التخييل  وبناء الدلالة: ثلاثة مفاتيح لقراءة ديوان “جاؤوا لنقص في السماء” لعبد الحميد جماهري.

1-مفتاح إيتوس الشاعر: عبد الحميد اجماهيري: محارب يحمل بندقية من كلمات

تخرج القصيدة، مرة أخرى، من تجربة الشاعر عبد الحميد جماهري بوعي جمالي مختلف في أرض الشعر، تجربةٌ شعرية مشدودة إلى قوس التوهج والإبداع والحضور الإنساني، إلى جانب تجاربه الأخرى في مجال الفكر والثقافة والحياة…

تتخلق في متن قصائد هذا الديوان تجربةٌ شعريةٌ محفوفةٌ بأبعاد إنسانية ووجودية تورط الذات الشاعرة ولا تجعلها بعيدة عن القول والخلق الشعريين.

ولأن “أولَ الحيل التاكتيكية التي يسلكها المحلل للشعر المعاصر هي الظفر بمغزى العنوان”[1]، فإن عنوان الديوان “جاوؤا لنقص في السماء” يرسم رحلةَ ذاتٍ تعاين ذواتا جاءت كي تملأ فراغا في وجود يعتريه النقص على حد تصورها؛ إذ جاء العنوان مركبا إسناديا تؤطره جملةٌ فعليةٌ؛ يؤشر فعلها الماضي على حدث انتهى وفاعله جاء مضمرا تدل عليه واو الجماعة؛ أي هم، ويعبر الشاعر من خلال هذه الجملة عن أحداث واقعية استمدت دلالتها عبر ربطها بالسماء التي تحتاج إلى هؤلاء الذين قدموا أنفسهم قرابين لله كما يعتقدون. ولئن دلت واو الجماعة على رحلة جماعية يحركها الوعي نفسه والرؤية ذاتها  فإنها؛ أي الذات الجماعية لا يمكنها إلا أن تضاعف هذا النقصَ بحلولها في الأرض؛ إذ تعمق الخطيئة وتحفر في الجراح جراحات أخرى وتدفع بالوجود نحو تيه لا يتحرك إلا فوق أرض يطبعها النقصان، أرض تتحول إلى مقابر. يسير القتلة إلى ضحاياهم وكأنهم بفعل المحو ذاك يعتقدون أنهم أتوا لإكمال رسالة وتلبية نداء من تلك السماء، بل يخوضون حربا باسمها، يقول الشاعر في قصيدة “لاهوت الأنقاض”[2]:

هي ذي أيتها الحرب !

قنبلةُ فجرت الذكرياتِ في الجدار

وقربَ النافذة..

رجٌل يحمل سيفا ولا يصل إلى أي حلم في بلاده

شابٌ اكتشف طاعة الله

في مكتب للضجر

وجاء يتيمم بحجر الأنقاض

شابةٌ هَــرَبت من عقدة أوديب

إلى حضن الرجل المسلح

جزار يراسل الملائكة بلا جواب

وجاء للنحيب أمام فيديو

.. الشاب الذي يمسح مسدسه…

كمن يمسَح الدموع !

ينسج عبد الحميد جماهيري قصيدته بحرص دقيق مستمد من شاعريته النبيهة التي تحكي ما آل إليه العالم من خراب وتدمير وتدنيس وتبخيس منصبا ذاته ضد معاول الهدم واقفا كجندي منتظر في زمن الخذلان والانكسارات والهزائم .

تتحرك الذات بين الحياة والموت وبين الواقع والخيال، إذ يتأكد من خلال بعض النصوص قدرة الخيال على تجسير الروابط مع ذلك المجهول الذي لن تكشف عنه إلا القصيدة أو الأدب عموما. الأدب في مواجهة المجهول، الذاتُ الشاعرة في مواجهة القتل والإرهاب والترهيب، بل يجعل الشاعرُ من مواجهته لتلك الحرب رهانه الأول والأخير في الحياة، يقول في قصيدة “في انتظار الحرب”[3]:

أيها الجندي الذي لا يحكي

إذا غادرت هذه القصةَ

تيقن بأنك لن تدخل أخرى.

لست أدري لماذا اختار الفراغ أن يكون هادئا

بالرُّغم من ارتطامي المتكرر مع نفسي

حول أصدقائي الجنود

الأخيرين في معارك السفح الممتد

هنا بين دفتي الكتاب..

يقف الشاعر إذن جنديا شجاعا يواجه بصدر عار جيوش الظلام والبؤس والتقتيل؛ جيوشَ الإرهاب والخواء الفكري الذي يفتي بالغدر والقتل .

يدفعنا هذا التقديم إلى اختيار مقاربة لسانية تداولية حجاجية قصد البحث عن آليات الإقناع التي استعانت بها الذات الشاعرة في رسم صورتها وخلق إيتوسها الخاص والذي يراه أرسطو ركيزة أساسية من ركائز تحقيق الإقناع  الخطابي إلى جانب العنصرين الآخرين طبعا الباتوس واللوغوس. فما المقصود بهذه العناصر؟

الإتوس: الصورة التي يقدمها الخطيب عن نفسه في الخطاب. (الإيتوس الجاهز-الإيتوس الخِطابي).

