قال البنك الدولي إن الأمن الغذائي في المغرب يمثل تحديا استراتيجيا يتطلب تضافر الجهود الوطنية والدولية لضمان استدامة توفر الغذاء بأسعار معقولة. وأوضح البنك الدولي في بيانات نشرها على موقعه الرسمي أن القطاع الزراعي في المغرب يواجه تحديات كبرى بسبب الجفاف، الذي أثر على إنتاج الحبوب، مما يعكس هشاشة القطاع أمام المخاطر المناخية. في ظل هذه التحديات، تزداد الحاجة إلى تطوير أنظمة غذائية أكثر استدامة، تركز على زيادة الإنتاج وتعزيز الكفاءة، مع تقليل الأثر البيئي والسيطرة على انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
وحسب ذات المصدر فإن قطاع الأغذية العالمي يواجه ضغوطا متزايدة بسبب تغير المناخ، الذي يعقّد التنبؤ بالمحاصيل، والصراعات التي تعطل سلاسل الإمداد وترفع الأسعار العالمية، مما أدى إلى تفشي الجوع وسوء التغذية. كما أن الاقتصاد الغذائي مسؤول عن ثلث إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة و70% من إزالة الغابات عالميًا.
ومع ذلك، يبرز توجه جديد يقوده المزارعون والمهندسون الزراعيون والمستثمرون ورواد الأعمال في التكنولوجيا، مدعومًا من البنك الدولي، لابتكار حلول تعزز الأمن الغذائي وتحد من التأثير البيئي لقطاع الأغذية، مع توفير أسواق حيوية لصغار المزارعين.
وعلى المستوى العالمي، يعيش ثلثا السكان الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد في بيئات هشة أو متأثرة بالصراعات. وقد بلغت قيمة الأضرار الناجمة عن تغير المناخ 3.8 تريليونات دولار خلال الثلاثين عامًا الماضية. في المغرب، أدى الجفاف المتكرر إلى تراجع غلة المحاصيل بنسبة 67% في بعض المناطق، ما شكل تهديدًا للأمن الغذائي وعائدات التصدير.
ويعد المغرب من أكبر مستوردي الحبوب، حيث بلغت وارداته 9.2 مليون طن في عام 2023، بزيادة 20% عن العام السابق. وارتفعت أسعار القمح بنسبة 35%، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار المحلية وزيادة الأعباء الاقتصادية على الأسر ذات الدخل المحدود. ولمواجهة هذه التحديات، أطلقت الحكومة استراتيجية «الجيل الأخضر» لدعم 350 ألف فلاح صغير، وتعزيز الزراعة المستدامة، إضافة إلى استثمارات بقيمة 3 مليارات درهم في مشاريع تحلية المياه والسدود لضمان استدامة الموارد المائية.
وفي دجنبر 2024، وافق مجلس المديرين التنفيذيين للبنك الدولي على تمويل بقيمة 250 مليون دولار لدعم برنامج تحويل أنظمة الأغذية الزراعية في المغرب، بهدف تعزيز قدرة القطاع على التكيف مع تغير المناخ وتحسين سلامة وجودة الأغذية.
ويعد قطاع الأغذية الزراعية محركا اقتصاديا رئيسيا في المغرب، إذ يساهم بنسبة 16% من إجمالي الناتج المحلي و19% من إجمالي الصادرات، كما أنه مسؤول عن توفير 67% من فرص العمل في المناطق القروية و36% من إجمالي الوظائف، منها 30% في الزراعة الأولية و6% في الصناعات الزراعية.
ويهدف البرنامج الجديد إلى تعزيز القدرة على التكيف مع تغير المناخ عبر تبني ممارسات زراعية مستدامة، وتحسين إدارة المياه والتربة، والاعتماد على الزراعة بدون حراثة.
كما يسعى إلى تعزيز سبل العيش وتحسين جودة الوظائف عبر تثبيت غلة المحاصيل والتوسع في أنظمة التأمين الزراعي، لتشمل مساحة أوسع من الأراضي.
ومن ناحية أخرى، يدعم البرنامج التوسع في الزراعة العضوية لتغطية 25 ألف هكتار، مع تحسين معايير مراقبة جودة زيت الزيتون وتحديث اللوائح الصحية لـ 1200 منفذ توزيع للأغذية.
كما يهدف إلى دعم صغار المزارعين في إنتاج وتسويق الأغذية ذات الجودة، ما يزيد من دخلهم عبر تحسين الوصول إلى الأسواق وتقليل فاقد الغذاء وهدره.
ويمثل الأمن الغذائي في المغرب تحديا يتطلب تبني سياسات متكاملة تشمل دعم الزراعة المستدامة، تعزيز الاستثمارات، وتحقيق تعاون دولي لضمان توفر الغذاء الصحي والمستدام لجميع المواطنين بأسعار معقولة.