البرلمان الأوروبي يسعى إلى فتح الملف من جديد ويسقط في جملة من التناقضات

يستعد البرلمان الأوروبي يوم 9 فبراير الجاري مناقشة المزاعم المتعلقة بالتجسس على عدد من المسؤولين الأوروبيين بواسطة برنامج بيغاسوس. وحسب البرنامج الذي أعلن عبر الموقع الرسمي للبرلمان الأوروبي فإن الجلسة المذكورة، ستعقد حول موضوع « جيوسياسية برامج التجسس». غير أن صحيفة لوسوار البلجيكية قالت إن اللجنة المكلفة بهذا الموضوع تسعى إلى إقحام المغرب في هذه المزاعم، رغم أن التحقيق الذي قامت به لجنة التحقيق المكلفة من طرف البرلمان الأوروبي والذي قدمت نتائجه في نونبر الماضي، لم تجد أي دليل حول تورط المغرب في هذه المزاعم.
وكان البرلمان الأوروبي قد قرر في مارس من العام الماضي تكليف لجنة تتألف من 38 عضوا، وتهدف إلى تحليل التشريعات الوطنية الحالية التي تنظم المراقبة، والتحقق من استخدام برنامج التجسس بيغاسوس لأغراض سياسية، ولا سيما ضد الصحفيين أو السياسيين أو المحامين.
وبعد ستة أشهر من التحقيق، قدمت اللجنة المذكورة تقريرها الأولي في 8 نوفمبر 2022 ، والذي لم يجد أي دليل على تورط المغرب في عمليات التجسس هذه.
كما أن اللجنة استمعت في 28 نونبر من العام الماضي إلى عدد من مسؤولي المخابرات الإسبانية وجاءت إفاداتهم أيضا لتنفي أية علاقة للمغرب بهذه المزاعم.
غير أن هذه الحقائق المؤكدة، يبدو أنها لم ترق لبعض الجهات المعادية للمغرب، والتي أصبحت تبحث عن أية قشة تتعلق بها لمواصلة السباحة في بحر الأباطيل والهجوم على المغرب، وتأتي الجلسة التي أعلن عن انعقادها يوم الخميس القادم لتؤكد وجود نوايا مبيتة لدى هذه الجهات.
أكثر من ذلك، فإنه بعقد هذه الجلسة لمناقشة المزاعم حول تورط المغرب في هذا الموضوع، يقع البرلمان الأوروبي في تناقض صارخ بل وفضيحة، لأنه قبل ثلاثة أسابيع صوت على قرار مناهض للمغرب، تحركه نفس الخلفيات المشار إليها، ومن بين ما جاء فيه أيضا، الإشارة إلى برنامج بيغاسوس، وهي من بين المزاعم التي استند عليها لإدانة المغرب، وبمعنى أوضح فإن البرلمان الأوروبي قام بإدانة المغرب أولا ليعود بعد ثلاثة أسابيع ليحقق في تورط المغرب باستخدام برنامج التجسس المذكور !
وتؤكد هذه المعطيات النية المبيتة التي أشرنا إليها، كما تؤكد أن الجهات التي تريد استهداف المغرب، تعود إلى البحث في الأرشيف عن أي موضوع يمكن أن يبرر مزاعمها، حتى لو سبق أن انتهى النقاش حوله وتم طيه، ومهما صغر شأنه، وهو ما يفقدها الحيادية والموضوعية رغم ما تدعيه.
ولقد بدا واضحا أنه منذ انفجار قضية الفساد داخل أروقة البرلمان الأوروبي، ورغم أن المغرب لم تكن له علاقة بهذه القضية، إلا أن نفس الجهات المشار إليها استغلت الظرف، لتزج بالمغرب في هذه القضية مستغلة أجواء أصابع الاتهام والتخويف التي كانت وما تزال سائدة.
يقال إنه لمعرفة الجاني ابحث عن المستفيد، ولا يحتاج المرء كبير عناء لمعرفة هذه الجهات التي تواصل حملة ضد المغرب شبيهة ب» مطاردة الساحرات» وهو ما سبق أن أشارت إليه العديد من وسائل الإعلام المحايدة، والمحللين المطلعين على ما يجري خلف الكواليس، حيث أوضحت أن هناك دول ولوبيات يزعجها المغرب وتوجهه المستند على الدفاع عن مصالحه بكل استقلالية، وبناء تحالفاته دون وصاية من أحد، وهي الجهات التي لا تريد لدول الجنوب الخروج من عباءة دائرة التبعية والإملاءات، فحضور المغرب القوي وتأثيره في المنطقة ترى فيه هذه الجهات تهديدا لمصالحها، وتخاف أيضا من أن تنحو دولا أخرى نفس المنحى، وهي بمهاجمتها المغرب في محاولة يائسة وغير مجدية لتلجيمه، تبعث أيضا برسائل إلى هذه الدول في محاولة لثنيها عن ذلك.
كما أن الجهات المعادية للوحدة الترابية للمغرب، وعلى رأسها الجزائر، تقف وراء هذه الحملة، فمع استمرار الحرب في أوكرانيا، والأزمة الطاقية، تسخر الجزائر مواردها وحاجة الدول الأوروبية لمصادر الطاقة، لمواصلة الهجوم على المغرب والتأثير على قرارات المؤسسات الأوروبية، وهو ما كشفته مؤخرا «كرونيكا غلوبال» الإسبانية التي أشارت بأصابع الاتهام إلى تدخل جزائري في الشؤون الداخلية للمؤسسات الأوروبية، مشيرة إلى أن النظام الجزائري يستغل ما يسمى بـ «مجموعة الصحراء» لمخططاته للتدخل، لاسيما داخل البرلمان الأوروبي.
وقال موقع (كرونيكا غلوبال) «على الورق، تشكل المجموعات المشتركة مكانا للتبادل غير الرسمي لوجهات النظر حول قضايا محددة ولتعزيز الاتصالات بين أعضاء البرلمان الأوروبي والمجتمع المدني. ومع ذلك، هناك حالة نموذجية توضح كيف يتم اختيارها من قبل مصالح بلد ثالث، على غرار الجزائر التي تحيك مخططاتها للتدخل في المؤسسات الأوروبية من خلال المجموعة المشتركة حول الصحراء، التي تعد الوحيدة بشأن منطقة جغرافية معينة».
وأضاف المصدر ذاته أنه تمت دعوة العديد من البرلمانيين الأوروبيين من هذه المجموعة المشتركة، بما في ذلك المناهض للرأسمالية ميغيل أوربان، وآنا ميراندا المؤيدة للاستقلال، للمشاركة في ما يسمى بـ «مؤتمر البوليساريو « الذي انعقد في منتصف شهر يناير، موضحة أن «المشاركين وصلوا إلى تندوف على متن طائرة استأجرتها الحكومة الجزائرية من برشلونة».
ويتساءل كاتب المقال قائلا «من المثير للاستغراب أنه في الأسبوع الذي تلا هذه الزيارة، كان البرلمان الأوروبي ينتقد المغرب بشكل خاص (…) وكانت آنا ميراندا وميغيل أوربان بالتحديد أكثر أعضاء البرلمان الأوروبي انتقادا».
وسجلت «كرونيكا غلوبال» أنه «في مواجهة هذا الوضع المأساوي، حيث تكون مصداقية المؤسسة وحتى المشروع الأوروبي على المحك، يجب ألا يكون للبرلمان الأوروبي مجال لأنصاف المقاييس وينبغي أن يكون طموحا في تنظيم الملاذات المستخدمة للتدخل في قراراته. (…)، بما في ذلك المجموعات المشتركة».
وبحسب وسيلة الإعلام الإسبانية، فإن البرلمان الأوروبي نفسه يعترف بأن هذه المجموعات المشتركة « تكون أحيانا «تحت رعاية مجموعات الضغط أو الحكومات»، لكنه يحدد أنه عندما تقوم هذه المجموعات بزيارة إلى الخارج، فهي «ليس لديها وضع رسمي» و»لا يمكنها التحدث نيابة عن البرلمان».


الكاتب : عزيز الساطوري

  

بتاريخ : 07/02/2023