الباتوس: مراعاة الأحوال النفسية /العاطفية وانفعالات السامعين.
اللوغوس: خاصيات الخطاب البرهاني. الوسائل اللغوية والمنطقية.

تسهم حسب أرسطو ثلاثة عناصر في تحقيق الإقناع الخطابي وهي: الإيتوس والباتوس واللوغوس.

لأجل ذلك سننطلق من اعتبار ديوان “جاؤوا لنقص في السماء” خطابا إقناعيا يوظف  الذاتية  بوصفها آلية إقناعية من خلال صورة المتكلم المحاجج والمساجل والمخالف، ودليلنا في ذلك تصورنا لمتن الديوان الشعري قيد التحليل على أنه خطاب يدور بين متخاطبين يسعى عبره المتكلم إلى تمرير معرفة ضمنية إلى المتلقي قصد إقناعه برسالته أو حمله على تغيير قناعاته، إذ يتشكل إيتوس الشاعر من خلال ديوانه عبر الرغبة في جعل الذات المتلفظة صاحبة موقف وحاملة فكر يتبلور في صور حجاجية قصد خلخلة مفاهيم المتلقي؛ لأن الإيتوس حسب أرسطو هو وسيلة إقناع ودليلٌ صناعيٌ داخل التقنية، يصنعه الخطيب من خلال خطابه الذي يجب أن يوحي بأنه يتحلى بأخلاق معينة تجعل المستمع يعطيه ثقتَه، وهي ثقة تنبثق من الخطاب نفسه[4]، وبتعبير رولان بارت فالإيتوس من الصفات الشخصية التي يظهرها الخطيب/الشاعر هنا لجمهوره؛ إذ يقدم معلوماتٍ وفي الوقت نفسه يقول: هذا أنا ولست ذاك[5]، ومن هنا تبرز أهمية الإيتوس في الحجاج فحسب دومنيك مانغينيو فإيتوس المتكلم يرتبط “بممارسته للقول، وبالدور الذي يربطه بخطابه؛ وليس بالفرد “الحقيقي” وباستقلال عن مصلحته الخطابية: أي موضوع التلفظ الذي يقوم بتلفظه هو الذي يحدد هذه الذات…”[6] فالمتكلم يخلق ذاتا أخرى عبر خطابه قصد إقناع المخاطب بالقيم التي يود تمريرها إليه؛ ويتميَّز خطابُها الشعري بخاصية التأكيد على ذاته (إيتوسه)،  من خلال مظهرين أساسيين:

1-احتفاله بالممارسة الشعرية، بغاية إقناع القارئ بجدوى هذا الخطاب الأدبي، وبكونه تعبيرًا صادقاً عن الحياة وعن التهديدات البئيسة التي تترصد الناس البسطاء، وعن رأي النخبة وجرأتها في حماية العباد والبلاد من خطر داهم لا يُبقي ولا يذَر.

2-تَميُّزُ صوت الشاعر عبد الحميد جماهري، ورؤيته الخاصَّةُ للكتابة الشعرية مستغلا الصور البلاغية والانزياحات التي لا تفسد القول الشعري ولا تحوله إلى ألغاز لا تملك حلولا.

وهنا تسعفنا لسانيات التلفظ بوصفها إحدى النظريات الحديثة التي تكشف صورة المتكلم في خطابه، ومعلوم أن نظرية التلفظ هاته مقاربة إجرائية وليدة البحث اللساني، بيد أنها تجاوزت لسانيات الجملة، حيث أسهم انفتاح اللسانيات على مختلف العلوم الإنسانية في رصد قصور اللسانيات البنيوية التي لا ننكر أصالتها في منح مقاربة البنية اللغوية مقاربة وصفية علمية لكنها حصرت اهتمامها في النسق اللغوي فقط، إذ “ظل طموح اللسانيات البنيوية مقصورا على دراسة الجملة، بوصفها بنية لغوية كبرى، فعكفت على دراستها وتحليل مكوناتها، ووصف أجزائها”[7]، وسلكت لسانيات ما بعد دي سوسير المسلك نفسَه مما جعل لسانيات الجملة؛ أي البنيوية والتوزيعية والتحويلية والوظيفية عاجزة عن ملامسة العوامل الخارجية التي تسهم في تشكيل الخطاب الإنساني، “وعاجزة عن ملامسة مكونات التواصل خارج لسانية”[8]، لتأتي لسانيات التلفظ وتنتقل من مستوى الجملة إلى مستوى الخطاب لتعيد “الاعتبار للعناصر الخارجية المكونة لفعل التواصل، وتقدم رؤية جديدة لعملية التلفظ”[9]، مستفيدة من جهود إميل بنفنست الذي تجاوز الجملة إلى مفهوم الخطاب مستحضرا مجموعة من العناصر الخارج لسانية التي تدخل في تكوين الخطاب الذي يعد وفق تصوره “هو كل تلفظ يفترض متحدثا ومستمعا، تكون للطرف الأول نيةُ التأثير في الطرف الثاني بشكل من الأشكال”[10]، يؤشر هذا القول على أن لسانيات التلفظ نظريةٌ تهتم بدراسة العلاقة الرابطة بين المخاطب والمخاطب أو “بين المتلفظ والمتلفظ له، ضمن سياقات إحالية ومرجعية مختلفة”[11] وهو ما خلص اللسانيات من النزعة المعيارية بمنحها العناصر التواصلية الخارج لسانية مكانة مهمة  لأنها “آلية من آليات إنتاج المعنى داخل الملفوظ، بحيث يغدو الوقوف عندها أمرا لا غنى عنه في استجلاء الإطار المرجعي المتحكم في سيرورة الخطاب، وتتلخص هذه العناصر في طرفي العملية التلفظية: المخاطب والمخاطب، وسياق التلفظ المتعلق بالزمان والمكان”[12]. ما يهمنا نحن من لسانيات التلفظ هاته هو المكانة التي أولتها للمتكلم؛ إذ جعلت منه الركيزة الأساس في عملية التلفظ؛ إذ اقترح رائد هذا التصور إميل بنفنست دراسة الخطابات “ضمن إطارها المرجعي، وفي علاقاتها بالمتكلم والمخاطب والمقام التلفظي الذي قيلت فيه”[13]، وهو مايقودنا رأسا إلى تتبع حضور الذات المتكلمة في الخطاب أي قدرة المتكلم على إعلان نفسه ذاتا فاعلة ومؤثرة داخل خطابها، لأجل ذلك سنتتبع آثار المخاطب في ديوانه من خلال تحديد المشيرات التي تحيل عليه وعلاقتها بالمخاطب لأن الحديث عن الأنا في النظرية التلفظية يستدعي آليا وذهنيا الطرف المقابل وهو الأنت.

