اضطرت الأمانة العامة لجبهة البوليساريو، السبت الماضي، إلى الهروب إلى الأمام عبر إعلان تعليق اتصالاتها بالحكومة الإسبانية في ما اعتبرته ردا على إعلان مدريد تأييدها لمقترح الحكم الذاتي…
وسعت الجبهة الانفصالية إلى تزوير الحقائق بالتوهيم أن لها علاقة مع الدولة الإسبانية، وهي في الواقع تتواجد في التراب الإسباني كهيئة حزبية لا هيئة ديبلوماسية…
وتلقت الجبهة صفعة أخرى من مدريد،حسب ما نشرته صحيفة إسبانية، أوردت أن وزارة الخارجية الإسبانية أزالت الخط الفاصل بين الصحراء والمغرب في الخريطة الرسمية المعتمدة، وذلك بعد تغيير مدريد موقفها الرسمي وإعلان دعمها لمقترح الحكم الذاتي الذي تقدمت به الرباط لحل النزاع حول الصحراء.
وعلى الخريطة المنشورة على الموقع الوزاري، اختفى الخط الفاصل بين المغرب والأقاليم الجنوبية للمملكة«، وقالت صحيفة «ملينيو» إن التغيير في الخريطة لا يمثل دعم حكومة بيدرو سانشيز لاقتراح «الحكم الذاتي» فحسب، بل يفترض أيضا سيادة مغربية على الإقليم.
وتتزامن هذه التطورات مع انفجار ملف الإرهاب الذي مارسته »البوليزاريو« على الإسبانيين، وخلَّف عشرات القتلى…
وقد وصلت القضية إلى البرلمان الإسباني، كما تناولته الصحافة والجمعيات الناشطة في مجال ضحايا الإرهاب الانفصالي، بقوة غير مسبوقة في الجارة الشمالية…
– كيف فتحت البوليساريو سفارة سرية في إسبانيا في طابق أرضي في مدريد بتمويل من المخابرات الإسبانية CESID
– البوليساريو تطلب من المخابرات الإسبانية سابقا التجسس على الملك الحسن الثاني لصالحها!!
– طلبت البوليساريو معلومات عما إذا كان المغرب قد اشترى أو سيشتري أسلحة أو ذخائر من إسبانيا .. وترتيب لقاءات مع المخابرات الأمريكية..
بعد مفاوضات لم يتم الإبلاغ عنها، بعد وقت قصير من الهجوم على زورق دورية بحرية، والذي تسبب في مقتل عريف، تم إدراج 90 إسبانيا على أنهم “ضحايا الإرهاب” للبوليساريو
عندما تأسست جبهة البوليساريو في عام 1973 في موريتانيا، لم يكن أحد يتخيل أنه بعد خمسين عامًا، ستشكل “حركة التحرير” مصدر إزعاج لحكومة إسبانيا.
ففي منتصف الثمانينيات، سافر عميلان إسبانيان يحظيان بثقة إميليو ألونسو مانجلانو، مديرالمجلس الأعلى للمعلومات الدفاعية CESID (CNI حاليا) ، إلى جنيف لعقد اجتماع سري مع الممثلين الدائمين لجبهة البوليساريو في فيينا، على الرغم من أن البوليساريو شنت، آنذاك، هجومًا على زورق تابع للبحرية الإسبانية مما تسبب في مقتل عريف إسباني، مما أدى بدوره إلى طرد ممثلي البوليساريو في مدريد.
وكانت مدريد في الثمانينيات، لا تزال تحتفظ ببعض زوارق الدوريات البحرية في مياه الصحراء، والتي كانت تحمي قوارب الصيد الإسبانية من المضايقات المعتادة من قبل البوليساريو.
في شتنبر 1985، كان زورق “تاجوماغو بي 22” الإسباني يبحر على طول ساحل “كابو بلانكو” لإنقاذ قارب الصيد الكناري جونكيتو، حين تلقى أربعين قذيفة أطلقتها البوليساريو حيث اخترقت قنبلة يدوية الجسر، ومع سوء الحظ أنهت حياة العريف كاسترو رودريغيز (18 عامًا).
وقد انزعج المجتمع الإسباني، آنذاك، من الحادث لدرجة أن الحكومةاضطرت إلى طرد التمثيلية الدائمة للبوليساريو من البلاد، والتي كان يترأسها حينها أحمد بخاري، الذي شغل في ما بعد ممثلا للبوليساريو لدى هيئة الأمم المتحدة، والذي توفي قبل أربع سنوات.
