التباعد الاجتماعي … أو نحو نمط المجتمع الرقمي!

تعد مقولة التباعد الاجتماعي، التي تنبني عليها إجراءات الحجر الصحي التي فرضها ظهور وانتشار الفيروس كوفيد- 19 ومنذ إعلانه وباءا عالميا من طرف منظمة الصحة العالمية، شعار مرحلة “الوباء”. فإلى أي مدى تتقاطع مقولة التباعد الاجتماعي مع مسار التحول الذي يشهده المجتمع المعاصر نحو المجتمع الرقمي؟ ألا يشكل الوباء بالمعنى الذي يحمله شعار التباعد الاجتماعي، حدثا تاريخيا لتسريع وتيرة الانتقال نحو “المجتمع الرقمي”؟ وبالتالي ألا يضعنا التباعد الاجتماعي اليوم (وما يمكن أن ينعكس عنه من تحولات تمس تمثلات وعادات، أنماط سلوك الفرد وروابطه الاجتماعية والوضعيات الاجتماعية للأفراد…)، على أعتاب وسكة نمط إنتاج جديد /”نمط الإنتاج الرقمي”؟ أو كيف تساهم فترة الحجر الصحي /التباعد الاجتماعي التي تقوم على تعليق التفاعل الاجتماعي المباشر وباقي الأنشطة اليومية وأشكال التبادل الاجتماعي (المادي والرمزي) التي تفترض حضور الأفراد وجها لوجه (face à face) ،مقابل نقلها وتحويلها صوب العالم الرقمي و”الافتراضي”، في تدعيم قواعد وأسس المجتمع الرقمي، وطي المسافة والصيرورة التاريخية التي كان يفترضها “نمط الإنتاج الرقمي “من اجل التبلور والتمدد؟ !

 

التباعد الاجتماعي مقابل التفاعل الاجتماعي

شكلت مقولة “المجتمع” نقطة محورية وإشكالية في نفس الوقت داخل مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية بهدف تحديد ما المجتمع الذي يشكل موضوعا للعلوم الاجتماعية والسوسيولوجيا خصوصا،حيث تعدد النظريات والاتجاهات محكومة في جزء كبير منها بالتعريف الذي تقدمه والتصور الذي تحمله عن طبيعة وماهية المجتمع، باعتبار ذلك أول شرط ابستيمولوجي لإمكانية التفكير والخطاب السوسيولوجي حول المجتمع.
وتبعا لذلك نجد أن النظريات السوسيولوجية الكبرى، توزعت بين نظريات تأخذ بالمجتمع من حيث هو نظم (des ordres) أو مؤسسات (des institutions) وبنيات (structures/systémes)، حيث المجتمع وفق هذا التصور معطى ويتميز بوجود مستقل عن الأفراد (دوركايم وبارسونز)، إلا أن التفاعل الاجتماعي والممارسات الاجتماعية بالرغم من ذلك، يظل محتفظا بأهميته التي تعطي لنظم وبنيات المجتمع حياتها وسيرورتها، خصوصا التفاعل الاجتماعي الذي يقوم على خاصية التواجد وجها لوجه (face à face).في مقابل ذلك، هناك نظريات واتجاهات سوسيولوجية أخرى تنتقد فكرة المجتمع بهذا الشكل؛أي كوجود ثابت ومستقل عن الأفراد أو فوق التفاعل الاجتماعي بين الأفراد (sur-l’interaction sociale entre les individus !société)، حيث المجتمع في مقابل ذلك، مرتبط ومحايث للتفاعلات الاجتماعية بين الافراد، وحيث التفاعل الاجتماعي هو شهادة حياة المجتمع وحامله (ماكس فيبر، جورج سيميل).
هذا في ما يخص النقاشات الابسيمولوجية التأسيسية لدى رواد السوسيولوجيا في إطار بناء مفهوم المجتمع كلبنة صلبة داخل مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية في إطار امتلاك خاصية العلمية ومشروعية الخطاب العلمي حول المجتمع؛ أي كموضوع علمي قابل للقياس والاختبار مادام أن تحديد موضوع الدراسة بدقة هو شرط من شروط علمية أي دراسة أو مبحث يدعي لنفسه صفة العلمية.
يتضح لنا إذن، مما سبق أن مفهوم المجتمع كمقولة وصفية وتحليلية لأشكال الوجود البشري،يفترض شرط التفاعل الاجتماعي المباشر بالمعنى السابق –على الأقل بالنسبة للسوسيولوجيا الكلاسيكية – ذلك أن جزءا كبيرا من عناصر الحياة الاجتماعية يرتكز عليه.