المشيرات المقامية في الديوان:

المشيرات الشخصية:

أ-مشيرات الذات المتكلمة: تدل هذه الضمائر على حضور الشاعر وإعلان نفسه محاججا ومخاطبا يتوخى الإقناع والتأثير في المخاطب، من ذلك:

*الضمير المنفصل: أنا (تردد  عشر مرات)-نحن خمس مرات

*الضمير المتصل: ملابسي/دليل جثة ليست لي/ أنني/ أصدقائي/ذاكرتي/ رفاقي/ أنا لست/ حقي/ حصتي

*الأفعال: دليني/ارتطامي/ سأسعف/ أدري/ أحملهم/ أعرف جيدا/ ستصيبني/أقترب/ أضم/سأسأل/أرسم/

حضور الذاتية

الأعلام  أو صيغ الهوية:

سقراط-أسماء الأنبياء الحجاج بالنموذج

ب- مشيرات دالة على الذات المخاطبة:

*الضمير المتصل: حناجرهم/ خطيئاتهم/ لاأختلس قلبكم/ لا أختلس حبكم

*الأفعال: أسرعي/اتركوا/أحبوهم/تزوجوهم/ أترك/

*النداء: أيها الجندي

ج- المشيرات السياقية:

*القرائن الزمانية:

11 شتنبر2001-16 ماي 2003 علاقتها بالعنوان.

*القرائن المكانية:

قال ننزل الأرض وونجب الأبناء

واحد يقتل الآخر

ويظهر لنا أبناء في صلب آسيا

وآخرون في سافانا الإفريقية

نلاحظ أنه إلى جانب مقولة الضمير في القول الشعري يدمج الشاعر مجموعة من المشيرات المتمثلة في الإشارات الزمانية والمكانية (الآن –هنا)، وتكمن وظيفتها “في قدرتها على تحقيق الاستثمار الدلالي للقول والخطاب لأنها تتميز بقيمة تداولية، تتحدد في توليد الإحالات الزمانية والمكانية التي تكون المقام السوسيوثقافي الذي يرتبط به الخطاب”[14] ومن هنا يمكننا فهم دلالة خطاب الشاعر في “تفاعله مع البنيات السوسيوثقافية التي يحيل عليها”[15] نفهم إذ أن الشاعر تعمد اعتماد جملة من المشيرات المكانية والزمانية التي ثبتت خطابه الشعري في حقبة تاريخية محددة قصد  “تكوين نظير لمرجع خارجي وإلى إنتاج أثر معنى الواقع”[16].

حيث سعى الشاعر في هذا الديوان إلى التعبير عن رأيه وموقفه من الخراب الذي يتهدد الجميع، وكان أوَّل إعلانٍ للذَّات هو التعبير عن قوة شخصيته وعدم انصياعه لخطاب الجماعة معبرا عن غضبه بوصفه مثقفا يخوض معارك مفتوحة من أجل قناعاته الفكرية، يقول في قصيدة “في انتظار الحرب”[17]:

اتركوا لي حصتي من الأعداء

أفعل فيها ما أريد:

أحلم بالحرب أو بالسلم

أرسم شبهات للجنود الذاهبين

إلى السبي

أو أرسم الأرض على خدي

وأجهش بما في من جداول

لأملأ بحرها

أنهارها

وآبارها

بمياه الغضب.

اتركوا لي حصتي من الأعداء وخذوا حصصكم

واحدا واحدا:

أحبوهم إذا شئتم

وتزوجوهم فوق الدبابات

وفي صناديق فارغة

من الذهب

وفوق أسرة من تركة الجنود.

أنا لست أسيركم !

أنا لست رهينة في حب

يمسح عن الأعداء خطيئاتهم

أنا حر في عداوتي أفعل ما أشاء إذا شئت أن أفعل:

ألا أختلس حبكم

ولا أختلس قلبكم

وأتركُ لي حصتي من

مفترق العاطفة !