كانت العلاقات قد قطعت للتو مع ما يسمى «الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية» التي نصبت نفسها ولم تعترف بها إسبانيا.
ضحايا إرهاب البوليساريو
لم يكن هذا الهجوم المميت على زورق دورية البحرية الأول، ولا الأخير، من بين تلك التي ارتكبتها قوات البوليساريو ضد المصالح الإسبانية، فقد اعترفت وزارة داخلية “ألفريدو بيريز روبالكابا” بأن عدد “ضحايا الإرهاب” بلغ ما مجموعه 90 إسبانيًا وصيادًا وعمال مناجم بوكراع، كانوا ضحايا العمليات المسلحة، التي قامت بها جبهة البوليساريو بين عامي 1975 و1986، في حين ما زال هناك 300 آخرين يتعين التعرف عليهم.
ووفقًا للمعلومات السرية التي تم التحقق منها استنادًا إلى وثائق سرية تمكنت المخابرات الإسبانية من الوصول إليها، عندما كانت الظروف المحددة للهجوم المميت على سيارة الدورية الإسبانية لا تزال قيد التحقيق، تلقى CESID (المركز الأعلى لمعلومات الدفاع CNI) حاليا) تعليمات لإعادة الاتصال سرًا بجبهة البوليساريو، والتي كانت الحكومة قد قطعتها حديثا.
فتح سفارة
كانت الصحراء أهم بكثير لمدريد مما كان يعتقده الرأي العام. إذ كان لا بد من إعادة فتح سفارة للبوليساريو في إسبانيا بهدوء!!!!!!
انعقد لقاء عملاء “مانجلانو” مع أعضاء البوليساريو المعتمدين في النمسا في جنيف (سويسرا)، بهدف تضليل المخابرات المغربية التي كانت تراقب في أوروبا كل تحركات من كان بلا شك العدو الرئيسي لهم. ولم يتم إبلاغ «بيرن» ولا واشنطن عن هذا اللقاء السري.
كما هو متوقع في رئاسة الحكومة، «لامونكلوا»، أعرب مندوبو البوليساريو للعميلين (أ وَ ج) عن اهتمامهم بأن يكونوا ممثلين في إسبانيا مرة أخرى، حتى لو كان ذلك غير رسمي وسريا. لقد فهموا ووافقوا على السرية التي أجبرتهم عليها الظروف الجديدة.
لا اتصال مع وسائل الإعلام
وتقرر منع مندوبي البوليساريو منعا باتا من أي اتصال مع المؤسسات أو الناس خارج “الدار” أي المخابرات. كما تم تحذيرهم من أنه إذا تم اكتشاف وجود أي اتصال مع وسائل الإعلام الإسبانية أو الأجنبية، فإن الحكومة ستطردهم مرة أخرى ونهائيًا من إسبانيا: ستنكر Moncloaرئاستها المعرفة بهذه البعثة الدبلوماسية السرية. إذ حذر “ج”، ضابط في الجيش، عناصر البوليساريو المقيمين في فندق «دانغلاتير»، على ضفاف بحيرة ليمان، حيث تم ترتيب لقاء سري قائلا : “ستعتبرون متسللين”.أي مهاجرين سريين!!
بعد ثلاثة أيام، أرسلت البوليساريو من الرابوني، قبولها للاقتراح الإسباني رسميًا، وتم تعيين الأشخاص الذين سينتقلون على الفور من تندوف إلى مدريد كسفراء أشباح.
مكتب مقدم
من CESID
إن” CESID “، إدراكًا منه للموارد المالية النادرة لما يسمى «الجمهورية الصحراوية»، زود الوفد الصحراوي الجديد بمكتب سري في مدريد. تم القيام بذلك بطريقة، إذا تم اكتشاف المهمة، فلن تكون هناك إمكانية لمعرفة من دفع إيجار العقار. كان أمن المكتب المنزلي وسيطرته أمرًا يخص رجال مانجلانو أيضًا، على الرغم من عدم إبلاغ المستأجرين بذلك.
