التراث غير المادي لجهة درعة تافيلالت في حاجة الى ذاكرة لجمعه والحفاظ عليه

 

شكل موضوع»التراث الثقافي لجهة درعة تافيلالت الواقع والأفاق»، شكل موضوع خمس مداخلات لليوم الدراسي بمناسبة الاحتفال بشهر التراث الذي نظمته يوم الخميس 23 ماي 2019 جمعية السلام للثقافة والتنمية بشراكة مع المحافظة الجهوية للتراث الثقافي بجهة درعة تافيلالت وبتنسيق مع اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالرشيدية/ورزازات وكلية العلوم والتقنيات بالرشيدية، حيث ناقش خلال هذا اللقاء، الذي عرف عدة مداخلات لباحثين وأساتذة جامعيين خمس محاور أساسية وهي «التراث الثقافي الواحي» الذي أسهب فيه الأستاذ لحسن كبيري معرفا بالواحة التي اتخذها الإنسان مقرا له منذ القدم لوجود الماء وبنى بها القصور للسكن ولضمان الاستمرارية لوجود التنوع البيولوجي بالواحة التي صنفها الى عدة أنواع منها الواحات الشاطئية والصحراوية والجبلية والهضبية …وتعود واحة تافيلالت يقول المتدخل الى 500 ألف سنة، حيث وجد بها الإنسان والتي عرفت بواسطة الصخور المنحوتة الموجودة بها.
الدكتور كريمي سعيد تحدث في محور»التراث اللامادي الذاكرة الجماعية» عن الروافد التي يزخر بها هذا التراث، معتبرا الرافد الأمازيغي مكون أساسي لهذا التراث، الى جانب الرافد العربي والإفريقي واليهودي وروافد أخرى كثيرة تشكلت من قبائل اثنيات تركت بصمات أثرت وتأثرت على مستوى الصناعة والعادات واللباس والوشم والرق… جعلت من الواحة منطقة للتسامح والعيش الجمعي والجماعي، تاركة منظومة بشرية حية تهدف الى الاعتراف بحاملي التراث الثقافي غير المادي مستشهدا بالمقولة الإفريقية: «عند موت إفريقي مسن تموت معه مكتبة كاملة»، لذا يقول العارض يجب صيانة هذا التراث والحد من ضياع أشكال مختلفة ومتنوعة منه، وتحسيس المواطن بقيمته وحثه على المحافظة عليه وتثمينه كونه يمثل العمق الثقافي في المجتمع ويعمل على تقوية الهوية الوطنية.
من جهته أشار جمال البوقعة مديرالمحافظة الجهوية في محور»التراث الأثري بجهة درعة تافيلالت مواقع الفنون الصخرية نموذجا» الى مواقع الفنون الصخرية التي توجد بجهة درعة تافيلالت وخاصة بإقاليم زاكورة، تنغير والرشيدية، معتبرا أن الأدوات الحجرية كانت تتحرك في المجال، مبرزا عبر رسوم تعبيرية للإنسان القديم على الصخور لتتشكل منها عناصر التراث الأثري بالواحة الكبرى التي تمتد من واحة فكيك إلى طاطا حسب العارض، ليبقى الفن الصخري تراثا ماديا ثابتا.
محمد أزرور أستاذ بكلية العلوم والتقنيات بالرشيدية ركز في مداخلته «التراث المعماري ومواد البناء المحلية» على أنواع البناء في قصور وقصبات جهة درعة تافيلالت، المتمثلة في «الركز، التابوت، الطين» الذي قد يصل علوه الى 20 متر أو 5 طوابق، مشيرا إلى فوائد البناء بالتابوت والطين المركز الذي اتخذه أجدادنا كنوع من البناء، حيث نظرا لسمكه وصلابته يحافظ على تليين الجو أثناء وقت الحر كما هو في وقت القر، لهذا يضيف صاحب العرض لجأ أجانب فرنسيين من المغرب سنوات 1962 و 67 و 72 الى بناء 2750 مسكن في الداوديات بمراكش و 200 مسكن في ورزازات، معتبرين الرجوع الى البناء بالتابوت يحافظ على تلطيف الجو والمحافظة على البيئة و التنمية المستدامة وتشجيع الساكنة على البناء اعتمادا على المواد الصديقة للبيئة.
وكان لمداخلة لحسن أيت لفقيه عن اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان، في موضوع «مثبطات إعمال الحقوق الثقافية، جهة درعة تافيلالت نموذجا» وقع عميق عندما تطرق الى مفهوم الثقافة الذي اعتبره بالمعقد، بالرجوع الى الحقوق الثقافية التي لم تجد مكانتها في جهة درعة تافيلالت رغم غزارتها، متسائلا في ذات السياق عن الحقوق الثقافية فردية أم جماعية التي لم تلق ما تستحق من الأهمية للنهوض بالتراث غير المادي بالجهة وتعريفه وجمعه، ليتستى لكل فرد الحق في أن يشارك في الحقوق الثقافية طبقا للمادة 15 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية.
وخلال هذا اللقاء الذي أداره رئيس الجمعية المنظمة امبارك أيت القايد أكد على الأهمية الحيوية التي يكتسيها الاهتمام بالتراث الغير مادي بجهة درعة تافيلالت ، بالنظر إلى الدور الذي يطلع به في التنمية المستدامة كونه يمثل العمق الثقافي في الجهة ويعمل على تقوية الهوية الوطنية..


الكاتب :  فجر مبارك/الرشيدية

  

بتاريخ : 01/06/2019