الإخوة خططوا لعملياتهم بتوجيه من إرهابي داعشي يتمركز مع أنصاره في منطقة الساحل..
الخلية كانت تستعد لتنفيذ عمليات إرهابية نوعية وذات قدرة تدميرية واسعة .. أزيد من 40 خلية إرهابية على علاقة وطيدة بفروع القاعدة أو «داعش» بالساحل الإفريقي..
التنظيمات الإرهابية تسعى إلى تجنيد القاصرين عبر شبكات التواصل الاجتماعي
نظم المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، ندوة صحافية، سلط من خلالها الضوء على حيثيات وملابسات اعتقال ثلاثة إخوة، أو ما بات يسمى «خلية الأشقاء» بمنطقة حد السوالم نواحي العاصمة الاقتصادية للمملكة .
وحسب حبوب الشرقاوي، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية (البسيج)، فاللقاء جاء من أجل محاربة الأخبار الزائفة (الفايك نيوز) والإشاعات المغرضة، وتكريس الحق في المعلومة، وإرساء مبادئ الحكامة الأمنية الجيدة، وتعزيز الإحساس العام بالأمن، والتفاعل مع انتظارات المواطنين في المجال الأمني، خاصة في الجانب المرتبط بتحييد المخاطر والتهديدات الإرهابية التي تُحدق بأمن الوطن والمواطنين.
وأوضح حبوب الشرقاوي أن الندوة تأتي في إطار الحدود التي يسمح بها القانون من جهة، دون الإخلال بسرية البحث المكفولة قانونا من جهة ثانية. وكشف أن العملية الأمنية استندت الى معطيات استخباراتية وفرتها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، مؤكدا أن العملية كانت في مرحلة التحضير للتنفيذ المادي لعمليات إرهابية وشيكة باستخدام مواد متفجرة، وباستعمال كذلك أساليب وتقنيات الإرهاب الفردي.
وأفاد مدير «البسيج» أن المتهمين تمت مواكبة عملية اعتقالهم تحت إشراف الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بالرباط طبقا للقانون. كما كشف أن المعتقلين بدون سوابق عدلية، وكانوا خاضعين لهيمنة الأخ الأكبر وتوجيهه، وكل ما قاموا به كان بتوجيه إرهابي من داعش يتمركز مع أنصاره في منطقة الساحل التي تحولت إلى بؤرة سبق للمغرب أن نبه إليها الجهات الدولية المعنية بمكافحة الإرهاب .
وكشف الوالي حبوب الشرقاوي أن المتهمين كانوا قد وثقوا «بيعتهم» المزعومة لتنظيم داعش في تسجيل فيديو، كما وثقوا أيضا -وبشكل مسبق-»إعلان مسؤوليتهم» عن المخططات الإرهابية التي كانوا يعتزمون تنفيذها في المستقبل القريب، وذلك على أساس نشر «إعلان تبني المسؤولية» مباشرة بعد التنفيذ المادي لتلك المشاريع الإرهابية. والأنكى أنهم قاموا بتصوير العديد من الأهداف المحتملة، كما قاموا أيضا برسم تصاميم تقريبية للمسالك والمسارات المؤدية لبعض تلك الأهداف، وممرات الهروب المرتقبة، والتي كان يعتزمون الاسترشاد بها خلال عمليات التنفيذ ومحاولة الهروب من مكان التفجير.
وقدم محبوب معلومات ضافية عن الموقوفين الأربعة، ويبلغون من العمر 26 و30 و31 و35. غير أنهم يتشاركون في معطى أساسي، وهو تدني مستواهم الدراسي، الذي لا يتجاوز المستوى السادس ابتدائي بالنسبة للأشقاء الثلاثة، بينما تابع المشتبه فيه الرابع دراسته الثانوية إلى حدود مستوى الباكالوريا. كما أن اثنين منهم فقط متزوجان ولهم أبناء، بينما تتشابه وضعياتهم المهنية في مزاولتهم لمهن وحرف متواضعة وعرضية، باستثناء شخص واحد انقطع مؤخرا عن مزاولة أي نشاط مدر للربح.