لن أصالح

لم هذه الضجة حول حقي في الأعداء

أنا لن أصالح

أنا لا أعرف سوى حقي في التراب..

كي أقيم للأعداء محكمة !

صفوة القول، إن التعبير عن الرأي حقٌّ في الوجود، والإبداع لا قيمة له إذا لم يساير ذلك، ليصبح الإبداع الشعري وفق هذا المنطلق مسؤولية وفكرا مضادا لفكر لا يؤمن بالحرية والحق في الحياة والحق في الاختلاف. فالشاعر الحقيقي لا يمكن أن يتوارى إلى الخلف ويكتفي بالتفرج على المآسي ويلعن “الزمن الموحش” في سره، بل هو الذي لا يخاف لومة لائم في القول إن هذا لمنكر.

2-الصورة الاستعارية: القصيدة ساحة حرب والشاعر جندي شجاع.

تماشيا مع ما قلناه عن إيتوس الشاعر الذي أسهم عن وعي أو عن غير وعي في جعل الشاعر يرسم صورة قوية عن نفسه؛ لأن كل تكلم يومئ إلى صورة الذات المتلفظة. ألم يقل سقراط تكلم لأراك؟ !، فالشاعر رأيناه لما تكلم في هذا الديوان دون أن يتحدث مباشرة عن نفسه وخصاله الحميدة أو غيرها، وذلك من خلال معارفه الموسوعية وطريقة تعبيره التي تُــفصح عن شخصيته داخل خطابه، لأجل ذلك نتساءل ما دور الصورة الشعرية في تشكيل إيتوس الشاعر، وفي التأثير في باتوس المخاطب؟

يرسم الشاعر عبدالحميد جماهري في ديوانه قيد التحليل، من خلال خطابه الشعري، صورةَ المثقف الفاعل والمتفاعل مع هموم الناس والتغيرات المحيقة بالمجتمع جراء القيم والأفكار الدخيلة عليه، لذا فهو يتوجه إلى مخاطب من نوع خاص تكشف عنه طبيعة اللغة الموظفة التي تجعل فهم شعره وتلقيه مقصورا على طبقة مثقفة تملك القدرة على التأويل واستجلاء دلالات خطابه الشعري وملء فراغاته النصية البيضاء التي يتعمد تركها ناقصة. والحديث عن المخاطَب يدفعنا إلى استحضار السياق السياسي والاجتماعي  الذي نظمت فيه هذه القصائد وهو سياق عالمي ووطني عانى من ظاهرة الإرهاب الذي أودى بأرواحِ الأبرياء، كما نستحضر في هذا السياق انسحاب المثقف وتواريه إلى الخلف.

يقول الشاعر في قصيدة “في انتظار الحرب”[18]:

لست أدري لماذا اختار الفراغ أن يكون هادئا

بالرغم من ارتطامي المتكرر مع نفسي

حول أصدقائي الجنود

الأخيرين في معارك السفح الممتد

هنا بين دفتي الكتاب..

من خلال  هذه قصيدة “في انتظار الحرب” نجد الشاعر يبني صورة استعارية تصبح فيها الكتابة معادلا للحرب ورمزا للصراع والمجابهة والمواجهة والشجاعة وعدم التقاعس والتخاذل، ويصبح فيها الشاعر جنديا شجاعا يواجه الآخر الذي يفتي بالغدر والإرهاب وترويع النفوس؛ أي إن الديوان ساحةُ حرب مشتعلةُ بين دفتيه والشاعر ينصب نفسه جنديا يحارب من أجل القيم الإنسانية النبيلة ومن أجل إرساء الحقِ في الحياة، وهذه الاستعارة المحورية الكبرى تولدت منها جميع الصور التي تعبر عن تجربة المقاومة بالفكر والثقافة، فجل الصورِ التشبيهيةِ والاستعاريةِ التي تؤطر الديوان ترتد إلى الحرب والصراع مما يفرض علينا الاستفادة من الاستعارة التصورية التي حددها جورج لايكوف ومارك جونسون بقولهما  “إن الاستعارة حاضرة في كل مجالات حياتنا اليومية. إنها ليست مقتصرةً على اللغة، بل توجد في تفكيرنا وفي الأعمال التي نقوم بها أيضا. إن النسق التصوري العادي الذي يسير تفكيرنا وسلوكنا له طبيعة استعارية بالأساس”[19].

إذن فالشاعر توسل بالاستعارة التصورية؛ إذ بدا تصور الشاعر في مواجهته لفكر آخر دخيلٍ عن مجتمعنا وديننا تصورا استعاريا، وليكن الشعر معركة؛ إذ استحضر الحرب بقوة، “وليكن الجدال حرب، يبنين (على الاقل جزئيا) ما نفعله حين نتجادل، ويبنين الطريقة التي نفهم بها ما نفعله. يكمن جوهر الاستعارة في كونها تتيح فهم شيء ما (وتجربته (أو معاناته) انطلاقا من شيء آخر. إلا أن هذا لا يعني أن الجدال يعد فرعا من الحرب، فالجدالات والحروب نوعان من الأشياء مختلفان (الخطاب الكلامي والصراع المسلح)، والأنشطة المنجزة (في كليهما) تختلف. فالجدال، في جزء منه، مبنين ومفهوم ومنجز ومعلق عليه انطلاقا من الحرب”[20] ، وتؤدي الصورة الاستعارية وظيفةَ الفهم من خلال إتاحتها  للمتلقي فهما جزئيا لخطاب الشاعر الكلامي السلمي وتجربته الفكرية السلمية أيضا في مواجهة العنف والإرهاب من خلال تجربة أخرى وهي تجربة الحرب والصراعِ وما تتطلبه من هجوم ويقظة واندفاع من أجل الانتصار؛ الانتصار للوطن والانتصار للإنسان والانتصار للسلم والتعايش والإخاء؛ الانتصار للإنسانية.

