الترجمة الأدبية في المغرب، مسارات ورهانات 3/1

بخلاف المشهد الكارثي الذي رسمه سنة 2003 برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لواقع الترجمة في البلدان العربية، والذي اعتمدَ فيه على معطيات ناقصة وغير أمينة، حدث تطور لافت للانتباه في حركة الترجمة الأدبية والثقافية إلى العربية ممثلة بترجمة الإبداع والعلوم الإنسانية والاجتماعية، حسب ما كشفته إحصائيات النشر في المغرب وحده خلال الفترة التي غطاها هذا البرنامج وبعدها، وكذا البيانات الصادرة سنة 2018 عن مؤسسات وطنية ودولية (مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية بالبيضاء1، ومؤسسة آنا ليند الأورو- متوسطية للحوار بين الثقافات ومجلة ترانس أوروبيان)2.
ويعد المغرب من بين أكثر البلدان العربية نشاطاً في مجال الترجمة إلى جانب لبنان وسوريا ومصر؛ فهو بالإضافة إلى نشاطه المتزايد في مجال الترجمة الإبداعية، يتصدر- بعد سوريا-  لائحة الدول العربية في مجال ترجمة العلوم الإنسانية والاجتماعية، رغم غياب برامج خاصة ناظمة وداعمة للترجمة في المغرب، حكومية كانت أم غير حكومية، من قبيل برنامج المركز القومي للترجمة في مصر، وبرنامج المنظمة العربية للترجمة في لبنان، وهي منظمة غير حكومية عالمية المستوى.
ولتثمين هذه الدينامية الترجمية المغربية يجب استحضار الشروط المحيطة بها، وعدم  مقارنتها بحركات الترجمة في بلدان غربية متقدمة تملك البنيات والإمكانات اللازمة للنهوض بالمجال. ويعود الفضل في هذه الدينامية إلى آلية التدارك التي وظفها المثقفون المغاربة مزدوجو اللغة لتجاوز التأخر التاريخي  في اتصال وثيق بالمؤسسات الثقافية الوطنية الناشئة في ثلاثينات القرن العشرين (جريدة / مجلة/ جمعية …)، وبالمؤسسات الأكاديمية الجامعية ودور النشر الخاصة، إضافة إلى الجرائد والمجلات، ابتداء من الستينيات والسبعينيات فالثمانينيات تخصيصاً.
ينضاف إلى عنصر ارتفاع نسبة الترجمات في المغرب، توجه ملموس في الألفية الثالثة إلى تنويع المنابع  الثقافية والمصادر اللغوية الأجنبية من ناحية، وتصميم أكبر ضمن أفق اجتماعي- ثقافي – سياسي وطني على « استعادة» النصوص المغربية باللغة الأجنبية (الفرنسية تحديدا)، وعلى تأصيل الحوار داخل الثقافة المغربية متعددة المصادر بواسطة رعاية مشروع الترجمة بين الأمازيغية والعربية من ناحية أخرى، ناهيك عن السعي إلى تعريف الآخر بالإنتاج المغربي الحديث والمعاصر، مما أدى إلى أن تتفرع الترجمة الأدبية في المغرب  اليوم إلى ثلاثة أقسام – سنركز على  قسمين منها- تنتظم ضمنها أربع حركات أساسية، كما يلي :
– الترجمة الخارجية: وتمثلها حركة استيراد النصوص في سياق حوار إبداعي / فكري / ثقافي  ثلاثي الأبعاد: حوار جنوب – شمال، يليه من بعيد حوار شرق – شرق، فحوار جنوب – جنوب.
– الترجمة الداخلية: وتترجمها حركتان: أ- حركة استرداد النصوص. وتتخذ مظهر توطين الإبداع والفكر المغربيين – والعربيين تعميما- باللغات الأجنبية وعلى رأسها الفرنسية. ب- حركة استثمار التعددية الثقافية، ويمثلها الحوار داخل الثقافة المغربية بين الأمازيغية والعربية.
– الترجمة في الاتجاه المعاكس: ويعكسها العبور الذاتي للنصوص المغربية إلى الضفة الأخرى.
يسند هذه الحركات – التي تشكل عصامية المثقفين الأكاديميين عصبها الأساس ضمن آفاق حساسيات فكرية ناظمة-، تنامي حركة النشر وتزايد جوائز الترجمة؛ فالمعاهد الوطنية والأجنبية التي تخدم أهدافاً ثقافية وسياسية متباينة تتخذ الترجمة وسيلة لتحقيقها، بالموازاة مع التطور السريع للخطاب الترجمي، بحيث أصبح المغرب اليوم يحتل المرتبة الثالثة عربياً في مجال دراسات الترجمة بعد مصر ولبنان.

