الجزائر تعلن عن انتخابات رئاسية مبكّرة في شتنبر المقبل : رسائل عسكرية لتمكين عبد المجيد تبون من العهدة الثانية

أعلنت الجزائر، أول أمس الخميس 21 مارس 2024، إجراء انتخابات رئاسية مبكرة في السابع من شتنبر 2024، أي قبل ثلاثة أشهر من موعدها المقرر أصلا.
وقالت رئاسة الجمهورية في بيان صدر إثر اجتماع ترأسه عبد المجيد تبون، وحضره رئيس الوزراء ورئيسا غرفتي البرلمان، ورئيس أركان الجيش ورئيس المحكمة الدستورية، «قرر رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، السيد عبد المجيد تبون، إجراء انتخابات رئاسية مسبقة يوم 7 شتنبر 2024»، على أن يتم استدعاء الهيئة الناخبة يوم 08 يونيو 2024، وهو ما يعني دخول الجزائر من الآن أجواء الانتخابات التي كان مقررا لها قبل ذلك أن تجرى في دجنبر القادم.
ولم يتم إعلان أي أسباب لتبرير إجراءٍ مُبكر للانتخابات الرئاسية في البلاد، كما لم يعلن الرئيس تبّون ما إذا كان سيترشح لولاية ثانية.
وجرت آخر انتخابات رئاسية في 12 دجنبر 2019، وفاز فيها تبون بحصوله على 58 في المئة من الأصوات. وخلف يومها عبد العزيز بوتفليقة الذي دفع إلى الاستقالة العام 2019 بضغط من الجيش والحراك الاحتجاجي الشعبي. وتوفي بوتفليقة في شتنبر 2021.
وتنتهي ولاية تبون التي تستمر خمس سنوات في دجنبر المقبل. ولم يتم إعلان أي أسباب لتبرير إجراء الانتخابات في شكل مبكر. كذلك، لم يعلن تبون ما إذا كان سيترشح لولاية ثانية.
واللافت للانتباه أن هذا القرار جاء بعد نحو شهر من تأكيد وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية أن «الانتخابات ستجرى في موعدها المنصوص عليه في الدستور احتراما للدستور وللشعب الجزائري الوحيد صاحب السيادة».
وفي التاريخ الجزائري القريب، توجد سابقة شبيهة، حين قرر الرئيس اليامين زروال إجراء انتخابات رئاسية مسبقة سنة 1998 وهي الانتخابات التي جاءت بالرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة للحكم، لكن مع الفارق في أن الرئيس زروال حينها استقال من منصبه كرئيس للجمهورية متخليا عن الحكم.
وحسب الملاحظين، فإن كل المؤشرات تؤكد أن عبد المجيد تبون سيمضي للترشح لولاية رئاسية ثانية، وينتظر أنصاره من أحزاب الموالاة فقط الإشارة لمناداته للترشح وبدء الحملة الانتخابية لصالحه. ومن بين المؤشرات تصريح ، مؤخرا، لرئيس مجلس الأمة صالح قوجيل (الرجل الثاني في الدولة دستوريا)، الذي قال إنه من حق الرئيس تبون الترشح لولاية ثانية.
يُضاف إلى ذلك دعوة رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق أول السعيد شنقريحة، إلى ذلك إلى الالتفاف حول «مشروع الجزائر الجديدة» الذي يتبناه الرئيس الحالي في كلمة له بداية هذا العام، فضلا عن ثناء افتتاحية مجلة الجيش في الجزائر، وهي لسان حال المؤسسة العسكرية، على ما تحقق في ظرف أربع سنوات من حكم الرئيس تبون.
ونقلت «العرب اللندنية» أن الجزائر في عهد الرئيس تبون «فشلت في تحقيق اختراقات إقليمية ودولية». ويظهر ذلك إقليميا من خلال تراجع دورها في مالي والنيجر، وهامشية تأثيرها في ليبيا، وعجزها عن مجاراة مبادرات المغرب وتحركاته الدبلوماسية التي مكنته من الحصول على اعتراف واسع بمبادرته لحل قضية الصحراء من بوابة الحكم الذاتي الموسع. أما دوليا فقد قاد تمسك تبون بالماضي إلى توتير علاقته بفرنسا. كما أن علاقته بأوروبا تسودها التوجسات بسبب الأزمة المفتعلة مع إسبانيا، ولم تنجح عروض الغاز السخية في تبديد مخاوف الأوروبيين.
وفشل الرئيس الجزائري، تقول اليومية، في الرهان على الانتماء إلى حلف الشرق مع الصين وروسيا.
وقالت «العرب» إن هناك ضغوطا داخلية متنوعة قد تكون من أسباب الرحيل المفترض للرئيس الجزائري؛ من ذلك ما تعلق بصراع الأجنحة داخل السلطة وبسط المؤسسة العسكرية والاستخبارية قبضتها على الأجهزة بما في ذلك المحيطة به، والتي قد تكون عرقلت خططه للتغيير واختيار كادر موال له في مؤسسات الدولة.
ويرى ملاحظون أن المناخ الحالي في الجزائر سيجعل من الصعب على أي مسؤول أن يخلف الرئيس الحالي، مشيرين إلى أن تعقيدات الصراع داخل السلطة منعت تبون وستمنع مَن يأتي بعده مِن تنفيذ إصلاحات جذرية، ووضع حد للأزمة الاقتصادية وغلاء الأسعار بالرغم من الأموال الكثيرة التي تدرها عائدات النفط على البلاد، خاصة أن البلاد ما زالت رهينة لجنرالات الجيش الذين لا علاقة لهم بالتدبير في ظل الاستقرار.


بتاريخ : 23/03/2024