3-التناص ووظيفته: النص الغائب في الديوان.

يرى بعض النقاد أن ظهور مصطلح التناص واستخدامَه في النقد المعاصر يرجع إلى مغالاة المدرسة البنيوية التي متحت مفاهيمها وآلياتها من اللسانيات ومن الاتجاه الشكلاني، لتفرض بذلك قيودا “صارمة على دراسة النص الأدبي، إذ رفضت –في تناولها للنصوص الأدبية- كلَّ أثر يشير إلى المبدع وآرائه ورؤاه الفكرية”[21]، مؤمنة بانغلاق النص الأدبي؛ إذ عزلته عن كل المؤثرات الخارجية التي يمكن لها أن تسهم في فك مغالقه مادام هذا النص بناء لغويا مستقلا بذاته.

ويعد ميخائيل باختين أول من بلور نظرية عن تداخل النصوص عبر مصطلحه الشهير الحوارية  dialogisme مفندا بذلك “أن يكون الأسلوب هو الرجل، فالأسلوب عنده رجلان على الأقل. وإذن، فإن أيَّ كاتب، أو شاعر، يشق طريقه إلى الإبداع، من خلال اعتماده على نصوص الآخرين، ومحاورتها سلبا، أو إيجابا”[22]، مؤشرا بذلك على غياب وجود نص نقي محتفظا بهذا الحق لآدم وحدِه الذي نجا من التأثر بخطاب الآخر. بعد باختين ستأتي جوليا كريستسفا سنة ست وستين وتسعمائة وألف1966 من خلال مقالاتها الشهيرة في مجلتي Tel-Quel وCritique لتعلن عن مصطلح التناص وإقحامه في الدراسات النقدية بوصفه نقلا “لتعبيرات سابقة أو متزامنة وهو “اقتطاع” أو “تحويل”… وهو عينة تركيبية تجمع لتنظيم نصي معطى التعبيرِ المتضمن فيها أو الذي يحيل إليه”[23]، ليصبح كلُّ نص وفقها “يتشكل من تركيبة فسيفسائية من الاستشهادات، وكلُّ نص هو امتصاص أو تحويل لنصوص أخرى”[24]، ويمكن أن نجمل التناص الذي تضمنه ديوان “جاؤوا لنقص في السماء في:

التناص الديني:

يحضر التناص الديني في الديوان بكثرة من خلال حرص الشاعر عبد الحميد جماهري على توظيف عناصر الدين الإسلامي و تمثله لمبادئه وتأكيده على إلمامه بالدين الإسلامي الذي ننتمي إليه جميعا؛ (أنا الشاعر، ونحن القراء، والآخر المخالف)، فالشاعر يشدد على انتمائه لهذا الدين الذي لا يمنعه من اختلافه مع الآخر في تمثل مبادئ هذا الدين السمح الذي حاول البعض جعله دينا للتطرف والقتل وكراهية الآخر. يقول الشاعر:

ستكون لي أحضانُ الأنبياء كلِّهم لأضم الجَذامى

والأثرياءَ في الجحيم

ورفاقي الجنود المجهولين في الساحات العامة

والمومساتِ بماكياجهن الفاقع

ودموعِهن البسيطة

الشفافة

التي ترى عادة بدون كؤوس  الجِعة

الشاعر هنا يحيلنا إلى سيرة الأنبياء الذين انتصروا للإنسان، فهو ينتصر للمسحوقين والمومسات كما انتصر المسيح عليه السلام للمومس التي جاءته بعد ارتكابها للزنى، ولما رأى الجماعة تنظر إليها نظرة حقد واشمئزاز أشهر حكمته الخالدة: “من كان منكم بلا خطيئة فليرمها أولا بحجر”، عيسى عليه السلام الذين كان وجيها في الأرض يبرئ الأكمه والأبرص، فكذلك الشاعر يضم الجذامى من الناس والمومسات ويداوي جراحهم بالحكمة والانتصار لكرامتهم وإنسانيتهم.

