أكد باحثون ومختصون، يوم الخميس24 أبريل بالرباط، خلال ندوة في إطار الدورة الثلاثين لمعرض الرباط الدولي للنشر والكتاب، أهمية إرساء استراتيجيات جمالية داخل المدن المغربية، بالنظر إلى ما تتيحه الجداريات الفنية من تهذيب للفضاء العام ومنح طابع إنساني للمشهد الحضري.
وجاء ذلك ضمن ندوة حول «الجداريات وجمالية المدن المغربية»، عرفت مشاركة الباحث السوسيولوجي أحمد شراك والفنانين التشكيليين بنيونس عميروش وعزيز أزغاي، والتي أدارها الكاتب نور الدين محقق. وفي هذا الصدد، أوضح أحمد شراك صعوبة الحديث عن فن الغرافيتي في المغرب بسبب عدم اعتياد سكان المدن على التعايش مع هذا الشكل الفني، مشيرا إلى أن هذا التوتر يرتبط بثنائية «الم لكية» و»الحيازة» وهو ما يؤدي أحيانا إلى عدم تقبل هذا الشكل الابداعي على الجدران.
واستعرض الباحث تطور الغرافيتي من نشأته في الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا إلى بوادر ظهوره في مدينة فاس أواخر السبعينات، مبرزا أنه فن هامشي بطبيعته، ينأى عن الأطر المؤسساتية مثل المتاحف. كما أشار إلى أنه رغم البدايات الرافضة للمؤسسة، إلا أنه أصبح جزءا من المشهد الفني الرسمي في المغرب من خلال المهرجانات الفنية الحضرية.
من جانبه، عاد الشاعر والفنان التشكيلي، عزيز أزغاي، إلى الجذور التاريخية لفن الجدارية، لافتا إلى أن الإنسان استعان بالرسم «كأول ممارسة استطاع أن يدشن بها حضوره في الطبيعة» لا سيما من خلال تصوير مشاهد القنص كأداة للتعبير والتأثير.
واستحضر التحولات التي عرفها الفن الجداري عبر مراحله وخلفياته المختلفة، من الاستعمال الديني والسياسي والاجتماعي، ليكتسب اليوم طابعا فنيا خالصا.
أما بنيونس عميروش، فاعتبر أن الجداريات تمثل أحد مقومات المدن الحديثة التي تأخذ بالحسبان الجانب الجمالي الموصول بالتلقي البصري، مبرزا الاهتمام المتزايد الذي تحظى به الجداريات في المدن المغربية والتي استقطبت فنانين عالميين ومغاربة.
وأوضح، في السياق نفسه، أن الجدارية تمثل انتقالا للعمل الفني من الصالونات المغلقة إلى الفضاءات العامة، بما يخلق علاقة أكثر حميمية وتواصلا مباشرا مع المواطنين. ولفت إلى أن هذه الأعمال، حين تعرض في أماكن مفتوحة، تحول الفضاء العمومي إلى ساحة للتلاقي الجماعي، لتأخذ بذلك شكل متاحف في الهواء الطلق، متاحة للجميع دون حواجز أو تذاكر، ما يسهم في صون الذاكرة الثقافية والمعمارية للمجتمع.