار الأمني والاجتماعي في الصحراء المغربية، إن هو إلا نتيجة السياسة الحكيمة للمغرب، الذي أعطى الأولوية للتنمية الاقتصادية، والمشاركة المحلية للسكان عوض التسلح،شهادة أدلى بها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتريس في تقريره حول ملف الصحراء المغربية، حيث صفق، ونوه بنهج الاستثمارات في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبنيات التحتية المتمثلة في استفادة جميع القطاعات بجهة العيون، في إطار عقدة البرنامج للتنمية الجهوية 2016/ 2021، من غلاف مالي يقدر بـ 41 مليارا و600 مليون درهم، قصد تمكين هذه الجهة من تعزيز مسارها التنموي،
ناهيك عن تنفيذ مشاريع رئيسية، تتمثل في الطريق السريع تيزنيت- العيون، وتوسيع الطريق بين العيون والداخلة، على طول ألف كيلومتر و115 مترا، بتكلفة قدرها 8 ملايير و500 مليون درهم، سيتم إنجازها على مرحلتين: الأولى تهم تثنية الطريق التي تربط تزنيت والعيون على مسافة 555 كيلومترا، فيما تشمل المرحلة الثانية توسيع الطريق الوطنية التي تربط العيون بالداخلة إلى 9 أمتار، على مسافة 560 كيلومترا.
مع التذكير بأن جهتي الداخلة – وادي الذهب والعيون – الساقية الحمراء، تشجعان المستثمر الوطني والأجنبي على الاستثمار خصوصا وأن مناطق الصحراء المغربية، تزخر بمؤهلات مهمة في مجال الصيد البحري تشمل 80 في المئة من الأسماك السطحية و20 في المئة من الأسماك المتنوعة.
كل هذه المشاريع التنموية، ليست سوى نتيجة للجهود البطولية التي تقوم بها القوات المسلحة الملكية، حامية الحدود المغربية من المرتزقة والمناورات الخبيثة لأعداء الوطن، والمؤسسة الأمنية التي تسهر على أمن وسلامة المواطن.
هنا يبقى دور الأحزاب السياسية الوطنية والمجتمع المدني،التي عليها أن تتجند و تعمل بعيدا عن التهافت الانتخابي في تأطير الشباب وتربيتهم على المواطنة الحقيقية لحمايتهم من الفكر الظلامي و الا رتزاق على حساب الوطن وجعلهم يثقون في المؤسسات الرسمية .
ورغم المجهودات الأمنية الجبارة التي تزاوج في عملها بين الجدية والتضحية والنباهة وضبط النفس التي تجنبها باحترافية كبيرة عدم الانسياق وراء مكائد أعداء الوطن التي تكاد تكون شبه يومية في مدن الصحراء، لابد من الاعتراف بأن الرهان يبقى قويا على المواطن المغربي، لكي يرسخ ثقته في المؤسسات الوطنية بكل تلاوينها، بعيدا عن لغة التشويش والتبخيس التي باتت للأسف تحتل حيزا هاما سواء في الواقع السياسي المغربي أو في المواقع الاجتماعية في الفضاء الأزرق.
وهنا وجب التذكير بغياب أي دور فعال للأحزاب السياسية في تكريس مسألة الثقة هاته، كما أن المجتمع المدني يبدو غير واع لحد الساعة، بما يمكن أن يجنيه ملف الصحراء المغربية، حين تكون هذه الثقة هي مصدر وقوة كل المشاريع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في ربوع الصحراء المغربية.


الكاتب : ادريس العاشري

  

بتاريخ : 06/11/2020