1 – مسارات ورهانات الترجمة الأدبية في المغرب الحديث والمعاصر

انخرطت حركة الترجمة الإبداعية في المغرب حين انطلاقها في النصف الأول من القرن العشرين، في سيرورة التحديث الثقافي المفروض من قبل المؤسستين الاستعماريتين الفرنسية والإسبانية. فكانت البداية مع صدور ترجمة  رواية  بوليسية مسلسلة بعنوان»  لصوص المقابر» سنة 1914 على صفحات جريدة السعادة (1904)، التي شهدت حركة ترجمية نشيطة – بالاستفادة من النشاط الترجمي المشرقي نثراً وشعراً -، والتي حفزت في المقابل المثقفين الوطنيين الرافضين لسياستها الموالية للاستعمار على إيجاد بديل وطني نمثل له بالجمعية المغربية للترجمة والتأليف في حقبة الثلاثينيات، وهي الحقبة التي اغتنى فيها المشهد الثقافي المغربي بإنشاء جرائد ومجلات وطنية – (مجلة «المغرب»، مجلة «المغرب الجديد» ، جريدة»الرأي العام»…) –كما ارتفعت خلالها ولو بشكل محتشم نسبة تداول الكتاب بفضل الانتقال من المخطوط إلى المطبوع وفق رؤية تجديدية للثقافة بلورتها ثلة من المثقفين المغاربة؛ نذكر منهم محمد الحجوي، وعبد الكبير الفاسي، وعبد لله كنون.  ومع أن الاختيارات كانت فردية بالأساس، ساد في الترجمات الشعرية الاتجاه الرومانسي ممثلاً بأشعار فيكتور هيجو، وألفونس دولامارتين، وألفريد دوموسيه، بفعل سلطة النموذج المشرقي (مدارس الديوان، والرابطة، فأبولو)3، وهو نفس الاتجاه السائد أيضاً في تجربة التثاقف الشعري الإسباني- العربي والترجمة في الاتجاهين في شمال المغرب، الممثلة بالمجلتين ثنائيتي اللغة عربية – إسبانية: «المعتمد»(1947) برئاسة الشاعرة تْرينا مِركاديرو، و»كتامة» «(1953) برئاسة الشاعر خاثينتو لوبّيث غورخي4.
وتتجلى أهم خطوات الترجمة الإبداعية المنجزة من قبل مغاربة ،والمواكبة للتأليف المغربي الحديث بالعربية خلال الاستعمارين الفرنسي والإسباني، في السعي إلى ترجمة بعض الأعمال الكلاسيكية المؤسسة للمسرح والرواية الأوروبيين الحديثين، وبعض النصوص المتصلة بتاريخ المغرب كما يتضح من ترجمة طرتيف من قبل المهدي المنيعي وعبد السلام التويمي سنة 1928، ومشروع التهامي الوزاني غير المكتمل لترجمة رواية دون كيخوطي دي لا منشا لميغيل دي ثيربانتس مابين سنة 1951 وسنة 1966، وكان مسبوقاً سنة 1948 بمحاولة غير مكتملة أيضاً للمترجمين الشاميين لدى الإدارة الاستعمارية الإسبانية نايب أبو ملهم وموسى عبود، بتكليف من فؤاد أفرام البستاني المسؤول آنذاك عن العلاقات مع العالم العربي لدى منظمة الأمم المتحدة5، فترجمة ذهب سوس لرولان لوبيل من قبل  قاسم الزهيري سنة 1955.
وتعتبر مرحلة ما بعد سنة 1956 مرحلة ترجمة الشعر والنقد بامتياز. ففي مجال النقد عرف مغرب الاستقلال حركة ترجمية تثير وتيرة نموها الانتباه، في تزامن مع تشييد أول جامعة مغربية، وخطو الإبداع المغربي خطواته الأولى نحو النضوج والرسوخ. في المقابل شهدت ترجمة الشعر انتعاشاً وتحولاً نوعياً، وإن ظلت اللغتان الفرنسية والإسبانية في المجمل، ولفترة طويلة، هما النافذتان المركزيتان اللتان كان يطل منهما المترجم المغربي على العالم الغربي والشعر الإنساني، وقد كانت الجرائد والمجلات الوطنية المتزايدة في الستينيات والسبعينيات -(آفاق (1963)، أقلام (1964)،أنفاس (1966)، الثقافة الجديدة (1974)، والزمان المغربي (1979))-، متنفساً لهذه الترجمات  الشعرية التي كانت تجمع بين توجهات مختلفة : رومانسية – واقعية نضالية – رمزية.
