في الوقت الذي أصبح فيه الانتقال الطاقي حاسما لمواجهة تحديات المناخ، يمكن أن يؤدي تكامل شبكات الكهرباء في إفريقيا إلى تحويل اقتصاد القارة. لذلك، يسلط تقرير «الوكالة الدولية للطاقة المتجددة» (IRENA)
(World Energy Transitions Outlook 2024) الضوء على: «الفرص الاقتصادية والبيئية لأفريقيا الموحدة من حيث الطاقة، مع فوائد كبيرة للبلدان ذات الطلب المرتفع على الطاقة مثل المغرب. لن تؤدي هذه المبادرة إلى استقرار العرض فحسب، بل ستقلل أيضا من تكاليف الطاقة وانبعاثات الكربون».
الإمكانات الاقتصادية والبيئية
وفقا لتقرير «الوكالة الدولية للطاقة المتجددة» (IRENA) بعنوان «التوقعات العالمية لتحولات الطاقة 2024»، يمكن لأفريقيا الاستفادة من المكاسب الاقتصادية والبيئية الرئيسية من خلال تكامل شبكات الكهرباء لديها. إن هذه الاستراتيجية، التي تتكون من ربط البنية التحتية للكهرباء في البلدان الأفريقية، أثبتت أنها واعدة بشكل خاص للدول ذات الطلب المرتفع على الطاقة، مثل «المغرب». وبالإضافة إلى تلبية الحاجة المتزايدة إلى الكهرباء، فإن التكامل من شأنه أن «يقلل إلى حد كبير من استخدام الوقود الأحفوري، وبالتالي خفض التكاليف الطاقية وانبعاثات الكربون».
انخفاض كبير في الاعتماد على الوقود الأحفوري!
يمكن لتكامل الشبكة – وفقا للتقرير – تقليل استخدام الوقود الأحفوري بنسبة 36٪ في إفريقيا بحلول عام 2040. سيصاحب هذا التراجع، انخفاض كبير في التكاليف المرتبطة باستيراد هذه الموارد في أفريقيا، حيث لا تزال العديد من البلدان تعتمد اعتمادا كبيرا على الوقود الأحفوري، فإن هذه الوفورات المالية ستمثل «رافعة قوية لإعادة توجيه الأموال إلى قطاعات حيوية أخرى، مثل الصحة والتعليم».
بالنسبة للمغرب، يمكن لهذه الاستراتيجية أن: «تقلل من اعتماده على واردات الوقود الأحفوري وتوفر زيادة في الوصول إلى الطاقة المتجددة المنتجة في أجزاء أخرى من القارة. ومن شأن هذه المبادرة أيضا أن تدعم البلد في جهوده الرامية إلى التحول الطاقي النظيف، بما في ذلك من خلال زيادة استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وهما مصدران يتمتعان بإمكانات هائلة في العديد من البلدان الأفريقية».
أمن الطاقة وتنويع الإمدادات..
وبالإضافة إلى الفوائد الاقتصادية، فإن تكامل شبكات الكهرباء من شأنه أن: «يعزز أمن الطاقة في البلدان الأفريقية». حاليا ، تعاني العديد من الدول من انقطاع التيار الكهربائي بشكل متكرر بسبب الأنظمة الكهربائية الهشة أو المعزولة. ومن شأن شبكة متكاملة أن تتغلب على هذه القيود من خلال تقاسم الكهرباء بشكل أكثر كفاءة بين البلدان. وهكذا، عندما تواجه إحدى الدول حمولة زائدة من الإنتاج الطاقي (الكهربائي)، يمكن إعادة توزيع هذه الطاقة على المناطق التي تعاني من العجز الطاقي، وبالتالي ضمان إمدادات أكثر استقرارا.
