التقارب التركي الإسرائيلي يثير قلق حماس والفلسطينيون يتطلعون إلى نهج مغاير من المجتمع الدولي

يثير التقارب الأخير في العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وتركيا الذي وصفه البلدان بأنه “نقطة تحو ل” في العلاقة بينهما، قلق حركة حماس الإسلامية التي تسيطر على قطاع غزة وفق ما يرى محللون سياسيون.
وتعتبر حركة حماس الدولة التركية حليفا استراتيجيا لها، ويقيم في تركيا منذ عقد عدد من قادة حماس أبرزهم نائب رئيس الحركة صالح العاروري. ويترد د رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية ورئيسها في الخارج خالد مشعل بانتظام الى اسطنبول. كما تتفاخر الحركة بمواقف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الذي يقد م نفسه على أنه مناصر بقوة للقضية الفلسطينية.
وتوترت العلاقة بين أنقرة وتل أبيب منذ الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة نهاية 2008، وبلغ التوتر ذروته إثر مقتل تسعة أتراك في هجوم إسرائيلي على سفينة “مرمرة” التي كانت تنقل مساعدات للقطاع في عام 2010.
لكن تقاربا يسجل بين الدولتين منذ فترة. وقد ترجم هذا التقارب بزيارة قام بها الأسبوع الماضي الرئيس الإسرائيلي اسحق هرتزوغ الى تركيا. وقد تحدث الرئيسان عن “منعطف” في العلاقات بين البلدين.

انتقاد بدون…اسم !

وانتقدت حركة حماس زيارة الرئيس الإسرائيلي الى تركيا، لكنها لم تأت على ذكر الدولة التركية أو إردوغان. ودعت في بيان إلى “عدم إتاحة الفرصة للكيان الصهيوني لاختراق المنطقة والعبث بمصالح شعوبها”.
ويرى محللون أن تعزيز العلاقات التركية الإسرائيلية قد ينعكس سلبا على العلاقة بين أنقرة وحماس.
ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة مخيمر أبو سعدة إن تركيا “ستفضل مصالحها الاقتصادية مع إسرائيل في ظل تدهور سعر الليرة التركية وتراجع اقتصادها”، على علاقتها مع حماس.
ويضيف “حماس قلقة”، متوقعا “أن تحصل ضغوط إسرائيلية أكبر على السلطات التركية، فتغادر قيادات حمساوية تركيا ربما الى إيران أو بيروت”.
كما يتوقع أبو سعدة أن يؤدي تحسن العلاقات التركية الإسرائيلية إلى قيود على حماس وعناصرها المقيمين في تركيا، وبينهم العناصر الذين أطلقت إ سرائيل سراحهم في صفقة الإفراج عن الجندي جلعاد شاليط الذي كان محتجزا لدى حماس في 2011.ويستبعد أستاذ التاريخ والعلوم السياسية ناجي شراب من جهته أن “تتخذ تركيا قرارا بإغلاق مكاتب حماس أو ترحيل أي من قادتها. هذا مستبعد في المدى المنظور، ربما تلجأ تركيا مع إسرائيل لسياسة احتواء حماس بإبقاء تواجدها في تركيا بدون نشاط سياسي أو إعلامي أو مالي ملموس”.
ويعبر عن اعتقاده بأن “تركيا ستلعب دورا متوازنا مع حماس”.
لكن مصدرا قريبا من حركة حماس وموجودا في تركيا أقر بأن مسؤولين أتراك ناقشوا مع قيادة حركة حماس وضع عناصر ومسؤولين فيها في تركيا.
وقال “ناقش مسؤولون أتراك مع قيادة الحركة مؤخرا إيجاد آلية لاستمرار أو مغادرة آمنة لبعض القادة ذوي الصفة العسكرية بحماس، تركيا، لكن لا تغيير بالنسبة للأنشطة السياسية والثقافية والاجتماعية والإعلامية أيضا” التي تقوم بها الحركة في تركيا.
وتابع “لدينا ثقة بأن تركيا إردوغان لن تتخلى عن دورها الرائد لدعم القضايا الفلسطينية والقدس ورفع الحصار الظالم عن غزة”.
رغم القلق، تتمسك حماس بالثقة بأن إردوغان لن يتخلى عن مواقفه الداعمة للفلسطينيين.
وقال قيادي كبير في حماس فضل عدم الكشف عن هويته لفرانس برس “لا أتوقع أن تخضع تركيا لأي ابتزاز أو ضغط إسرائيلي لطرد أو التضييق على أي فلسطيني، بما في ذلك أبناء حماس”.
ويستدرك “لا مقرات لحماس في تركيا، لكن الفلسطينيين موجودون في كل مكان”، مؤكدا أن “معركتنا مع الاحتلال داخل أرض فلسطين”.
ويشدد على أن “حماس لا تتدخل في العلاقات الداخلية لأي دولة. نريد الحفاظ على علاقة طيبة ومسافة واحدة من كل الدول العربية والإسلامية خصوصا تركيا”.ويرى شراب بدوره أن اللغة التي اعتمدتها حركة حماس في تعليقها على زيارة هرتسوغ عكست موقفا معتدلا.
ويوضح شراب “حماس أعطت إشارات الى أنها حركة لن تضحي بعلاقاتها مع تركيا لأنها حليف وتمثل قاعدة سياسية ومالية لها”.
ويبين أن حماس “قد تستفيد من هذا التقارب باعتبار تركيا تشكل قناة فاعلة ذات ثقة للضغط على إسرائيل لرفع الحصار ووقف العدوان وتعزيز تفاهمات التهدئة”.
أما المحلل السياسي المختص في شؤن الحركات الإسلامية حسام الدجني فيقل ل من تأثير التقارب التركي الإسرائيلي على حماس.
ويقول “من مصلحة تركيا وإسرائيل أن تبقى العلاقة مع حماس على قاعدة ألا تتجاوز حدود العلاقات السياسية والاقتصادية، وأن يكون هناك دور تركي داعم للدور المصري لأجل الاستقرار على حدود غزة”.