وأشار المتحدث إلى أن الأخطر هو تنامي «الاستقطاب الأسري»، بوصفه رافدا جارفا من روافد التطرف والتجنيد في صفوف المرشحين للقيام بعمليات إرهابية. بل إن متزعم الخلية المفترضة كان ينوي تهجير أولاده الخمسة لمنطقة الساحل ليكونوا وقودا للآلة الارهابية .
وذكر حبوب الشرقاوي في هذا الإطار، بـ»الخلية النسائية» التي تم تفكيكها بتاريخ 3 أكتوبر 2016، والتي تبين بأن جل أعضائها كانوا قد تشبعوا بالفكر «الداعشي» عن طريق التأثر بالوسط العائلي، بحكم أن معظمهن كان لهن أقارب ينشطون في صفوف «داعش»، أو أنهن سليلات عائلات سبق لأفرادها أن أدينوا، على مراحل متفرقة، في قضايا الإرهاب.
وقال الشرقاوي إن الأبحاث الأمنية المنجزة أكدت بأن أعضاء هذه الخلية الإرهابية كان لهم ارتباط عضوي بأحد القياديين في تنظيم داعش بمنطقة الساحل، وهو الذي اضطلع بدور مهم في تسريع عملية التجنيد والاستقطاب وتلقين الأفكار الإرهابية، من خلال الإصدارات والمحتويات الرقمية المتطرفة التي كان يرسلها لأعضاء هذه الخلية، بغرض تحويلهم إلى «أشخاص منذورين للموت» يمكن الدفع بهم بسرعة لتنفيذ عمليات إرهابية تهدف إلى القتل والتمثيل بالجثث باستخدام أساليب التعذيب، علاوة على المراهنة على عمليات التفجير لإحداث أكبر خسائر ممكنة في الأرواح والممتلكات.
وكشف الشرقاوي بان التحقيقات السابقة رجحت أن القاصرين (ما بين 14 و17 سنة)، يشكلون مصدر تهديد متنامي، بسبب سعي التنظيمات الإرهابية إلى استغلال حداثة سن هذه الفئة العمرية التي يكون لها ارتباط وثيق بشبكات التواصل الاجتماعي، وطبائعها السلوكية المرتبطة بالرغبة في المغامرة والمجازفة، من أجل الزج بهم في عمليات إرهابية.
وكشف المصدر أن نسبة الأطفال من أسر مغربية، المعتقلين حاليا ببعض بؤر التوتر لاسيما بالشمال الشرقي لسوريا (382 طفلاً، منهم أكثر من 50 قاصراً ممن رافقوا ذويهم إلى سوريا بين عامي 2013 و2015، في سن السابعة أو التاسعة، وقد بلغوا الآن سن الرشد). فالعديد من هؤلاء خضعوا لتداريب قتالية، ووجهوا تهديدات ضد بلادنا، كما هو الحال بالنسبة للقاصر ابن المقاتل إبراهيم الحلي، الذي شارك في سنة 2015 في مسابقة للفئات اليافعة من مختلف الجنسيات المنضوية تحت ما يسمى بـ»أشبال الخلافة»، وكانت جائزته على تفوقه، هي القيام بإعدام جندي سوري أسير بواسطة مسدس أطلق منه رصاصتين بكل برودة على رأس هذا الأخير.
وأضاف الشرقاوي: «أصبحت منطقة الساحل تشكل مصدر تهديد حقيقي بالنسبة للمملكة المغربية، بالنظر إلى بروزها كعلامة مشتركة بين أغلب المتطرفين الذين تم اعتقالهم منذ 2022، حيث إن معظمهم خَطّط للقيام بمشاريع إرهابية بالمغرب.
وزيادة في التوضيح، تشير المعطيات الإحصائية بأن السلطات المغربية فككت أزيد من 40 خلية إرهابية على علاقة وطيدة بفروع القاعدة أو «داعش» بالساحل الإفريقي، كما أنها رصدت منذ نهاية سنة 2022 مغادرة 130 من المتطرفين المغاربة إلى ساحات «الجهاد» الإفريقية في الصومال والساحل، وهو ما يكشف بوضوح حجم التهديدات المرتبطة بهذه المنطقة على الأمن والاستقرار في المحيط الإقليمي.