التباعد الاجتماعي
ونمط الإنتاج الرقمي !

يشكل مفهوم نمط الإنتاج أهم المقولات والمفاهيم التحليلية داخل مجال الاقتصاد السياسي بكل خاص والعلوم الاجتماعية والإنسانية بشكل عام، حيث تحليل صيرورة الحياة الاجتماعية والتفاعل الاجتماعي داخل المجتمعات ما تفرزه من ظواهر سوسيو-اقتصادية وسياسية مرتبط أساسا بتحليل نمط الإنتاج،والبحث عن المؤشرات التحليلية للظواهر في اقترانها بطبيعة نمط الإنتاج (المجتمع الزراعي، المجتمع الصناعي…) التي تشكل، حيث تعكس هذه المفاهيم أنماط المجتمعات ورصد التمايزات بينها، ويتحدد نمط المجتمع بطبيعة نمط الإنتاج السائد الذي ينعكس على طبيعة التنظيم المجتمع ، سواء من حيث بنياته المادية أو الرمزية الثقافية.
وهكذا، وكنتيجة للتحولات المتسارعة التي شهدها المجتمع المعاصر، بناء على التقدم والتراكم العلمي والتكنولوجي، والاتجاه المعاصر العام نحو دمج التكنولوجيا والتكنولوجيا الرقمية في بنية التنظيم الاجتماعي للمجتمع (الاقتصاد/الخدمات/التواصل والاتصال…)، بتنا نتحدث عن أنماط من المجتمعات داخل مجال النظرية الاجتماعية والعلوم الاجتماعية .(la modernité avancé/hyper-modernité/société en réseaux/société post-moderne/société numérique/modernité liquideحيث سعت هذه النظريات الى محاولة وصف وفهم طبيعة “المجتمع” المعاصر كما يجري في الواقع ، هذا المجتمع الذي يندفع بحكم سيرورته/صيرورته خارج كل المقولات النظرية السابقة لمفهوم المجتمع (prénotion).
رغم الاختلافات التي يمكن تسجيلها على مستوى النتائج النظرية والتحليلية لكل هذه النظريات بحكم تعدد مداخلها النظرية ومقارباتها وخلفياتها الفكرية …إلا أنها جميعها تلفت الانتباه الى طبيعة التأثير الناجم عن التقدم العلمي والتكنولوجي الرقمي المتسارع ومظاهر التحول والتغير التي شهدتها وتشهدها المجتمعات المعاصرة، في ظل تنامي الامتداد العولمي بشقيه المادي –الاقتصادي والثقافي –الرمزي (العولمة الاقتصادية التي تمثلها مقولة السوق الحر والعولمة الثقافية التي تختزلها مقولة (MagDonalisation du monde).ونتيجة كذلك لدمج نتائج وتطبيقات التكنولوجيا الرقمية في النسيج الاجتماعي الحيوي للمجتمع، مادفع المجتمع المعاصر ليعيش حالة من “اللايقين l’incertitude “.