ولعل أهم طفرة في حركة ترجمة الشعر بالمغرب تتجلى في ظهور مترجم متخصص في الستينيات- (مصطفى القصري)- ،مع نزوع إلى ترجمة دواوين عظماء الشعر العالمي الحديث بهدف المساهمة في حل أزمة التحديث التي كان يعيشها الشعر المغربي آنذاك، وتمكين القارئ العربي من الاطلاع على تأويل مختلف للنص الشعري الأجنبي من خلال إعادة ترجمة أعمال سبق وترجمت في المشرق العربي (أعمال شارل بودلير، سان جون بيرس، بول فاليري، ألفونس دو لا مارتين، ستيفان مالارمي، ورابندراناث طاغور تحديداً). نضيف إلى إنجاز المرحلة الصادر في كتب، ترجمة الرواية التاريخية أيفنهو للكاتب الاسكتلندي والتر سكوت، وهي أول رواية تتم ترجمتها في المغرب من اللغة الإنجليزية مباشرة.
ومما يسترعي الاهتمام في الترجمات الصادرة ما بين ستينات وسبعينات القرن العشرين في مجالات النقد والشعر والرواية- وهي الفترة التي ساد فيها وعي أيديولوجي حاد بين المثقفين المغاربة-، تدشين حركة استرداد الفكر والإبداع المغربيين المكتوبين باللغة الفرنسية بالتركيز على الأسماء الفاعلة في المشهد الثقافي المغربي (عبد الكبير الخطيبي/ الطاهر بن جلون…). أما الترجمات الإبداعية المنشورة في الملاحق الثقافية وبعض المجلات المغربية والعربية (أقلام، آفاق، المناهل، …)، فقد اتسمت- في سياق انخراط المثقفين المغاربة، وأغلبهم من أساتذة الجامعة، في الحراك السياسي والاجتماعي والثقافي لتلك الحقبة- (اتسمت) بالطموح الجاد إلى تعميق الوعي التجديدي الحداثي بارتياد آفاق الإبداع العالمي الشاسعة – (نماذج من آداب أمريكا اللاتينية والصين واليابان، إلى جانب نماذج من الأدبين  الروسي والإنجليزي…)، عبر وساطة اللغتين الفرنسية والإسبانية، وبدرجة أقل اللغة الإنجليزية التي تفرد عبد المجيد بن جلون بنقل الأدب القصصي عنها في فترة السبعينيات (قصص نيل جون، غرايس ماسن، وبورسكن كالدول، على سبيل التمثيل).
ونظرا للعلاقة القائمة بين التعريب والترجمة إلى العربية، نشير إلى أن الترجمة الأدبية في المغرب عرفت نمواً مطرداً يشمل تنويع المنابع الثقافية واللغات المصدر ابتداء من الثمانينيات، أدى في النهاية إلى حدوث التطور اللافت للانتباه الذي سجلته إحصائيات مؤسسة الملك عبد العزيز خلال 2017- 2018 مقارنة مع السنوات السابقة، فبالمقارنة مع 2016-2017 مثلا6، يتبين أن حجم الترجمات عرف نمواً هائلاً وصل إلى نسبة 67 في المائة، مع العلم أن الإبداعات الأدبية وضمنها الرحلات، التي يتضح أنها تستهوي المترجمين المغاربة، تأتي على رأس الإنتاجات المترجمة ويتحكم في اختيارها، بالإضافة إلى ذوق المترجم في اتصال بمشروعه الثقافي، ثروتها المتجلية في الصيت العالمي والجوائز المحلية والدولية، يليها من بعيد التاريخ، فالدراسات الاجتماعية ،والدراسات الأدبية والإسلامية، والفنون ،والجغرافيا،…إلخ، وهو نفس الترتيب تقريباً على مستوى التأليف.
وقد وازى هذه الحركة الترجمية النامية في الثمانينيات، والمتزامنة مع الطفرة التي عرفها مجالا الكتابة والنشر7، ظهور جمعيات للترجمة المهنية وعقد ندوات في الجامعة المغربية حول الترجمة، كما وازاها السعي إلى وصل ما انقطع بإنشاء «مدرسة فهد العليا للترجمة» سنة 1986 في طنجة تيمنا بمدرسة الألسن في عهد الحسن الأول، وظهور مجلات متخصصة في الترجمة، منها ما توقف عن الصدور مثل «بيت الحكمة» و»ترجميات» ومنها ما استمر في إغناء الحقل الترجمي العربي منذ ظهور أول عدد (مجلة «ترجمان «(1992) التابعة لمدرسة فهد العليا للترجمة)، إضافة إلى استحداث جوائز وطنية – عربية وأجنبية للترجمة (جائزة الترجمة ضمن جائزة المغرب للكتاب، جوائز المراكز الثقافية العربية والأجنبية… )8.