وكدليل على حجم هذه التحديات، يقول المتحدث، نشير إلى أن العديد من المقاتلين المغاربة الذين انخرطوا في صفوف «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» و»جماعة التوحيد والجهاد بغرب إفريقيا» و»جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» و»داعش»، كانوا يسعون إلى توسيع نشاط جماعاتهم داخل المملكة المغربية، بل إن العديد منهم أسندت لهم مهام قيادية، والبعض الآخر تورط في عمليات إرهابية خطيرة، مثلما هو الحال بالنسبة للهجوم الذي شنّه فرع «داعش» بالصومال على ثكنة عسكرية للقوات الصومالية بمنطقة بونتلاند بتاريخ 31 دجنبر 2024، والذي عرف مشاركة مغربيين كانتحاريين في عملية التنفيذ.
من جهته، أوضح بوبكر سبيك، الناطق الرسمي باسم المديرية العامة للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، طبيعة التدخل الامني على الأرض الذي شاركت فيها عدة أجهزة ضمنها قوات النخبة. إذ تم تطبيق بروتوكول صارم لحماية الأرواح سواء المواطنين ورجال مختلف الأجهزة الأمنية.
وعن انتشار التشكيك في مثل هذه العمليات الأمنية، أكد أن الهدف من هذه البروباغندا هو السعي إلى مواجهة الأجهزة الأمنية ودفعها إلى الانكفاء على ذاتها.
وشدد سبيك على أنه “كلما استمرت الأجهزة الأمنية المكلفة بمكافحة الإرهاب في الاستماع إلى هذه البروباغاندا المغرضة، ستبدأ في الانكفاء، مما يتيح لهؤلاء المتطرفين مواصلة عملياتهم الإرهابية».
وأفاد الناطق الرسمي أن هذا يدخل ضمن ما يسمى بـ”الخطط متعدية القصد”، ذلك أن الهدف ليس مجرد التجريح في العمليات الأمنية، بل دفع الأجهزة الأمنية إلى التراجع، حتى يتمكنوا من مواصلة بث الرعب بين المواطنين ومواصلة ضرب الأمن والاستقرار الوطني.
وأوضح سبيك أن المواطنين الغيورين على أمن بلادهم، الذين يؤمنون بأهمية الأمن، دائما يدعمون هذه العمليات الأمنية، ولكن في المقابل، هناك من يخدمون أجندات معينة ويعملون على تنفيذها، مشددا أن هذا اللقاء يُعد جزءًا من تمرين تواصلي يهدف إلى الرد على هذه الحملات التشكيكية.
وأضاف سبيك «عندما نرى المحجوزات والمعطيات الأمنية الدقيقة، يتضح أن التهديد الإرهابي قائم ووشيك. غير أن يقظة الأجهزة الأمنية حاضرة ووقف على قوة الامن المغربي، مؤكدا الجاهزية لحماية كل التظاهرات التي تستعد بلادنا لاستقبالها، ومنها كأسي إفريقيا والعالم، مشددا على أن الملف الأمني من الملفات الحاسمة في تنظيم التظاهرات الدولية الكبرى، مشيدا أيضا بدور الإعلام في تنوير الرأي العام، ونقل المعلومات، وإشباع احتياجات المواطنين فيما يتعلق بالشأن الأمني .
وشدد المتحدث أن الإشاعات وحملة التشكيك هي بروباغندا نحاربها عبر مؤسساتنا الأمنية المختصة بالتواصل، مضيفا لدينا اليوم في جميع المدن المغربية ضباط مكلفون بالتواصل مع مختلف وسائل الإعلام، بهدف التصدي لهذه الحملات الدعائية التي تستهدف إحساس المواطن المغربي بالأمن.
وأكد المتحدث أن جميع التدخلات التي يتم فيها تطبيق هذا البروتوكول الصارم لا تسفر عن أي خسائر في صفوف فرق التدخل والاقتحام، مضيفا وفي حال استدعت الضرورة رفع مستوى هذا البروتوكول، فإننا نقوم بذلك وفقًا للحاجة.
وبخصوص العملية التي جرت في حد السوالم، قال سبيك «واجهنا تحديات كبيرة، حيث كانت هناك متفجرات، وتوفرت لدينا معلومات استخباراتية مؤكدة تفيد بأنّ هؤلاء الأشخاص كانوا يقومون بعمليات تجريبية للمتفجرات. ولذلك، كان من الضروري إقحام الكلاب المدربة التابعة للشرطة، وهذه الكلاب متخصصة في الكشف عن العبوات الناسفة».