يقول الشاعر في قصيدة 11شتنبر-16ماي: جاؤوا لنقص في السماء، التي يتناص فيها الشاعر مع قصة نوح عليه السلام الواردة في القرآن الكريم وهو يستحضر الأحداث الإرهابية الأليمة التي اكتوى بها العالم كما المغرب أيضا، أعني أحداث 11 شتنبر 2001 و16 ماي بالدارلبيضاء سنة 2003، يقول:

في الحانة حجزنا جناحا كاملا

من سفينة نوح

هنا إحالة إلى قصة نوح عليه السلام مع قومه الذين سخروا منه وقابلوا نصحه بالجحود والنكران فكان مصيرهم الغرق والهلاك مقابل نجاته هو والفئة القليلة التي آمنت به. نقرأ في القصيدة:

يا نوح قل لنا من قطع رأس آدمنا، يا نوح اُشْرب نخب نفسي

وللمياه التي تأتي كسفين العائلة وسط الطمي والوحل

أفرد الحواريون الأرض فوق الصحراء،

والصحراءَ فوق الطاولة؟

لم يعثروا على كلام جديد

تبادلوا السيوف والجثث…

وهذا النص أيضا يتناص مع قصيدة أحمد شوقي التي استوحاها بدوره من القرآن الكريم التي صور فيها تآلف الحيوانات داخل سفينة نوح قبل أن تعود إلى عداوتها لحظة استواء السفينة على سفح جبل الجودي. إنها تزكية لتآلف الناس وتآزرهم في المآسي والآلام حتى إذا زالت عادوا إلى الحقد والغل الكراهية تجاه بعضهم بعضا.

والتناص الديني يحضر بقوة في الديوان، فقصيدة “من أنا” تأتي على ذكر سير مجموعة من الأنبياء والرسل، من قبيل: إبراهيم عليه السلام، عيسى عليه السلام، موسى عليه السلام، ذي النون، وصولا إلى محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا دليل قوي على إلمام الشاعر بالأديان السماوية وعلى ثقافته الواسعة، مما يجعله يصدر أحكامه عن دراية وثقافة وليس عن اندفاع وجهل.

التناص الأدبي:

تتناص قصائد هذا الديوان مع قصائد لشعراء آخرين من قبيل محمود درويش، وأحمد المجاطي، وأمل دنقل.

يقول الشاعر:

اتركوا لي حصتي من الأعداء وخذوا حصصكم

واحدا واحدا

أحبوهم إذا شئتم

وتزوجوهم فوق الدبابات

وفي صناديق فارغةٍ

من الذهب

وفوق أسرة من تركة الجنود..

أنا لست أسيركم !

أنا لست رهينة في حب

يمسح عن الأعداء خطيئاتهم.

نقرأ في قصيدة درويش:

خذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا

وادخلوا حفل عشاء راقصٍ.. وانصرفوا

وعلينا، نحن، أن نحرس ورد الشهداءْ.

 

******

على صَحن خزف.

فلنا ما ليس يرضيكم: لنا المستقبلُ

ولنا في أرضنا ما نعمل

********

أيها المارُّون بين الكلمات العابرة

كالغبار المُرّ مرّوا أينما شئتم ولكنْ

لا تمروا بيننا كالحشرات الطائرة

فلنا في أرضنا ما نعملُ

و لنا قمح نربِّيه و نسقيه ندى أجسادنا

و لنا ما ليس يرضيكم هنا :

حجر… أو حَجَلُ

 

تناص عبد الحيد جماهري مع محمود الدرويش شاعر القضية الفلسطينية يبين لنا أن قضيته المتمثلة في قضية محاربة الإرهاب والقتل هي قضية إنسانية ووطنية لا تقل أهمية عن قضية الأرض.

أما فيما يخص تناصه مع أمل دنقل فيتمثل في استحضاره لقصيدة الأخير الشهيرة “لا تصالح” بشكل محول، يقول عبد الحميد جماهري:

لن أصالح

لم هذه الضجة

حول حقي في الأعداء…

أنا لن أصالح

أنا لا أعرف سوى حقي في التراب..

كي أقيم للأعداء محكمة !

فالقارئ هنا يذهب مباشرة إلى قصيدة أمل دنقل “لا تصالح” والتي تأتي عبارة عن وصية شديدة اللهجة تحث على عدم التصالح مع الآخرِ الظالم، يقول في مطلعها:

لا تصالحْ!

..ولو منحوك الذهب
أترى حين أفقأ عينيك
ثم أثبت جوهرتين مكانهما..
هل ترى..؟
هي أشياء لا تشترى..:

وهو تناص يبئر ذود الذات الشاعرة عن قضيتها وحقها في التراب/الأرض للتعبير عن رفض فكر ما أسمتهم الذات الشاعرة بالأعداء، فالأرض تسع الجميع وليست حكرا على فئة دون أخرى.

فيما يخص تناصه مع قصيدة أحمد المجاطي فنمثل له بقول الشاعر:

بهذا سأسعف اللغة…

لا بد من أن تكون النافذةُ مفتوحةً

على سماء

صحوة بديعة

وطائر يحلق قريبا،

حتى تسطيع اللغة إعداد المشهد اللائق بوصول الجنود.

كما يقول في قصيدة “اجلسي بالقرب مني أيتها القسوة”:

كم مرةً أسعفتني بقلب طري..

لأبتر النهار من صدفته

حتى تبدوَ مشيئتك نَوْلا للفصول

يدور القدر حولها بأناة العميان…

وكم مرةً أسعفتِني براحة التربة

لتبدو البراري صيغة مثالية

في تدريب القمح على فرحي..