2 – الترجمة الإبداعية في سياق الانفتاح والتوطين والمأسسة

يحيل ارتفاع نسبة الترجمات الإبداعية الفردية المعضدة بترجمات ثنائية وجماعية في المغرب، من ناحية، إلى ظهور اهتمام محفز بالترجمة ضمن المشاريع الأكاديمية والثقافية- السياسية الخاصة ببنيات بحث ومؤسسات ثقافية مغربية وأجنبية  (مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب – جامعة الحسن الثاني، معهد الدراسات الإسبانية البرتغالية- جامعة محمد الخامس، مركز محمد السادس لحوار الحضارات بالشيلي، المركز الثقافي الفرنسي، مركز ثيربانتس،…)، ويؤشر، من ناحية أخرى، إلى وعي المترجمين المغاربة بضرورة تنويع مصادرهم الثقافية عبر ارتياد عوالم لغات وثقافات لا تربطها بنسقهم الثقافي علاقة قوة ضاغطة، مما يفيد أن مسارات الترجمة وتوجهاتها تتصل اتصالاً وثيقاً بموازين القوى9.
وللتدليل على فاعلية هذا التنويع، نبدأ بنماذج دالة من لغات الثقافات الأجنبية التي تحتل نسبتها مركزاً هامشياً في المشهد الترجمي المغربي؛ فمن الملاحظ أن الترجمة المغربية عن اللغتين الفارسية والروسية التي انطلقت محتشمة في الثمانينيات لسد الخصاص الأكاديمي، استطاعت فرض نفسها نسبياً في المشهد الثقافي العربي الذي تتوفر بعض بلدانه، مثل مصر ولبنان، على تقاليد راسخة في التفاعل مع اللغتين، وذلك باعتبارها إضافة نوعية ووصلاً لما انقطع عربياً في إطار التجديد، كما يدل على ذلك استئناف ترجمة الشعر الإيراني المعاصر ( تشرق الشمس / محمد اللوزي) ، ونقل الإنتاج القصصي والروائي الفارسي الحديث والمعاصر(عيناها، أنتولوجيا  القصة الفارسية المعاصرة، …/ أحمد موسى، محمد اللوزي،…)، وبصفتها مصححة أيضاً لمسار الترجمة العربية (إعادة ترجمة أعمال فيودور دوستويفسكي/ إدريس الملياني) ، بل وممثلة للترجمة العربية على المستوى الدولي: جائزة بوشكين، والجائزة العالمية لترجمة الشعر الروسي / عبدالرحيم العطاوي، من روائع الشعر الروسي.
أما الترجمة عن اللغة البرتغالية، فرغم كونها حركة ناشئة بفضل استحداث أقسام الدراسات البرتغالية في الجامعة المغربية تخصيصاً، إلا أنها بدورها تعد إضافة نوعية في مجال الترجمة الأدبية العربية في الألفية الثالثة: فعن طريق الترجمة المغربية للأدب البرتغالي – التي  لجأت بداية إلى وساطة اللغة الإسبانية (المهدي أخريف)، قبل النقل المباشر عن اللغة البرتغالية (سعيد بنعبد