الجسد هو (…..) من بين تجليات الشخص، الأكثر مقاومة للتغيير،سواء بصفة مؤقتة أو دائمة.كما نعتبره، اجتماعيا،اكثر قدرة على إنتاج الدلالة، بشكل ملائم. فخارج كل قصدية وإرادة دلاليين، فإننا نكون بإزاء « الكائن العميق» و»طبيعة « ال «شخص» . يشتغل الجسد باعتباره لغة تتحدثنا، أكثر مما نتحدثها، أي باعتباره لغة الطبيعة حيث يتعرض، الأكثر خفاء والأكثر حقيقة للخيانة، دفعة واحدة، لأنه الأقل مراقبة، عن وعي والقابل للمراقبة كذلك. يعدي الجسد ( من العدوى)، كما يحدد بشكل مضبوط surdetermine،عبر رسائله المدركة وغير المرئية، جميع التعابير القصدية الموازية، بدءا من الكلام (1) .
تظل لغة الهوية الطبيعية، لغة حاملة لهوية اجتماعية، تم تطبيعها ( في صورة
ابتذالية أو استثناء «طبيعي» ) وبالتالي شرعنتها .
يعتبر من نافلة القول، إن الجسد هو، من خلال بعده الطبيعي الظاهر، أي: حجمه وقامته ووزنه …..الخ هو منتوج اجتماعي.
تتم عملية التوزيع، غير العادل، بين الطبقات الاجتماعية للخصائص الفيزيولوجية الجسدية، عبر مختلف الإكراهات، كظروف العمل وشروطه (الأمراض المهنية والحرفية والتشوهات الجسدية التي قد تصل حد بتر أحد الأعضاء) وكذا العادات المرتبطة بالاستهلاك، التي وان كانت مقترنة بالذوق وأبعاده أي التطبع،(habitusl) فإنها قد تتجاوز، على نحو مستمر، الشروط الاجتماعية التي كانت وراء ظهورها (…..) .
ان جميع العلامات المميزة والمكونة للجسد،المدرك، هي ثمرة صناعة ثقافية صرفة، لها تابعة التمييز بين الأفراد بل الجماعات، تحت وطء المستوى الثقافي، باعتباره مستوى يتحدد بناء على المسافة الفاصلة مع الطبيعة، صناعة قد تجد أسسها داخل الطبيعة ذاتها، أي داخل الذوق، وتسعى إلى التعبير عن طبيعة ما، لكن طبيعة تم تثقيفها nature cultive.
ليست هناك علامات «فيزيولوجية» صرفة، فلون و حجم احمر الشفاه (كثافته) أو إيماءات الوجه، وكذلك شكل الوجه والفم، تتم قراءتها كقرائن فيزيولوجية «اخلاقية»، محددة اجتماعيا، أي كحالات روحية «سوقية» أو «متميزة»، أي طبيعة «طبيعية» أو طبيعة «مثقفة « .
يتم تلقي الخصائص الجسدية،باعتبارها منتوجات اجتماعية، عبر مقولات للإدراك وكذلك انساق للتراتبيات الاجتماعية، التي ليست بمنأى عن التوزيع السائد، بين الطبقات الاجتماعية لمختلف الخصائص : تسعى التصنيفات المعمول بها، وتميل إلى أن تقابل، في إطار مسلسل تراتبي، بين الخصائص الأكثر ترددا عند المهيمنين، ( بكسر الميم ) حيث هي خصائص متسمة بالندرة، كالرشاقة والجمال ولون البشرة والعينين الخ….. من جهة، والخصائص الأكثر ترددا ووفرة،عند المهيمن عليهم، كالسمنة والنحافة والطول والقصر والقوة والضعف.
إننا أمام تمثيل اجتماعي للجسد الصرف، حيث كل فرد مطالب بمراعاته، منذ البداية، حتى يتسنى له بلورة تمثله الذاتي والخاص لجسده (……)، الذي يتأتى الحصول عليه، عبر الخضوع لنظام أو نسق سلم اجتماعي، حيث المبدأ الذي يحكمه، هو نفس مبدأ المنتوجات الاجتماعية، التي يطبق عليها.
Pierre bourdieuremarques provisoires sur la perception sociales du corps in actes de la recherche en sciences sociales vol, 14 avril 1977
الجسد في الثقافة الغربية 11- الجسد: لغة تتحدثنا

الكاتب : ترجمة : د. محمد الشنقيطي
بتاريخ : 07/04/2025