وبالنسبة للمغرب، يمكن للتكامل الإقليمي أن: «يسهل الوصول إلى مصادر الطاقة الخضراء والموثوقة، وتنويع إمداداته وتعزيز قدرته على الصمود في مواجهة تقلبات الأسعار الدولية للوقود الأحفوري. أصبح أمن الموارد هذا ضروريا في سياق أصبحت فيه قضايا التنمية المستدامة ذات أهمية متزايدة، لا سيما من أجل تحقيق الأهداف المناخية المنصوص عليها في «اتفاقية باريس»».
تحسين البنية التحتية والموارد الطاقية
واحدة من المزايا الرئيسية للتكامل هي «تحسين استخدام البنية التحتية الحالية». من خلال موازنة تدفقات الطاقة وفقا لتوافر كل بلد، يمكن لأفريقيا أن «تزيد من كفاءة مرافقها إلى أقصى حد دون الحاجة إلى الاستثمار الفوري في البنية التحتية الجديدة المكلفة للتخزين». على سبيل المثال، يمكن للمناطق ذات الموارد المتجددة الوفيرة، مثل الشمس في الصحراء الكبرى، أن تزود المناطق الأخرى التي تشتد الحاجة إليها، بما في ذلك المناطق الحضرية سريعة التوسع.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الربط البيني للشبكات من شأنه أن «يقلل من خسائر الطاقة المتصلة بنقل الكهرباء لمسافات طويلة، وهو تحد كبير للعديد من البلدان الأفريقية. إن تبسيط البنية الأساسية لن يؤدي إلى تحسين الكفاءة فحسب، بل وأيضا خفض التكاليف في الأمد البعيد، وبالتالي تعزيز القدرة التنافسية الاقتصادية للقارة».
التحديات في وجه التنفيذ الطاقي الفعال..
في حين أن فوائد تكامل الكهرباء في أفريقيا عديدة، لا تزال هناك العديد من التحديات. يشكل تمويل مشاريع نقل الكهرباء تحديا كبيرا، كما الحال للبنية التحتية للنقل المكلفة والتي تتطلب استثمارات ضخمة لتحديثها وتكييفها مع الاحتياجات المستقبلية.
وللتغلب على هذه العقبة، تشدد «الوكالة الدولية للطاقة المتجددة» على: «أولا، أهمية التعاون الدولي والدعم المالي من المؤسسات متعددة الأطراف» و «ثانيا، يعد وضع سياسات ولوائح منسقة عبر البلدان أمرا حاسما لضمان الإدارة المتسقة والفعالة للشبكات المتكاملة. وستحتاج أفريقيا أيضا إلى تطوير المهارات التقنية المحلية لإدارة الشبكات وتوقع تحديات زيادة استهلاك الكهرباء».
شراكة أفريقية رابحة من أجل انتقال طاقي شامل!
يعتمد التكامل الناجح لشبكات الطاقة على زيادة التعاون بين الدول الأفريقية ودعم الجهات الفاعلة الدولية. ومن خلال الالتزام بهذا المشروع الطموح، لن تتمكن البلدان الأفريقية بما في ذلك المغرب، من تلبية احتياجاتها المتزايدة من الطاقة فحسب، بل أيضا المساهمة بشكل كبير في مكافحة تغير المناخ.
ويجسد هذا التكامل القاري، رؤية لـ»مستقبل أفريقيا مكتفية ذاتيا من الطاقة وأكثر اخضرارا ومرونة». إن أفريقيا، الغنية بالموارد المتجددة – لكنها غالبا ما تواجه تحديات إنمائية، تمر الآن بنقطة تحول.من خلال تبني نهج متكامل لشبكات الكهرباء، يمكن للقارة بناء بنية تحتية عالمية المستوى يمكنها دعم النمو المستدام والشامل. ويمكن للمغرب، الملتزم بالفعل بـ»استراتيجية طموحة للطاقة»، أن «يلعب دورا مركزيا في هذا التحول من خلال أن يصبح نموذجا للبلدان الأخرى في القارة، مما يدل على أن التنمية الاقتصادية يمكن أن تسير جنبا إلى جنب مع الاستدامة البيئية».