الواحد)- تمكن القارئ العربي لأول مرة من الاطلاع على الأعمال الكاملة لفرناندنو بيسوا، أحد القامات الشعرية والفكرية الحداثية العالمية، إضافة إلى تحفه التي لم تحظ قبل بالنشر، كما تمكن من الحصول على أعمال أفضل الروائيين والقصاصين البرتغاليين الكلاسيكيين – الرومانسيين والمعاصرين (أعمال كاميليو كاشيرو بلانكو، وألفونسو كروشو، ودافيد ماشادو مثلا،…).
ومن المأمول – استناداً إلى بعض المؤشرات، منها ،على سبيل التمثيل، ترجمة رواية الأمة إزاورا لبرناردو غيمارايس- أن تتطور الترجمة عن البرتغالية في المغرب وتتسع آفاقها، لتشمل بشكل أكبر وأعمق الأدب البرازيلي، مما سيؤدي إلى تلبية انتظارات القارئ المغربي الذي سمحت له وساطة اللغة الفرنسية بالاطلاع على نماذج مترجمة من الأعمال الأدبية الأمريكية- اللاتينية ابتداء من أواخر السبعينيات، والذي مكنته الترجمة المباشرة عن الإسبانية بعد ذلك من نسج علاقات ألفة مع هذا الإنتاج.
فبفضل جهود أكاديميين وأساتذة من قسم اللغة الإسبانية بالجامعة تخصيصاً، مسنودة بتوظيف الترجمة أداة للدبلوماسية الثقافية – (المعهد الإسباني- البرتغالي بالرباط، ومركز محمد السادس لحوار الحضارات بالشيلي) ، أصبح للكتاب و الشعراء الأمريكيين اللاتينيين باللغة الإسبانية، في النصف الثاني من الثمانينيات وخلال التسعينيات فالألفية الثالثة، حضور مفتوح الأفق في المشهد الترجمي المغربي (خورخي لويس بورخيس، إدواردو بيرتي، خوان خيلمان، كارلوس فوينتي، أوكتافيو باث، نيكانور بارا، إيزابيل أكينيدي، ألبرتو سانشيز،…/ إبراهيم الخطيب، محمد صالحي، فاتحة بنلباه، مزوار الإدريسي، سناء الشعيري،…). مع تسجيل العناية الخاصة بسيرة وإنتاج الكاتب الأرجنتيني العالمي بورخيس (المرايا والمتاهات، الدنو من المعتصم…)، وبداية الإقبال على النصوص التي لها صلة بالمغرب (للهواء أسماء).
بالموازاة مع الاهتمام الملحوظ بالأدب الأمريكي اللاتيني بالإسبانية، تعرف ترجمة الأدب الإسباني المدعومة من قبل وزارة الثقافة الإسبانية ومعاهد ثيربانتس المتكاثرة بالمغرب، دينامية مطردة في المشهد الثقافي المغربي وتخصيصاً في الألفية الثالثة. وتجدر الإشارة في هذا السياق، إلى سيطرة ترجمة الشعر على باقي الأنواع -وخاصة بعد تأسيس مشروع ترجمة الشعر الإسباني إلى العربية-، سواء من خلال ترجمات جماعية وثنائية لمختارات شعرية -(خالد الريسوني، مزوار الإدريسي ، العربي الحارثي،… )-، أم عبر الترجمات الفردية لمختارات ودواوين شعراء إسبان محدثين ينتمون إلى القرن 19، وجيل 27،
