التقويم التربوي

 

مع نهاية كل موسم دراسي، تتجه أنظار التلميذات والتلاميذ واولياء أمورهم نحو حصيلة النتائج المدرسية التي تعكس حصيلة جهد تراكمي طيلة السنة الدراسية لمختلف المواضيع التي درسوها مع أساتذتهم.
عادة ما يصاحب الإعلان عن النتائج المدرسية نشاط اجتماعي، فهناك أسر تعمها الفرحة وأخرى يسودها القلق والغضب.
غالبا ما يكون إصدار الأحكام على حصيلة التلاميذ غير منصف دائما في تشخيص شمولي لقدرات التلاميذ ومستوياتهم وميولهم، فالاختبارات المدرسية سواء الجهوية أو الوطنية، ترتبط في شموليتها بالمعارف ولا تقيس كلها جملة من المهارات التي يتقنها التلاميذ داخل وخارج المجتمع المدرسي.لذا، فإن اختزال أداء ومردود التلاميذ وذكائهم ومستوياتها من الحفظ والتحليل والتركيب، يعتبر ظلما في حقهم من جهة كما يغفل قدرات أخرى في حياتهم من جهة أخرى.
لقد بينت دراسات تربوية عديدة تفاوت القدرات وتنوعها عند التلاميذ كالذكاءات المتعددة، الشئ الذي يفرض على التربويين إعادة النظر في أدوات القياس.
إن منظومة التقويم الشامل هي وسيلة لتحقيق غايات عديدة من أهمها تحسين جودتها حيث تنقل التلميذ من إطار التعليم التقليدي المعتمد على الحفظ والتلقين وحشو الذاكرة إلى التقويم الذي يحقق قدرا كبيرا من التعلم الإيجابي النشيط، إذ يشمل المفهوم الحديث للتقويم إلى جانب الامتحانات الجهوية والوطنية والاختبارات، قياس كل جوانب شخصية التلميذ بما يسهم في تقديمه للمجتمع إنسانا متوازنا ومتمكنا من مواجهة التحديات والمشكلات ببصيرة نافذة.
إن الاختبارات لاتزال تشكل عبئا ثقيلا عند عديد من التلاميذ، لذا ينبغي تخفيفها عن كاهل التلاميذ لما تسببه من قلق وإرباك لهم.
إن عملية التقويم تقيس ما تعلمه التلاميذ من مهارات ووجدانيات ومعارف..ولا ينبغي أن تقتصر على جانب معين في التقويم بغض النظر عن الأداة المطبقة فيه، مما يجعله واقعيا وحقيقيا، كما أن التقويم يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الفروق الفردية والتي تبين تفوق التلميذ في مجاله دون التركيز على إخفاقه في مجال ٱخر.
فمع نهاية موعد إجراء الامتحان الجهوي والوطني، والإعلان عن نتاىج الامتحانات، تنتاب عديد من التلاميذ حالة من القلق والغضب على بعض المواد الدراسية التي يختبرون فيها. فمثلا، في مادة الاجتماعيات لايزال الاختبار المقالي يركز على الحفظ بنسبة كبيرة، لذا وجب على اللجن المشرفة على إعداد مواضيع مادة التاريخ والجغرافيا العمل على تحسين الاختبارات المقالية وأن تكون في صياغة الأسئلة واضحة ولا تتحمل تعدد التفسيرات، وتنويع أغراض الاختبار. وهنا يجب ألا تكون أسئلة الاختبار منصبة على هدف واحد كالحفظ مثلا ولكن ينبغي تنويع أغراض الاختبار بحيث تكون بعض الأسئلة لقياس الحفظ وأخرى للفهم وبعضها لقياس القدرة على التطبيق والتحليل وإعطاء وجهة نظر.
إن أهم أساليب قياس مستوى التلاميذ هي: المناقشة الصفية، ملاحظة وتتبع أداء التلاميذ، الواجبات المنزلية ومتابعتها، العروض المقدمة وليس فروض المراقبة المستمرة فقط.
وصفوة القول، على الجهات المسؤولة عن التقويم وخاصة  لجن الإشراف التربوي، العمل على تطوير نظام القياس والتقويم التربوي تماشيا مع إجراءات الإصلاح التعليمية الشاملة بما يعطي تشخيصا دقيقا وموضوعيا وموثوقا لكافة الأبعاد التعليمية، وبما يعطي صورة موضوعية لنقاط الضعف والقوة لأداء التلميذ والأهداف التعليمية وكذا  مؤهلاته المعرفية والمهارية والقيم والاتجاهات..لقد ٱن الأوان، أن نحرر عقول تلامذتنا من التكلس الذي أصابها فترات طويلة، كان الحكم فيها على التلميذ وفق النقط المحصل عليها وبالتالي يتحول التلميذ إلى مسارات أخرى لا يرغب فيها.

(*)باحث تربوي


الكاتب : خليل البخاري(*)

  

بتاريخ : 26/05/2022