الجزائر تمعن في سياستها القمعية وتلاحق عائلة الناشطة أميرة بوراوي

التنكيل يطال الآلاف من المواطنين التونسيين العائدين إلى بلادهم

 

ذكرت اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين أن الدرك الجزائري اعتقل والدة وشقيقة الناشطة أميرة بوراوي، التي تمكنت من الفرار باتجاه فرنسا، وأدى ذلك إلى اندلاع أزمة جديدة بين الجزائر وباريس.
وحسب نفس المصدر، فإن خديجة بوراوي، والدة أميرة بوراوي، تم تحويلها إلى مدينة عنابة يوم الأحد، بعد أن قضت الليلة في الحجز بمقر الدرك بالعاشور، في ضواحي العاصمة الجزائرية حيث مقر إقامة عائلة بوراوي.
وأضافت اللجنة على صفحتها على موقع فيسبوك، أن شقيقة أميرة بوراوي، وفاء، تم توقيفها مع والدتها مساء السبت وأطلق سراحها فجر الأحد، في حين لا يزال أحد أقاربها في الحجز في مقر الدرك لمدينة عنابة، حيث يبدو أن التحقيق جار لمعرفة كيف خرجت أميرة بوراوي من الجزائر.
كما ذكر الموقع الإخباري «راديو إم» لصاحبه الصحافي المسجون إحسان القاضي، أن «الدرك الوطني قام بتفتيش السكن العائلي» ونقل عن وفاء بوراوي شكواها من «الضغوطات» التي تتعرض لها العائلة.
ومازال الصحافي مصطفى بن جامع رئيس تحرير جريدة «لوبروفنسيال» التي تتخذ مقرا في ولاية عنابة، محجوزا لدى الدرك منذ الأربعاء بعد أن تم تمديد حبسه، في إطار التحقيق في قضية بوراوي.
وكانت الناشطة المعارضة، أميرة بوراوي، التي تحمل أيضا الجنسية الفرنسية، قد تمكنت من مغادرة الأراضي الجزائرية باتجاه تونس، حيث جرى توقيفها، وطالبت السلطات الجزائرية بترحيلها، لكن بعد تدخل المصالح القنصلية الفرنسية، تمكنت من مغادرة تونس باتجاه فرنسا، مساء الاثنين 6 فبراير.
وفور ذلك، أعلنت الجزائر استدعاء سفيرها لدى فرنسا «للتشاور» بسبب ما سمته بـ «عملية الإجلاء السرية» للناشطة والصحافية أميرة بوراوي.
ولم يقتصر القمع الجزائري على عائلة الناشطة أميرة بوراوي ومن يشتبه به في مساعدتها على الفرار، بل طال أيضا الآلاف من المواطنين التونسيين العائدين إلى بلادهم، والذين تم التنكيل بهم ومصادرة مقتنياتهم.
وذكرت وكالة الأنباء التونسية أن المواطنين التونسيين، الذين كانوا عائدين إلى بلادهم، فوجئوا بإجراءات تفتيش دقيقة وغير معتادة، حيث تم حجز السلع التي اقتنوها من المحلات التجارية هناك ومنعهم من حمل أية بضاعة ذات مصدر جزائري.
وأضافت الوكالة أن هذه الإجراءات تسببت في توقف حركة المرور والسفر، وتشكل عدد كبير من طوابير السيارات، وفي قضاء عديد العائلات التونسية ليلتها وسط سياراتها في وضع مناخي اتسم بالبرودة الشديدة ونزول لكميات من البرد والثلوج. وكانت مصادر إعلامية فرنسية، أكدت أن إجلاء الناشطة أميرة بوراوي، تم بأمر مباشر من الرئيس التونسي قيس سعيد، بعد تدخل فرنسي، وهو أيضا ما أكدته أميرة بوراوي، وفي محاولة لإرضاء الجانب الجزائري، أقدم الرئيس التونسي، نفس اليوم، على إقالة وزيره في الخارجية عثمان الجرندي. وعلى الرغم من أنه لم يعلن عن أسباب هذه الإقالة المفاجئة، والتي طالت لأول مرة وزارة سيادية، إلا أن المتتبعين ربطوا بينها وبين قضية أميرة بوراوي، وأن قيس سعيد استعمله ككبش فداء، لإرضاء الجزائر، رغم أنه وكما سبقت الإشارة، كان وراء قرار السماح لها بالسفر إلى فرنسا.
ورغم أن الإعلام الرسمي الجزائري، يدعي عدم وجود أزمة بين الجزائر وتونس، إلا أن مصادر تونسية أشارت إلى وجود تعليمات للتنكيل بالمواطنين التونسيين على التراب الجزائري، كرسالة مفادها غضب جزائري من رضوخ تونس للضغوط الفرنسية بخصوص قضية أميرة بوراوي، في الوقت الذي سبق أن قامت السلطات التونسية بترحيل عدد من المعارضين واللاجئين الجزائريين، رغم تدخل العديد من المنظمات الحقوقية لثنيها عن ذلك، وهو ما يؤكد السطوة التي تمارسها الجزائر على النظام التونسي وتوجهاته.
قضية أميرة بوراوي، كشفت، لمن كان يحتاج إلى دليل إضافي، عن أساليب القمع التي تطال المعارضين ونشطاء الحراك، والذين لم يعد من حل أمامهم إلا مغادرة البلاد خوفا من الاعتقال والتنكيل، كما ذكرت يومية «لوموند»، في ملف عن الجزائر يوم السبت، التي كتبت أنه بعد ما يقرب من أربع سنوات على الحراك السلمي، أصبح المناخ السياسي في الجزائر قاتما حيث يكثف النظام مطاردة آخر النوى الاحتجاجية.
وأوضحت اليومية الفرنسية أنه في مواجهة هذا القمع، اختار المعارضون النزوح الجماعي والفرار على نطاق واسع من الجزائر، مشيرة إلى أن الجزائر بلد «في حالة انجراف استبدادي كامل حيث ينتظر الاعتقال أولئك الذين دعموا الحراك، ولاسيما أولئك الذين واصلوا النضال بعد فقدان الزخم في الحراك الشعبي الذي بدأ في ربيع العام 2020، بسبب قيود مكافحة الكوفيد».
وسجلت أن الآلاف فضلوا الذهاب إلى المنفى في فرنسا وأماكن أخرى في أوروبا، أو حتى في كندا، مستحضرة قضية المعارضة أميرة بوراوي، التي واجهت معادلة بسيطة: السجن أو المنفى.


الكاتب : عزيز الساطوري

  

بتاريخ : 14/02/2023