مقولة التباعد الاجتماعي النقيض المباشر للتفاعل الاجتماعي

من الملاحظات التي يمكن تسجيلها خلال فترة الحجر الصحي /التباعد الاجتماعي الذي فرضه “الوباء”على أكثر من 3 مليار من البشر؛ما أدى الى تعليق التفاعل الاجتماعي المباشر القائم على خاصية (faceà face) وتعليق عدد من أشكال النشاط والحياة الاجتماعية اليومية (les activités de la vie quotidiennes): اقتصادية/اجتماعية /ثقافية /سياسية /فنية/رياضية… التي تعطي للمجتمع دلالته كمفهوم وكواقع ، ونقلها صوب (transféré vers) العالم الرقمي والافتراضي،حيث المنصات الرقمية والتطبيقات التكنولوجية تعرض وتقترح (il s’ exposer et se proposer) إخراج دينامية وسيرورة المجتمع “المعلقة en pause”،عبر تعويض حالة “الاختلال “التي يشهدها المجتمع على مستوى وظائف النظم والمؤسسات بفاعليها التي تضمن سيرورة المجتمع. وذلك عبر تكنولوجية رقمية أكثر كفاءة وأكثر أمانا على مستوى التبادل الخالي من أي خطر انتقال العدوى والمرض! وهكذا انطلقت دينامية وحركة متنامية بوتائر قياسية همت الإقبال الكثيف على الانترنيت والمواد الرقمية.
حملت هذه المرحلة شعارا “عن بعد” تجسيدا لمقولة الوصفة طبية (L’ordonnance médicale)!للتباعد الاجتماعي بدءا بالاعتماد على التكنولوجية الرقمية في مواجهة الوباء (تشخيص الافراد من خلال قياس درجة حرارة المارة في الشوارع عبر تكنولوجية الذكاء الاصطناعي …الصين ) ،ومنها انطلق تدوير عجلة التفاعل الاجتماعي المعلقة في الواقع،على مستوى المنصات الرقمية منصات وسائل التواصل الاجتماعي:
•التعليم عن بعد: رغم أن اعتماد عمليات التعليم والتكوين عن بعد (Educaton and formation Online)، انطلق منذ سنوات خلال العقدين الماضيين، إلا أن “التباعد الاجتماعي”، قد كثف الاعتماد على التعليم عن بعد، بعد إعلان عدد من الدول والمجتمعات إعلان الحجر الصحي وحالة الطوارئ الصحية، واستكمال البرامج الدراسية من خلال منصات رقمية.
وقد واكب ذلك، إعلانات متزايدة ومتنوعة حول التسجيل في برامج التعلم والتكوين عن بعد من طرف الجامعات والمعاهد الخاصة، التي تعرض مادة تعليمية متنوعة.
•خدمات إدارية عن بعد: مسارعة عدد من المؤسسات الإدارية، الى إعلان خدماتها خصوصا التراسل واستخلاص الوثائق الإدارية، على مستوى منصات رقمية على الانترنت .
•إضافة الى تمارين رياضية عن بعد، مكتبات رقمية، جرائد ومجلات رقمية، ندوات عن بعد، تجارة الكترونية،استشارات صحية رقمية…).
حيث الرقمي والذكاء الاصطناعي، يسعى الى ملء جغرافية البعد المادي المعلق والمبتور من عناصر المجتمع. يمكن معها لمس وتيرة فائقة السرعة في نقل “العناصر والأبعاد الحيوية للمجتمع الى داخل العالم الرقمي، التي يمكن وصفها بأنها نقلة تاريخية كبرى في حياة المجتمع المعاصر،يمكن أن تنبئنا بطبيعة المسارات والاتجاهات الممكنة للمجتمع مابعد “الوباء”: من المؤسسات الى المنصات.
انتقال نسيج التفاعل الاجتماعي من مجمل أوجه الحياة الاجتماعية الى المنصات الرقمية،المرهونة فعاليتها بمقولة وإجراء التباعد الاجتماعي!
لطالما اقترنت الانتقالات الكبرى في نمط المجتمع بطبيعة نمط الإنتاج القائم على نتائج التقدم العلمي والتقني وانعكاسه على بنية التنظيم الاجتماعي والعلاقات والتفاعل الاجتماعي (في مستوى التحول الحضاري:نمط الإنتاج وطبيعة وأشكال التبادل المادي والرمزي). وهكذا اكتشاف الزراعة أدى الى ميلاد نمط الإنتاج الزراعي والمجتمع الزراعي مقابل تراجع نمط الإنتاج والتنظيم الاجتماعي القائم على الصيد وجمع الثمار، كما أن اكتشاف الآلة البخارية وبناء شبكة السكك الحديدية قاد الى ميلاد المجتمع الصناعي ونمط الإنتاج الرأسمالي …فهل المجتمع اليوم في ظل الثورة التكنولوجية والرقمية (الأولى والثانية)، وخصوصا في ظل “الوباء/التباعد الاجتماعي” الذي وضع سرعة الانخراط في العالم الرقمي على حدودها القصوى، يعيش على بوابة الانتقال الى نمط إنتاج جديد/نمط الإنتاج الرقمي؟ وأننا أمام مرحلة يمكن التعبير عنها بشكل مجازي بأن “شبكة ومنصات التواصل والاتصال الرقمي اليوم هي بمثابة شبكة السكك الحديدية مع تفعيل نتائج التقدم والتطور التقني المتمثل في الآلة البخارية!
قد نعترض على هذا بالقول إن هذا التحول المباغت والكثيف نحو هذا النمط، مرتبط بالأساس بفترة “الوباء” وإجراءات التباعد الاجتماعي! ولربما تعود الأوضاع الى سابق عهدها!
ليس هناك جواب علمي الآن للرد به عن هذا الاعتراض،إذ يظل مقبولا وقائما كفرضية يمكن التحقق منها بعد رفع حالة الحجر الصحي وقياس مؤشراتها،لكن في المقابل، يمكننا فقط التساؤل عما يضمن توقف هذه السيرورة حتى ولو نقصت كثافتها؟ خصوصا في ظل أزمة اقتصادية وركود اقتصادي تحاول من خلالها الرأسمالية تجديد دمائها والخروج من الأزمة، من نموذج “الرأسمالية المالية” و”رأسمالية المراقبة “إلى “رأسمالية رقمية”!؟ يمكن مراجعة العائدات السنوية للشركات الفاعلة في إطار مايسمى بالاقتصادالرقمي (l’économie numérique) (Amazone/google/microsoft/yahoo/e-bay/..).