في عام 1986، بدأت فترة جديدة من العلاقة السرية والمثمرة بين مدريد والبوليساريو، تميزت بطلبات البوليساريو لمحاوريها في حكومة إسبانيا. وبحسب محاضر الجلسات السرية في ذلك العام، فقد طلبوا: دعم مبادرة الأمم المتحدة لاستفتاء تقرير المصير ثم الوصول إلى المعلومات حول المشاريع العسكرية للحسن الثاني في الصحراء ؛ المساعدة الدبلوماسية من إسبانيا لتكون قادرة على تعزيز العلاقات مع بقية البلدان المغاربية ؛ فتح إمكانية إرسال شباب صحراويين للدراسة في إسبانيا بمنح دراسية؛ ومعلومات عما إذا كان المغرب قد اشترى أو سيشتري أسلحة أو ذخائر من إسبانيا.
وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أيضا
طلب أعضاء جبهة البوليساريو من محاوريهم الإسبان تسهيل إجراء مقابلة مع وزير الدفاع الأمريكي، جون تاور، ومع المحامي غريس غرينر.
ابتداءً من عام 1987، انضم إلى هذه الاجتماعات، التي كانت تُعقد في مزرعة للصيد في أرويومولينوس، عميلان من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في مدريد، اللذان لاحظا ودوّنا الملاحظات.
محمد عبد العزيز، الذي كان زعيم جبهة البوليساريو قبل إبراهيم غالي ، سافر إلى إسبانيا، وحضر بعض تلك الاجتماعات التي، بمرور الوقت، ستؤدي إلى ما يسمى بخطة التسوية لعام 1991 بين البوليساريو والمغرب الذي فكر في إجراء استفتاء لتقرير المصير، ووافق على إنشاء بعثة المينورسو ووقف دائم لإطلاق النار. إذ عملت إسبانيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة في هذا الاتجاه كجهات راعية، فقط.
جدار في الصحراء
حتى عام 1991، كانت مناوشات البوليساريو ضد مصالح المغرب وقواته متكررة. مما دفع المغرب إلى إقامة جدار في الصحراء. والبوليساريو احتجزت، آنذاك، مئات الأسرى ومنهم من كان محتجزا في معسكراتهم في تندوف جنوب الجزائر منذ أكثر من عشرين عاما.
أعربت الولايات المتحدة لحكومة إسبانيا في عدة مناسبات عن عدم رغبتها في أن تقع الصحراء ضمن المحور السوفييتي.
في غضون ذلك، تلقت جبهة البوليساريو الحماية الكاملة من الجزائر التي ضمنت كلا من منظمتي “إيتا” الإسبانية و” MPAIAC” ملاذهما في عاصمتها في الثمانينيات.
قضية أمينتو حيدر
الحلقة التي بدونها لا يمكن فهم العلاقة بين إسبانيا وجبهة البوليساريو بشكل صحيح، تتمثل في حالة الناشطة الصحراوية أمينتو حيدر.
ففي عام 2009، طردت السلطات المغربية الانفصالية أمينتو حيدر من العيون عندما أرادت الدخول، معلنة، عبر لافتة مكتوبة، أنها من «مواطني الجمهورية الصحراوية». ثم تقطعت بها السبل في مطار لانزاروت، بما في ذلك الإضراب عن الطعام، وهو ما شكل أزمة قانونية وسياسية عرقلت العلاقات الدبلوماسية بين مدريد والرباط لفترة طويلة.
في 13 نونبر 2020، خرقت جبهة البوليساريو من جانب واحد وقف إطلاق النار مع المغرب. وكان الرد قويا من طرف الجيش المغربي الذي عمل على إخلاء معبر الكركرات الحدودي الذي أغلقه متظاهرون موالون للبوليساريو. منذ ذلك الحين، استمرت «المعارك»، التي تشهد عليها فقط وسائل الإعلام المرتبطة بالبوليساريو.!!!!!
إسبانيا تغير مسارها
بعد مرور عام على بداية الأزمة الأخيرة بين إسبانيا والمغرب، بسبب دخول إبراهيم غالي وإدخاله المستشفى في إسبانيا، تغيّر موقف «لامونكلوا» في ما يتعلق بالصحراء بشكل جذري.
هذا التحول، بتاريخ 14 مارس 2022 ، له بالفعل تأثير، بطريقة مختلفة تمامًا، على العلاقات الدبلوماسية والتجارية الإسبانية مع المغرب والجزائر.
أخيرا تم طلاق إسبانيا من جبهة البوليساريو…..