البروفيسور محمد اعبابو يقدم كتابه «الإسلام والأجيال في المغرب» بفاس

لماذا تأخر تشييد علم الاجتماع الديني في المغرب؟

 

نظم مختبر السوسيولوجيا والسيكولوجيا، والمكتب التنفيذي لجمعية ملتقى الشباب والتنمية، لقاء احتفائيا لتقديم كتاب»الإسلام والأجيال في المغرب» لمؤلفه الأستاذ محمد عبابو، ، وذلك برحاب قاعة الندوات بالمديرية الجهوية للثقافة فاس مكناس خلال الاسبوع الماضي.
اللقاء عرف مشاركة كل من الدكاترة الباحثين: عبد الرحمن المالكي، ومحمد فاضل، وصلاح الدين لعريني، وأشرف على إعداد وتسيير هذا اللقاء العلمي حسن صابر الباحث في السياسات الثقافية، والخبير المعتمد لدى أكاديمية التواصل والإعلام بالرباط.
وقد تتبع هذا اللقاء العلمي الهام، العديد من الفعاليات الجمعوية، والإعلامية والثقافية من أساتذة باحثين ينتمون إلى حقول معرفية متعددة، بالإضافة إلى أساتذة المختبر وطلبة الماستر والدكتوراه.
اللقاء استهله مسير الجلسة حسن صابر بكلمة أبرز فيها السياق العام لتنظيم هذا اللقاء العلمي، وتقديم المشاركين والترحيب بالفعاليات الحاضرة عامة، وأيضا التمثيليات المؤسساتية التابعة لمختلف المصالح الخارجية لوزارة الشباب والثقافة والتواصل، ورئيس فرع النقابة الوطنية للصحافة المغربية بجهة فاس مكناس، والإعلاميين المرافقين له، وافتتح اللقاء بعرض شريط تركيبي استهلالي حول السيرة العلمية والثقافية للمؤلف محمد عبابو مع استعراض صور أهم المحطات في المسار الأكاديمي والمهني له، وكذا مشاركاته العلمية بمصاحبة صوتية للمسير. وبعد تقديم السيرة الذاتية للمؤلف محمد عبابو تناول هذا الأخير الكلمة، حيث أبرز أهم المحطات التاريخية التي واكبت اهتمامه بقضايا سوسيولوجيا الدين، مشيرا إلى أبحاثه ومؤلفاته السابقة في هذا السياق، مؤكدا رصده لمختلف التغيرات التي عرفها المجال الديني في المغرب عبر تعاقب الأجيال. كما سعى المؤلف إلى نقد بعض البراديغمات والمفاهيم التي عملت على تشييد علم الاجتماع الديني والتي عملت من جانب آخر على تأخيره، والتي لاتزال تشكل منطلقات للأبحاث والدراسات السوسيولوجية، ومن ناحية أخرى عمل على إعادة قراءة المفاهيم المرتبطة بالجيل والتنشئة الاجتماعية، دونما إغفال لأهم المحطات التاريخية التي واكبتها الأبحاث الأنتربولوجية والسوسيولوجيةعلى ضوء الدراسات الاستقصائية المغربية.
من جهته سلط الباحث السوسيولوجي عبد الرحمن المالكي الضوء على الفصل الأول من الكتاب، مبرزا أهميته في تقديم كرونولوجيا الأبحاث في سوسيولوجيا الدين في المغرب مع مناقشته مسألة الجدية الواجب حضورها في النقاش حول الدين الإسلامي، واستحضار صعوبتها عندما يكون الباحث منتميا إلى حقل ديني ما.
الباحث في سوسيولوجيا الدين محمد فاضل حاول قراءة الكتاب انطلاقا من إعادة القراءة في العنوان، ومساءلة قضايا الحداثة في الخطاب الديني مبرزا الأحداث التي تربطه مع المؤلف خاصة في ما يتعلق بالدرس الديني الذي قدمه الأستاذ عبابو في رحاب جامعة سيدي محمد بن عبد الله ليبرهن على جدارة البحث في المجال الديني، في سياق تسلسل دراسات وأبحاث المؤلف لما يفوق 30 سنة من البحث ، في حين استعرض المسير أهمية الدين في نسج العلاقات الاجتماعية من زاوية الطرح الدوركايمي في الدين، بما يجعل من الطقوس والشعائر والاحتفالات الدينية انفعالا جماعيا دوركايميا يساعد على التفاعل الاجتماعي وربط الناس ببعضهم البعض.