إن سيرورة رقمنة التجارة والخدمات (الإدارية، التعليمية، الأمن.)انطلقت مع الثورة الرقمية الثانية القائمة على الذكاء الاصطناعي،وقد اتجهت عدد من الدول والحكومات خلال العقدين الأخيرين الى دمج التقنية الرقمية في تدبير عدد من مجالات الحياة الاقتصادية،الأمنية والصحية والتعليمية) المجتمع الشبكي) (la société en réseaux) (امانويلكاستل). وأبرز محاولة في أقصى شكل من رقمنةla numérisation، كل مفاصل المجتمع (المدن الذكية الصين)، إلا أن وتيرة هذ السيرورة شهدت قفزة فائقة السرعة خلال فترة الحجر الصحي /التباعد الاجتماعي الذي فرضه “الوباء”. ويمكن كذلك العودة الى تأمل الأثار التي أحدثها الانتشار والاستخدام الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي والتحولات التي حملتها (التمثلات/أنماط السلوك/هوية افتراضية… كثافة التفاعل والروابط “الاجتماعية” على المستوى الافتراضي والعالم الرقمي مقابل تقليص مساحة وكثافة التفاعل والروابط الاجتماعية التي تقوم على الوجود وجها لوجه (de face à face à la Facebook). وقد واكب هذه المرحلة ظهور عدد كبير من التطبيقات القابلة للتحميل على الحاسوب او الهاتف (Play store) حيث متجر التطبيقات الرقمي الذي يعرض تطبيقات تتكفل بتعويض عدد من العمليات والأنشطة التي كان يقوم بها الفرد بشكل يعتمد فيها على ذاته (فكره وجسده الخاص)، بتطبيقات رقمية .
إذا أضفنا بعض الملاحظات والمؤشرات الأخرى المتمثلة في مشاريع الأبحاث وبعض نتائج الأبحاث في مجال الذكاء الاصطناعي التي تشتغل عليه هذه الشركات في مجال تقنيات الاتصال والتواصل الرقمي في مختلف المجالات التي تهم النشاط البشري”الإنساني”داخل المجتمع (mecrosoft /google /yahoo/Amazone…) ، ويمكن العودة في هذا الصدد الى أعمال الفيلسوف الفرنسي Eric Sadain (La siliconisation du monde) حيث يفكك إريك سادان طبيعة وأبعاد التقدم التقني والرقمي المتسارع ،الذي تسهر عليه تلك الشركات التي تتركز في وادي السيليكون (le silicone valley)،حيث يصنع مستقبل البشرية والمجتمع البشري!حيث البحث والاستثمار في تطوير الذكاء الاصطناعي في شقه التطبيقي التقني والرقمي يحكمه مبدأ وغاية جوهرية وهي: كيف يمكن تقليل التدخل البشري والإنساني في كل مظاهر النشاط البشري والإنساني؟ وتعوض ذلك بالتقنية والذكاء الاصطناعي؟ (الفردي /الاجتماعي /الاقتصادي /السياسي والعسكري…).
إن الرؤية التي تحملها النخب الليبرالية التقنية هؤلاء، لا تخلو من رؤية وتصور محددين للمجتمع أو لما ينبغي أن يكون عليه! المجتمع الرقمي أو الذكي كما يسميه البعض، وهو “اليوتوبيا الرقمية utopia numérique/يوتوبيا المجتمع الرقمي” !،حيث عمليات “التبشير” بعصر المجتمع التقني والرقمي حيث يسود الامن والانضباط والفعالية في الإنتاج…!قائمة، التقارير حول انخفاض معدل الجريمة …وبعض المجتمعات قد شرعت قبل “الوباء” في وضع البنيات التحتية لهذا النمط الجديد من المجتمع كالصين، في حين دفع “الوباء/التباعد الاجتماعي”، الى تسريع عمليات وضع قطع الغيار لدى مجتمعات أخرى!؟.
تتغذى هذه القوة والسرعة المتزايدة نحو المجتمع الرقمي، على حالة الخوف والهلع المعولم من “الوباء”، والتي تضفي عليها القنوات الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي الرقمية، أبعادا درامية وتراجيدية تتماهى مع تمثلات وسيناريوهات نهايات العالم! حيث شخصية البطل الشرير والمتهم الرئيس في ذلك هو التفاعل الاجتماعي المباشر وشبكة الروابط الاجتماعية والحركية (la mobilité)، وهكذا
فمحاصرة الوباء وكسر سلسلة انتشاره متوقفة على تعليق التفاعل الاجتماعي المباشر أو التباعد الاجتماعي! و”المخلص لن يأتي هذه المرة على شكل إنسان، بل في صيغة خوارزميات رقمية داخل نظم رقمية!
ختاما، تظل المؤشرات المرصودة الى حدود فترة الوباء، التي تعكس حالة التباعد الاجتماعي وتفكيك عناصر نمط المجتمع القائم على التفاعل الاجتماعي المباشر مع تكثيف بنية وشبكة المجتمع الرقمي، مفتوحة على احتمالات متعددة لا تسمح بالجزم بأي استنتاج، ذلك أن الشروط العلمية والابستيمولوجية لأي استنتاج بهذا الشكل مرهونة بسيرورة وكثافة هذا التوجه نحو الرقمي بعد رفع الحجر الصحي، حينها. لكن هذا لا يمنع من القول إن “الوباء” والتباعد الاجتماعي قد سرعا بشكل كبير صيرورة هذا المسار التاريخي في حياة المجتمع المعاصر، وبالتالي وجدت المجتمعات سواء التي شرعت خلال عقود سابقة في تهيئ الانتقال نحوه أو التي فرض عليها التباعد الاجتماعي والوباء ووجدت نفسها مرغمة على السير في اتجاه الرقمنة، حيث وجد المجتمع، بناء على ذلك، نفسه على أعتاب المجتمع الرقمي .