«بالنسبة للقناصة الذين كانوا متمركزين سواء على متن المروحية أو فوق الأسطح، فقد كانوا ضمن وحدة متخصصة في الرماية عالية الدقة، وذلك بسبب المخاوف من ردّ فعل «الأمير» المزعوم، الذي سبق أن أشار في إعلانه عن التبني أو في إعلان البيعة إلى معلومات حساسة، كما أن هؤلاء الأشخاص كانوا في مرحلة متقدمة، وكانوا مستعدين وكانوا منذورين للموت ومستعدين لتنفيذ عمليات تصفية جسدية»، وفق ما قاله سبيك.
وكشف سبيك، أيضا، أن العمليات الميدانية والأبحاث الأمنية المنجزة، بأن عناصر هذه الخلية الإرهابية الأخيرة كانوا يحضرون للقيام بعمليات تفجيرية تستهدف مقرات أمنية حساسة، فضلا عن أحد الأسواق الممتازة، ومحلات عمومية.
وردا على سؤال لـ»الاتحاد الاشتراكي» حول طرق مواجهة الأمن المغربي لسهولة الحصول على مواد تصنيع المتفجرات، نظرا لبيعها وتداولها وسط المجتمع، شدد سبيك على أن مصالح الامن تتخذ كل الإجراءات لمحاصرة انتشار المواد التي يمكن تحويل استعمالها لتصبح أشد خطورة .
وأشار المتحدث إلى أن زيارة المدير العام عبد اللطيف حموشي لألمانيا وإسبانيا تأتي في اطار تبادل الخبرات الأمنية، خاصة أن البلدين سبق ونظما كاس العالم، ولهما تجربة كما أن المغرب له تعاون مع دولة قطر عبر تبادل الخبرات في نفس سياق حماية التظاهرات الرياضية.
وفي نفس الندوة الصحفية كشف والي الأمن عبد الرحمن اليوسفي العلوي، رئيس القسم التقني وتدبير المخاطر بمعهد العلوم والأدلة الجنائية للأمن الوطني، في ندوة صحفية نظمت بمقر المكتب المركزي للأبحاث القضائية بالرباط، تفاصيل جديدة حول المواد الكيميائية والمعدات التي تم ضبطها في إطار تفكيك خلية «حد السوالم» الإرهابية.
وأوضح اليوسفي العلوي أن الخبرة العلمية التي أجراها المختبر الوطني للشرطة العلمية أكدت أن المواد الكيميائية المحجوزة تُستخدم بشكل أساسي في تحضير عبوات ناسفة تقليدية شديدة الخطورة.
وأشار اليوسفي العلوي إلى أن المواد المكتشفة تشمل نترات الأمونيوم، بيكربونات الصوديوم، كلوريد الصوديوم، حمض الهيدروكلوريك، الكبريت، ماء الأوكسجين (بيروكسيد الهيدروجين)، الأسيتون، مادة «الوايت سبيريت»، الكحول الميثيلي، مسحوق الاشتعال، الفحم الخشبي، مسحوق الفحم، مسحوق السكر، وسم الفئران القاتل. وأضاف أن هذه المواد تمكن من تحضير عبوات ناسفة بأدوات وأجهزة دقيقة مثل المسامير والأسلاك الحديدية وأجهزة القياس الإلكترونية.
وأوضح أن سم الفئران القاتل كان مخصصًا لإضافته إلى العبوات المتفجرة لزيادة فتكها بالضحايا، خصوصًا في حالات الإصابة. كما كشف أن المواد الكيميائية التي تم العثور عليها ليست مقتصرة على الأغراض المدنية، مثل الفلاحة والصناعة، بل تم استخدامها لأغراض إجرامية وتخريبية، كما هو الحال في هذه القضية.
وأكد والي الأمن أن الخلية كانت تخطط لتنفيذ عمليات إرهابية باستخدام العبوات المتفجرة المعدة بهذه المواد، ما يشير إلى استعدادها لتنفيذ هجمات ذات قدرة تدميرية واسعة. كما أضاف أن جميع المعدات اللازمة لتحضير هذه المواد كانت تشير إلى خطورة هذه الخلية وجاهزيتها لتنفيذ عمليات إرهابية.