الباحث السوسيولوجي صلاح الدين لعريني الذي سلط الضوء على الفصل المتعلق بالإسلام والحركات الاحتجاجية الذي قام المؤلف بإنجازه بمعية الباحث محمد فوبار، خاصة بعد حركة عشرين فبراير، أبرز الأسس النظرية والمعرفية المؤطرة للحركات الاحتجاجية خاصة من زاوية نظر آلان توران وغدينز. كما أوضح دواعي وسياقات هذه الحركة ومنطلقاتها. اللقاء توج بفتح النقاش لإبداء الرأي والتفاعل مع مداخلات الأساتذة عامة وتقديم المؤلف لمؤلفه، واختتمت الجلسة العلمية في جو تفاعلي وتواصلي مميز بتوقيع كتاب»الإسلام والأجيال في المغرب»، وفي هذا الإطار أبرز المؤلف الفواصل الفارقة بين تناول الخطاب الديني من زاوية سوسيولوجيا الأديان، وعلم الاجتماع السياسي، كما خلص إلى أهمية هذا المؤلف في إعادة قراءة وتحديد المفاهيم خاصة في ما يتعلق بالجيل، والتنشئة الاجتماعية، والاندماج على ضوء نتائج العديد من الدراسات الاستقصائية المغربية.كما ربط التغيرات الدينية، ممارسة وخطابا، بالتحولات في التنشئة الاجتماعية عبر تعاقب الأجيال وليس تلك المرتبطة فقط بتداعيات الحداثة، أو بمختلف الإخفاقات الاجتماعية والاقتصادية.
تجدر الإشارة إلى أن الكتاب الصادر عن «منشورات ملتقى الطرق» يقترح مقاربة شمولية لتفسير التحولات  التي يعرفها الحقل الديني بالمغرب. وينطلق الكتاب من قراءة نقدية للباراديغمات السائدة داخل حقل سوسيولوجيا الدين، كما يحاول إعادة قراءة مفاهيم من قبيل الجيل، التنشئة الاجتماعية والتدين في خضم سياق العولمة.
فعلى امتداد 270 صفحة، يحاول عبابو، الرئيس السابق لشعبة علم الاجتماع بكلية الآداب بظهر مهراز، العودة إلى الأبحاث السوسيولوجية والأنتروبولوجية السابقة. ومن خلال ذلك، يتوقف عند عدد من المقاربات السوسيولوجية والأنتروبوجية التي  لاتزال تهيمن على حقل الدراسة المغربي من خلال استعمالها من قبل الباحثين بالرغم من نهاية صلاحيتها الكشفية في مقاربة الظاهرة الدينية.
ومن خلال إعادة قراءة هذه البراديغمات، يقول الكتاب في صفحته الأخيرة، «يبدو أن التحولات الدينية ناتجة عن أشكال جديدة من التنئشة وعن أثر الأجيال ومفاعيله، ولا ترتبط ضرورة بالإحباطات الناجمة عن الحداثة أو الإحباطات السوسويواقتصادية»
.يذكر أن محمد محمد عبابو يشغل حاليا مدير مختبر السوسيولوجيا والسيكولوجيا، بكلية الآداب ظهر مهراز بفاس، وسبق له أن أصدر عدة مؤلفات سوسيولوجية، حيث تتعدد حقول اهتماماته العلمية في مجال الصحة لتشمل التمثلات الاجتماعية للصحة والمرض، التدبير اليومي للمرض والعلاج، سوسيولوجيا الأمراض المزمنة (السرطان، الإيدز، القصور الكلوي، السكري،..) والسياسات الاجتماعية في مجال الصحة (التغطية الصحية، البرامج الدولية والمحلية للصحة، سياسة الصحة…).كما يهتم الباحث بسوسيولوجيا الإسلام، التنشئة الدينية، الإسلام والأجيال، التدين والتثاقف، له عدة مقالات في الحقول العلمية السالفة الذكر، كما أنه مسؤول ومنسق لعدة مشاريع علمية محلية وعالمية.


الكاتب : محمد بوهلال

  

بتاريخ : 15/12/2021