الثقافة الصوفية.. من أجل إنسانية روحية في الوقت الحاضر

في جنان السبيل، تلك الحديقة التاريخية المترامية الأطراف المتنوعة الأشجار والورود الغنية بمياهها الرقراقة، انطلقت فعاليات مهرجان فاس للثقافة الصوفية في دورته 12 تحت شعار.. الثقافة الصوفية… من اجل إنسانية روحية في الوقت الحاضر، ابتداء من يوم 19 إلى29 اكتوبر الجاري.
ولعل الإبداع الافتتاحي جسد الاحتفاء بالشاعر الصوفي الشستري أمير الشعراء المتجولين، حيث أنشد روائعه الشعرية الروحية، كل من فرنسواز اطلان من فرنسا، ذات الصوت الشجي العميق الذي حمل الجمهور الكثيف الذي هب من مختلف مدن المغرب ومن عدد من الدول الأوروبية إلى أجواء روحانية تفيض حبا بذكر الله، في حين هزت مواويل الفنان مروان حجي أحاسيس المتتبعين وسافرت بهم بعيدا لمعانقة أجواء الأندلس الفردوس المفقود من خلال أشعار الشستري المادحة للرسول سيدنا محمد صلوات الله عليه، و في نفس السياق كان الحضور الفني الاسباني قويا من خلال مشاركة كوروبيانا الفلامينكو التي ردد أعضاؤها أغاني رائعة من شعر الشستري باللغة الاسباني .
ولعل هذا الجو الروحاني و الإبداع الصوفي والتجاوب المطلق للجمهور مع الأدعية الربانية جعل من السماء أن تمطر قطرات متواصلة مبشرة بموسم فلاحي يدخل البهجة على قلوب المواطنين المغاربة، مما اضطر المنظمين أن ينقلوا الحفلات الصوفية إلى قاعة المؤتمرات بمجلس فاس، حيث كان الحضور الجماهيري قويا إذ استمتع بالإنشاد و الأذكار النبوية التي أدتها الفرقة الوطنية للطريقة البوشيشتية التابعة للزاوية القادرية ذات الصيت العالمي خلال ليلة الأحد 20 اكتوبر.
ومن مدينة أبي الجعد كان موعد محبي الثقافة الصوفية على موعد مع مجموعة الزاوية الشرقاوية ليلة الاثنين 21 كتوبر هذه الزاوية التي يرجع تاريخ تأسيسها علي يد سيدي بوعبيد الشرقاوي في نهاية القرن السادس عشر الميلادي، كما أكد ذلك الدكتور فوزي الصقلي مؤسس مهرجان الثقافة الصوفية عند تقديمه لأعضاء الفرقة الذين ألهبوا حماس الجمهور الذي كان أغلبه من النساء المتصوفات اللائي أطلقن الزغاريد و رددن مع الفرقة روائع الانشادات.
الأيام الأولى والأخيرة للمهرجان جمعت بين الفن الموسيقي الروحي والإنشاد الشعري لقصائد الصوفي الشستري كما أنها تضمنت مجموعة من المحاضرات من ضمنها مائدة مستديرة في موضوع الثقافة الصوفية كنمط في الحياة، و التحديات الاجتماعية و الروحية أمام الذكاء الاصطناعي ومائدة مستديرة في موضوع معني الصلاة في الديانات الإبراهيمية بمشاركة زمرة من الأساتذة الباحثين من المغرب ومصر وفرنسا و تركيا ..
هذا، وتواصلت الأيام الصوفية للمهرجان بسهرة مع طريقة الزاوية الريسونية و حفل تضمن منابع جولات شعرية موسيقية في فن السماع الصوفي لفرقة الفنان عز الدين من فاس .
وكان الجمهور على موعد مع الطريقتين الصقلية و الخلواتية من تركيا وذلك أول أمس الخميس، بالإضافة الطريقة الوزانية و ذلك يوم أمس الجمعة 25 اكتوبر الجاري .
وسيسدل الستار على فقرات المهرجان يومه السبت 26 أكتوبر بباب المكينة على إيقاعات إبداعات فنية في لوحة نفحات الطيب الصوفية مع فاطمة الزهراء القرطبي من المغرب و فوزية جورابشي من ايران وليلى انفار و غير ذلك من الفقرات الفنية الموسيقية الروحية، حيث يقود الأجواق الموسيقية كل من الفنانين مصطفى العمري و كارول لطيفة أمير مع حضرة نسايا الفاسية..


الكاتب : فاس: محمد بوهلال

  

بتاريخ : 26/10/2019