وهذا يتناص مع قصيدة أحمد المجاطي “السقوط” التي يقول فيها:

السُّقوط

تَلبَسُني الأشياءُ

حينَ يرحلُ النَّهارْ

تَلبَسُني شوارعُ المَدينَهْ

أسكُنُ في قَرارةِ الكأسِ

أُحيلُ شَبحي

مَرايا

أرقصُ في مَمْلكةِ العَرايا

أعشقُ كلَّ هاجِسٍ غُفلٍ

وكلَّ نزوةٍ

أميرَهْ

أبحرُ في الهُنيهةِ الفَقيَرهْ

أُصالحُ الكَائِنَ

والمُمكنَ

والمُحالْ

أخرجُ من دائرة الرَّفضِ

ومن دائرةِ

السؤالْ

أُراقِبُ الأمطارْ

تَجفُّ في الطَّوِيَّةِ

الأمَّارَهْ

تسعفني الكأس ولا

تسعفُني العِبارَهْ

إذن فالشاعر عبد الحميد جماهري مثل أحمد المجاطي الذي لا تسعفه اللغة لكن الشاعر رغبة في تحقيق مقاصده سيسعف هو اللغة.

التناص التاريخي:

يحفل النص بمجموعة من التناصات التاريخية التي تتمثل في الوقائع ذات الطبيعة المرجعية، ويمكن أن نمثل لها بقصة سقراط الشهيرة التي فضل فيها تجرعَ السمِّ على التخلي عن مبادئه وأفكاره الفلسفية التي رام من خلالها التنوير وزرع قيم الخير والعدل والفضيلة…

يقول عبد الحميد جماهري:

أعرف جيدا، ستصيبني رصاصةُ الرحمة

ستكون لي شفاه الشهداء،

حناجرهم أيضا،

وأقترب من سمع الله

والأنبياء

وأقترب من كأس السم في يد سقراط

بيدين مرتجفتين

وعيون من سحاب.

هنا يصطف الشاعر إلى جانب سقراط الذي واجه الجهل والفكر اللاإنساني بروح حرة لا تخاف المصير، إنها معركة المثقف ضد التخلف والجهل والتضحية بالنفس في سبيل إسعاد الآخرين.

التناص مع أحداث 11 شتنبر و16 ماي وما شكلته من فزع في النفوس وتقسيم للعالم إلى فسطاط للشر وفسطاط للخير، وهو تقسيم أدى إنسان الدول الفقيرة ثمنه غاليا.

التناص مع الأسطورة:

التناص مع الأسطورة تمثل في استحضار الشاعر لقصة الإلياذة ولمأساة أوديب، يقول في قصيدة “في انتظار الحرب”:

دُليني على البطل

وسأدلك على تراجيدياه

كما في الإلياذة

نطلق له معا

سماءَ

تتبعها

صرخةٌ

حرب

ويعقبها دعاء.

وظف الشاعر في هذا المقطع أسطورة الإلياذة لهوميروس التي تحكي عن الصراع الذي نشب أواخر العصر البرونزي ولمدة 10 سنوات، بين الإغريق وأبناء طروادة. ويعزى سبب هذه الحرب إلى طلب ثلاث ربات، هن هيرا وأثينا وأفروديت، من  الابن باريس أن يحدد أيَهن أكثرَ جمالا، وهنا سيختار باريس أفردويت التي ستكافئه بالحسناء هيلين زوجة شقيق أغاممنون الذي سيقود وشقيقه جيشا ضخما لمحاربة طروادة، وهو ما نجحا فيه في الأخير.

يحيل هذا التوظيف إلى النزاع التافه الذي يغذيه الحقد على الآخر وتدبير المكائد للنيل منه؛ مكائدُ قد تجني على أبرياء لا ذنب لهم سوى تواجدهم في زمن الأشرار.

يقول الشاعر في قصيدة “لاهوت الانقاض”:

هي ذي أنت أيتها الحرب !

قنبلةٌ فجرت الذكرياتِ في الجدار

وقرب النافذة..

رجلٌ يحمل سيفا ولا يصل إلى أي حلم في بلاده

شابٌ اكتشف طاعة الله

في مكتب للضجر

وجاء يتيمم بحجر الأنقاض..

شابةٌ هرَبت من عقدة أوديبَ

إلى حضن الرجل المسلح

جزار يراسل الملائكة بلا جواب

وجاء للنحيب أمام الفيديو.

يحيل هذا المقطع إلى أسطورة “أوديب” الذي تزوج أمه “جوكست” دون أن يعلم بذلك؛ إذ دخل مدينة “طيبة” بعد أن قتل أباه ملك “طيبة” وتزوج أمه. لقد عملت الذات الشاعرة على تحيين أسطورة “أوديب” اليونانية وتوظيفها توظيفا جديدا يرتبط بالعالم المعاصر قصد التعبير عن رؤيته لهذا العالم وما يعج به من جهل ورذائل وشرور.

أسهم التناص في تحقيق وظيفة نصية ترتبط بمقصدية الشاعر التواصلية التي يسعى من خلالها إلى تمرير معرفة ضمنية إلى المتلقي قصد إقناعه بها، ووظيفة استدلالية تمد القارئ بمجموعة من المعلومات والمعطيات التي من شأنها أن تدفع به إلى ترجيح فرضيات تقربه من المقصدية التواصلية للشاعر والمتمثلة في رسائله الضمنية  الثاوية في الدلالة الخفية لخطاب الشاعر، ويمكن إجمالها في: انتصار الشاعر للنزعة الإنسانية.