* أستاذ/باحث

المراجع:

دارن بارني، المجتمع الشبكي، ترجمة أنور الجمعاوي، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، قطر، 2015.
زيغمانت باومان، الحداثة السائلة، ترجمة حجاج أبو جبر، الشبكة العربية للأبحاث والنشر.ط1 ،2016
Emile Durkheim, De la division du travail social, 1893, rééd .Puf, 2007.
Éric Sadin, La silicolonisation du monde : L’irrésistible expansion du libéralisme numérique, Paris, Editions L’Echappée, Collection pour en finir avec, 2016
François Ascher, La société hypermoderne, Éditions de L’Aube. Coll. Essais, 2005.
Nicole Aubert, La société hypermoderne, ruptures et contradictions, Revue Changement Social, n° 15, LCS (Laboratoire de Changement social) et L’Harmattan, juin 2010.
Talcott Parsons, “The Present Status of “Structural-Functional” Theory in Sociology.” In Talcott Parsons, Social Systems and The Evolution of Action Theory New York: The Free Press, 1975..
Talcott parsons, Sociological Theory and Modern Society, New York : Free Press, 1967.
Yves Bonny, Sociologie du temps présentsModernité avancée ou postmodernité ?, Collection « U », Armand Colin, Paris, 2004.
shoshanazuboff , « The Age of Surveillance Capitalism: The Fight for a Human Future at the New Frontier of Power »  PublicAffairs, 2019

 


الكاتب : عبد الحق عشاق *

  

بتاريخ : 24/04/2020