نهج مغاير لإيجاد حل

ويتطلع الفلسطينيون إلى نهج مغاير من المجتمع الدولي نحو إيجاد حل جدي وسريع في التعامل مع ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بعد سنوات من التهميش صاحب ذلك رفض الحكومات الإسرائيلية الجلوس على طاولة المفاوضات لإحياء عملية السلام. ويقول مراقبون فلسطينيون إن القضية الفلسطينية واجهت واقعا من التهميش على مدار الأعوام الماضية في ظل عجز المجتمع الدولي عن تنفيذ القرارات الدولية والأممية الخاصة بالقضية الفلسطينية. ويجمع المراقبون على وجود تحرك دولي يشهده العالم الآن لحل الأزمة الأوكرانية الروسية التي بدأت قبل أسبوعين، بينما لم يفعل الشيء ذاته تجاه إسرائيل التي تحتل الأرض الفلسطينية منذ 55 عاما.
ودعا مستشار الرئيس للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية محمود الهباش المجتمع الدولي لتطبيق قرارات الشرعية الدولية والصادرة عن المنظمات الدولية كمجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان المتعلقة بالقضية الفلسطينية. وطالب الهباش في بيان المجتمع الدولي بالتوقف عن ممارسة ازدواجية المعايير التي يمارسها عندما يتعلق الأمر بفلسطين وحقوق شعبها، مشيرا إلى أن الفلسطينيين يتعرضون “للظلم واحتلال الأرض منذ عشرات السنين”. وأكد الهباش ضرورة تطبيق الشرعية الدولية والقانون الدولي في فلسطين أسوة بأي مكان آخر من العالم. ويطالب الفلسطينيون بتحقيق دولة مستقلة إلى جانب إسرائيل على كامل الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل في العام 1967 بما يشمل الضفة الغربية كاملة وقطاع غزة وأن تكون عاصمتها القدس الشرقية. وقال المحلل السياسي من غزة طلال عوكل إن الفلسطينيين خاضوا نضالا قويا ومتواصلا على جبهة القانون الدولي الإنساني ومؤسسات العدالة الدولية لم يؤد حتى الآن لتحريك المجتمع الدولي نحو حماية وتنفيذ هذا القانون ولكن هذا لا يمكن أن يكون نهاية الطريق. وأضاف عوكل لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن “ثمة حالة انفصام في المنظومة القيمية للدول الغربية فهي تعتبر دولا حريصة على سيادة القانون داخليا ولكنها تتعامل مع القانون الدولي بمعايير مزدوجة ارتباطا برؤيتها لمصالحها”. وأوضح عوكل أن المواقف إزاء الأحداث الجارية تضع الدول الغربية أمام “امتحان أخلاقي فكيف لها أن تجند كافة إمكانياتها لإدانة ومعاقبة طرف من منظورهم يعرض السلام للخطر، بينما تتجاهل إسرائيل وما ترتكبه من سياسات تطهيرية”. وكان الرئيس عباس حذر يوم الخميس، من أن استمرار إسرائيل بتجاهل تنفيذ التزاماتها حسب الاتفاقات الموقعة والمضي قدما في أعمالها أحادية الجانب سينهي كل فرص تحقيق السلام العادل والشامل القائم على قرارات الشرعية الدولية. وأشار عباس إلى أن القرارات الفلسطينية التي أقرها المجلس المركزي الفلسطيني في جلسته الأخيرة الشهر الماضي (إنهاء التزامات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية بكافة الاتفاقيات مع إسرائيل) ستكون موضع تنفيذ. وقال المحلل السياسي من رام الله أشرف العجرمي إن الحقيقة المرة التي يمكن استنتاجها من الموقف الغربي تجاه الحقوق الفلسطينية هو “الكيل بمكيالين والتعاطي مع الأزمات الدولية ومع مبادئ حقوق الإنسان بمعايير مزدوجة”. وأضاف العجرمي لـ ((شينخوا)) أن المواقف الأمريكية والأوروبية تهتم أكثر بالصراعات المتعلقة بمصالحها فقط بعيدا عن الاهتمام بمبادئ حقوق الإنسان في إشارة إلى القضية الفلسطينية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي. وتساءل العجرمي “أين أمريكا وأوروبا من إسرائيل التي تنتهك حقوق الفلسطينيين على مدار الساعة”، معربا عن أسفه أن إسرائيل تحظى بالرعاية التفضيلية والدعم في أوروبا وأميركا..


الكاتب : وكالات

  

بتاريخ : 17/03/2022