خلاصة وتركيب:

خلاصة القول، لقد نجح الشاعر عبد الحميد جماهيري في ديوانه “جاؤوا لنقص في السماء” في تشكيل إيتوس الشاعر المثقف الشجاع الذي يسير على خطى المعلمين الأوائل من حاملي مشعل الفكر ورسائل التنوير، من قبيل الأنبياء ووالفلاسفة مثل سقراط… الذين واجهوا الجهل والفكر المتحجر دون استسلام. إنه أشبه ببروميتوس الذي فضل أن يكتوي بنار الحقيقة. في عبارة موجزة فهو الشاعر المثقف الذي آثر الجهر على السر، الحقيقة المرة على النفاق، الفضح على التستر. هكذا رسمت الذات الشاعرة لنفسها نموذج الشاعرِ المثقف المبدع الصادق المرتبط بهموم مجتمعه الذي يناضل من أجله، وقد تكون هذا الإيتوس من القيم الإيجابية التي تجعله أهلا لثقة المخاطب مما يجعله يلامس مشاعره وعواطفه وأفكاره، مستعينا بالتناص الذي أسهم في تشكيل خطابه الضمني مستغلا الثقافة المشتركة بين الذات الشاعرة وبين المخاطب ليجعل من ذلك طريقا سالكا إلى تشكيل صوره الشعرية ذات الوظيفة الحجاجية.

 

[1] -محمد مفتاح: دينامية النص، تنظير وإنجاز، المركز الثقافي العربي، الدارالبيضاء ط2،1990، ص: 59.

[2] -عبدالحميد جماهري: جاؤوا لنقص من السماء، في ديوان حالتي، منشورات ملتقى الطرق، 2020، الدارالبيضاء، ص: 22.

[3] – عبدالحميد جماهري: جاؤوا لنقص من السماء، في ديوان حالتي، مرجع مذكور، ص: 13.

[4]-Aristote, rhétorique, le livre de poche , librairie française, 1991 a livre première, p :83.

[5] -Ruth Amossy , l’argumentation dans le discours, paris , armond colin , collection icom , 2014, p : 84.

[6]-Maingueneau Dominique.1993. Le Contexte de l’œuvre littéraire. Paris. Dunod. P.138.

 

[7] -كريم الطيبي: لسانيات التلفظ وتحليل الخطاب الشعري: دراسة في المشيرات المقامية في مرثية مالك بن الريب، مجلة إشكالات في اللغة والأدب، مجلد 10، عدد 1-2021، ص: 444.

[8] -المرجع نفسه، ص: 444.

[9] -نفسه، ص: 444.

[10] -نفسه، ص: 444.

[11] -جميل حمداوي: لسانيات التلفظ بين النظرية والتطبيق، دار الريف للطبع والنشر الإلكتروني، الناظور-تطوان، الطبعة الأولى 2020، ص: 58.

[12] – كريم الطيبي: لسانيات التلفظ وتحليل الخطاب الشعري: دراسة في المشيرات المقامية في مرثية مالك بن الريب، مجلة إشكالات في اللغة والأدب، ص: 445.

[13] -نفسه، ص: 446.

[14] عبد المجيد نوسي: التحليل السيميائي للخطاب الروائي، البنيات الخطابية-التركيب-الدلالة، شركة النشر والتوزيع-المدارس، الدارالبيضاء، الطبعة الأولى 1423-2002، ص: 37.

[15] – نفسه، ص:37.

[16] -نفسه، ص: 37.

[17] – عبدالحميد جماهري: جاؤوا لنقص من السماء، في ديوان حالتي، مرجع مذكور، ص: 16.

[18] – عبدالحميد جماهري: جاؤوا لنقص من السماء، في ديوان حالتي، مرجع مذكور، ص: 14.

[19] -جورج لايكوف ومارك جونسن: الاستعارات التي نحيا بها، ترجمة عبد المجيد جحفة، دار توبقال للنشر، الطبعة 1-2018، ص: 26.

[20] -المرجع نفسه، ص: 29.

[21] -أحمد طعمة حلبي: التناص بين النظرية والتطبيق، شعر البياتي نموذجا، منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب، وزارة الثقافة، دمشق 2007، ص: 13.

[22] -المرجع نفسه، ص: 15.

[23] – أحمد الزعبي: التناص نظريا وتطبيقيا، مؤسسة عمون للنشر والتوزيع، عمان، الطبعة الثانية 1420هــ/ 2000م، ص: 11.

[24] – المرجع نفسه، ص: 12.


الكاتب : إعداد: المصطفى فاتح

  

بتاريخ : 16/04/2021

أخبار مرتبطة

كشف مرصد العمل الحكومي عن فشل الحكومة في محاربة الفساد والاحتكار، وعدم العمل على الحد من تداعيات الأزمة الاقتصادية على

  تحت شعار «بالعلم والمعرفة نبني الوطن»، تم زوال يوم الاثنين 22 أبريل 2024 ، افتتاح أشغال المؤتمر 21  ل»اتحاد المعلمين

يعود ملف ممتلكات الدارالبيضاء ليطفو من جديد على سطح الأحداث، خاصة وأن المدينة تتهيأ لاستقبال حدثين مهمين على المستوى القاري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *