البروفسور آمال بورقية: الفشل الكلوي يهدد مرضى فيروس «كوفيد 19» ويرفع من خطورة مضاعفاته

إلى جانب استهدافه للقلب، الجهاز العصبي والهضمي، وأعضاء أخرى …

يوما عن يوم، يكتشف العلماء معطى جديدا له علاقة بفيروس كورونا المستجد، الذي ضرب العالم بأسره، وتسبب في وفيات تجاوزت 170 ألف حالة وفاة، وإصابات فاقت المليوني إصابة، في الوقت الذي لم يكن يعتقد أكبر المتشائمين أن سيناريو مماثلا قد يقع يوما. فيروس يقف المختصون في كل لحظة على خاصية جديدة تميزه عن باقي فيروسات الكورونا، من أجل إيجاد الصيغ المناسبة لمحاصرة تداعياته وتطويق تبعاته الوخيمة.
«كوفيد 19» الذي ظهر في الصين، واعتقد العلماء أنه يتسبب في تبعات تنفسية على غرار فيروسات أخرى، تبين لاحقا عدم صحة هذه النظرية، بل وتم اكتشاف كيف يستنسخ الفيروس نفسه داخل الجسم بمجرد اقتحامه له، وكيف يهاجم مجموعة من الأعضاء النبيلة، انطلاقا من الرئتين مرورا بالقلب فالدماغ، كما أنه يطال الجهاز الهضمي والعصبي، والكبد، وأخيرا الكلي، وأشارت دراسات إلى أن ما بين 14 و 30 في المئة من مرضى العناية المركزة في نيويورك ووهان الصينية، فقدوا وظائف الكلي، وباتوا في حاجة إلى غسيل لها وإلى العلاج المستمر.
علاقة فيروس كورونا المستجد بالكلي، ووقعه عليها، والتبعات الوخيمة التي قد يتسبب فيها، دفعت « الاتحاد الاشتراكي» إلى إجراء الحوار التالي، مع البروفسور آمال بورقية، الاختصاصية في أمراض الكلي، ورئيسة الجمعية المغربية لمحاربة أمراض الكلي، لتسليط الضوء على مختلف الجوانب المتعلقة بهذا الموضوع تعميما للفائدة.

البروفسور آمال بورقية

o هل يؤثر فيروس كورونا المستجد على مرضى الكلي؟
n منذ ظهور وباء “كوفيد 19” إلى حدود اليوم، لم تتوقف الدراسات والأبحاث من أجل فهم هذا الفيروس بشكل أكبر، حتى يتسنى التعامل معه. أبحاث يجريها العلماء في جميع أنحاء العالم بيّنت لحدّ الساعة أن هذا الفيروس يطال عددا من أعضاء الجسم كالقلب، إلى جانب تسببه في مشاكل على مستوى الجهاز العصبي، وإحداث جلطات في الدم، وكذا مشاكل على مستوى الجهاز الهضمي، حيث تم الكشف عن مجموعة من الالتهابات التي تؤكد على أن الداء يهدد الكثير من الأعضاء والمرضى.
فيروس لم تسلم منه الكلي، إذ بينت الأبحاث التي تتواصل على أن عددا من الأشخاص الذين أصيبوا بفيروس كورونا المستجد أصيبت كلّيهم، ولم يكونوا يعانون من أية إصابات وأعراض بها سابقا، والذين تأثروا بمجموعة من المضاعفات، حيث تتعقد وضعيتهم الصحية وتصبح حالتهم أكثر خطورة، فلا يتعافى المريض بسهولة، وهو ما قد يفسر العدد الكبير للوفيات عبر العالم.

 

o كيف تظهر أعراض الكلي عند المصاب بـ “كوفيد 19” ؟
n مع مرور الأيام وتطور المرض، اهتم الخبراء بالأعراض والتداعيات التي تنجم عن الإصابة بفيروس “كوفيد 19″، وتم تتبع مساره في الجسم والأعضاء التي تكون عرضة لهجومه، وتبين على أن حوالي 50 في المئة من الأشخاص الذين تم تشخيص الفيروس عندهم تضررت الكلي في أجسامهم بنسب ومضاعفات متفاوتة.
وتظهر أمراض الكلي عند استشفاء المريض، التي قد تكون في البداية بسيطة وتتطور بسرعة لتصبح عبارة عن فشل كلوي حاد، خاصة في مرحلة الإنعاش، حيث يحتاج أكثر المصابين للتصفية، لأن الأمر يتعلق بعامل من عوامل الخطورة.

 

o أين تتجلى خطورة الفيروس بالنسبة للكلي وما هي الميكانيزمات التي يهاجمها؟
n لقد كانت هناك مجموعة من الأبحاث عن الضرر الذي يتسبب فيه فيروس كورونا المستجد للكلي، وإذا كانت الميكانيزمات المتضررة غير واضحة بدقة، فإن هذا لا يلغي وجود إصابات حادة في الكلي عند هذه الفئة من المرضى.
إن أبرز ما يتعرض للتلف على مستوى الكلي هو الوحدة العاملة، التي تتأثر من الاجتفاف ونقص الأوكسجين، مما يولّد ردود مناعية في الجسم نتيجة لدخول الفيروس للجسم، التي تصبح أكثر خطورة على النفس، وتكون الكلي ضحية لكل ذلك، وقد بيّن التشريح الذي أجري على جثث عدد من المتوفين في دول مختلفة أن الأشخاص الذين توفوا بعد إصابتهم بالفيروس ظهرت آثار الفيروس في الوحدة العاملة، مما يؤكد وجود العلاقة السببية.

 

o هل هناك من علامات يجب الانتباه إليها؟
n بالفعل، تظهر مجموعة من الأعراض التي تكون عبارة عن علامات يجب الانتباه إليها باعتبارها مؤشرا على إصابة الكلي، ومن ضمنها وجود دم في البول، إضافة إلى البروتينات فيه، التي يتم اكتشافها من خلال التحاليل، التي يجب البحث عنها في البداية، علما أنه غالبا خلال مدة 10 أيام الأولى، قد يتعرض المريض للفشل الكلوي، وهو ما يستوجب الانتباه والتدخل مبكرا، لتفادي ولوجه إلى الإنعاش والعناية المركزة الأمر الذي يقلّص من نسب تعافيه.
إن الفشل الكلوي هو لوحده، عامل من عوامل الوفاة، خاصة في أشكاله الحادة، وهو ما يتطلب الانتباه منذ البداية والرصد المبكر لوظائف الكلي من أجل إنقاذ المريض، فقد بينت الأبحاث أن ما بين 15 و 30 في المئة من المتواجدين في العناية المركزة تضيع كليهم ويكونون في حاجة إلى التصفية لأنها لم تعد قادرة على القيام بوظائفها.

 

o كيف يمكن السيطرة على عوامل الخطر التي تضر بالكلي؟
n هناك مجموعة من المساطر العلاجية المتبعة من طرف الأطباء في مصالح العناية المركزة والإنعاش للحفاظ على كلي المرضى من التعفن، ويجب الانتباه في هذا الصدد إلى جرعات الأدوية عموما، والمضادات الحيوية خصوصا، وكذا البروتوكول العلاجي المسطر للتعامل مع مرضى “كوفيد 19” والذي يقوم على الكلوروكين.
إن المريض عندما تتوقف الكلي عن القيام بوظائفها، يحتاج على عملية الغسل والتصفية، إذ ترتفع نسبة الإصابة خلال أسبوع أو 10 أيام على أقصى تقدير، وتشير الأبحاث إلى أن نسبة 5 في المئة على الأقل من المرضى المصابين بالفيروس المتواجدين بالعناية المركزة، هم ممن أصاب كليهم التلف.

 

o أمام هذا الوضع كيف يمكن معالجة المريض من الفيروس وكذا اختلال وظيفة الكلي؟
n عند الانطلاق في العلاج بالتصفية، هناك عدة اقتراحات حول أي شكل من أشكالها الذي يجب اتباعه، وفي ظل هذا الوضع الحرج يتم الاعتماد على الخبرات المحلية الموجودة والتجهيزات المتوفرة، وينصح بالشروع في عملية تصفية الكلي بشكل مبكر قبل التعقد الكامل لوضعية المريض الذي يكون تحت التنفس الاصطناعي ونفس الأمر بالنسبة للتصفية أيضا.
إن الفشل الكلوي أمر جد صعب، وهو خطوة في اتجاه الفشل المزمن، تًفاقم من وضع المريض المصاب بفيروس كوفيد 19، وهو ما يجب الانتباه إليه، لمنحه العلاج المناسب والمتابعة الطبية التي يتطلبها وضعه الصحي، من أجل إنقاذ حياته وحماية كليتيه، أو الحدّ من المضاعفات الصحية الوخيمة عليهما.


الكاتب : حاورها: وحيد مبارك

  

بتاريخ : 30/04/2020