ثم مرحلة ما بعد الحرب الأهلية، وشعراء معاصرين كبار يعرفون بشعراء الصمت وشعراء التجربة، يجمع بينهم، بالإضافة إلى التجديد الشعري، الشهرة المحلية والعالمية (لويس ثِيرْنود، غارثيا لوركا، كلارا خانيس، خوان أنطونيو كونزاليس فوينتيس، ليوبولدو دي لويس،… / مزوار الإدريسي، خالد الريسوني،…  ). وتلي ترجمة الشعر ترجمة الرواية التي تتسم  بالجمع بين الروايات المؤسسة – الكلاسيكية الحديثة، والروايات المجددة التي تشكل منعطفاً في الرؤية والتقنية في المشهد الروائي الإسباني والعالمي، بما فيها الروايات التي تتخذ المغرب موضوعاً لها من وجهة نظر لا متمركزة على الذات (لاثاريو دي تورميس، لالوتانا الأندلسية، عيطة تطاون، الأربعينية، على أبواب طنجة، سفاراد، سأبحث لك عن عشيق، الكوخ ،السيدة بيرفيكتا، مريانيلا، سيدة الفساتين، أسابيع الحديقة…/ عمر بوحاشي، إدريس الجبروني، محمد المساري، مزوار الإدريسي، شريفة الدحروش-عبد اللطيف البازي،…).
تنضاف إلى ترجمة السرد الروائي ترجمة  السرد القصصي (أنطولوجيا القصة القصيرة جدا)، فترجمة المسرح بدرجة أقل من خلال تجارب تجريبية (مسرحيات ميغيل د أونامونو، خوان مايورغا، ورامون ماريا ديل باي إنكلان،…)،و كذا ترجمة الرحلات الإسبانية إلى المغرب قبل وخلال فترة الحماية، وهي تستهوي المترجمين المغاربة بالمعطيات التي لا تمنحها كتب التاريخ الرسمي (مدينة النعاس  مثلا). إلا أن الحضور المتنامي للإسبانية بصفتها «لغات إسبانية» بفعل الإقبال على ترجمة الإنتاج الأدبي الأمريكي اللاتيني ،وبصفتها لغة وسيطاً (ترجمة كتاب اللاطمأنينة، مثلاً )، يظل مع ذلك أدنى من حضور الفرنسية باعتبارها  “لغات فرنسية” ولغة وسيطاً كذلك.


الكاتب : دة. فاتحة الطايب (*)

  

بتاريخ : 15/10/2021

أخبار مرتبطة

  على الرّغم من أن رولان بارثRoland Barthes، منذ أواسط ستينات القرن الماضي، أي في مرحلته البنيوية، كان قد أعلن

  الرواية الأولى كانت حلمٌا جميلا في البداية، ولكن ما إن صحوت منه حتى تحول إلى كابوس يقض المضجع، يسرق

ندوة حول «التاريخ وقيم المواطنة» بكلية الآداب بالمحمدية تنظم الجمعية المغربية للمعرفة التاريخية، بشراكة مع كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *