الجمعية الطبية لإعادة تأهيل ضحايا العنف تجدد دعواتها للكشف عن الحقيقة وتسلّط الضوء على «أمراض التعذيب»

أشادت بإحداث الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب

ودعت لتوفير شروط استقلاليتها وفعاليتها

 

نظمت الجمعية الطبية لإعادة تأهيل ضحايا العنف وسوء المعاملة مع لجنة التنسيق لعائلات المختطفين مجهولي المصير وضحايا الاختفاء القسري بالمغرب (المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف)، يوم السبت 7 شتنبر 2024، لقاءا حقوقيا بمناسبة اليوم العالمي لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، شهد مشاركة وحضور العديد من الفعاليات والجمعيات الحقوقية وضحايا الاختفاء القسري والتعسفي وعائلاتهم.
اللقاء الذي احتضنه مقر الجمعية في مدينة الدارالبيضاء، والذي اختير له شعار «لا إنصاف لا مصالحة دون معرفة الحقيقة الكاملة وحتى لا يتكرر ما جرى»، عرف تقديم قراءة في التقرير الأولي للدولة المغربية المقدم أمام اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري، وأكد خلاله الحاضرون على أنه يعتبر مناسبة لتجديد العهد على مواصلة النضال من أجل القضاء النهائي على هذه الظاهرة والحل المنصف والعادل لكل ضحاياه.
وعلاقة بالموضوع، أكد الكاتب العام للجمعية، الدكتور عبد الكريم المنوزي، على أن المحطة التي يجري تنظيم اللقاء بمناسبتها، تعتبر لحظة للمسائلة الحكومات حول التزاماتها في ما يتعلق بتنفيذ المواثيق الدولية ذات الصلة بالاختفاء القسري، والتعذيب، وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية واللاإنسانية والمهينة، حفاظا على الكرامة الإنسانية و حماية للصحة النفسية والجسدية للمواطنين، ومدى حرصها على تجريم التعذيب. وأوضح المتحدث أن اللقاء يعتبر كذلك مناسبة للتضامن مع الضحايا وعائلاتهم، ويشكّل لحظة إدانة صريحة للجلادين والأنظمة التي تستعمل الاختطاف السياسي لإسكات المناضلات والمناضلين الأحرار في التعبير عن آرائهم السياسية والفكرية ولترهيبهم وعدم انتقاد السياسات الحكومية.
وأبرز المنوزي، أن الجمعية الطبية الإعادة تأهيل ضحايا العنف وسوء المعاملة تخلّد هذه المناسبة وهي مصمّمة إلى جانب الحركة الحقوقية على الاستمرار بكل عزم وثبات من أجل تحقيق الهدف المتمثل في الدعوة إلى تطبيق القوانين التي وقّع عليها المغرب والتي تجرم هذا الأمر وتضع آليات الحماية والوقاية منه، مضيفا بأن الجمعية ستعمل على مطالبة الحكومة بالتعاطي الإيجابي في المعالجة الجدية لكل ملفات ضحايا الاختفاء القسري والكشف عن الحقيقة كاملة وجبر الضرر الفردي والجماعي، والعمل على التسوية الإدارية، والقيام بالبحث والتحري المستقلين في كافة الشكاوي التي تتوصل بها المؤسسات المدنية والرسمية، وخاصة الجهات القضائية. وشدد الكاتب العام للجمعية على أنه سيكون من اللازم جبر الضررين المادي والمعنوي للضحايا، والالتزام بالإدماج الاجتماعي حتى يتسنى للضحايا العيش الكريم، مؤكدا على أن عدم إفلات الذين تورطوا بشكل مباشر أو غير مباشر من العقاب في جرائم الاختطاف يشكّل نوعا من رد الاعتبار للضحايا وعائلاتهم.
وفي السياق ذاته، أكد المنوزي إشادة الجمعية بإحداث الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، التي تعتبرها إياها خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح، لكنه أعرب عن أسفها مما اعتبره عدم الأخذ بعين الاعتبار مطالب الحركة الحقوقية، خاصة فيما يتعلق باستقلالية المؤسسة على الهيئات الأخرى، وتمكينها من الموارد البشرية والمادية لضمان فعاليتها، مضيفا بأنه من الضروري فتح نقاش واسع حول الآلية الوطنية من أجل تطويرها بما يضمن الاستقلالية والفعالية وعلاقة بالشق المرتبط بالتأهيل الطبي للضحايا، أوضح المنوزي في كلمته أن الجمعية قامت بمجهودات كبيرة وتحملت المسؤولية رغم الإمكانيات المتواضعة، بكل إخلاص وتفان، في احترام تام للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان وآداب وأخلاقيات المهن الطبية.
من جهة أخرى، أوضح الدكتور المنوزي أن الجمعية اختارت إحياء الذكرى بالتركيز على المعتقل السري درب مولاي الشريف، كأحد رموز الاختطاف السياسي، من خلال شهادات بعض المناضلين الذين عانوا فيه، لتسليط الضوء على مرحلة من مراحل السياسة القمعية التي عرفها المغرب، ورغبة في دعوة الحكومة للتشبث أكثر بحقوق الإنسان وأن تعمل على عدم تكرار تلك الخروقات حاليا ومستقبلا. وأبرز المتحدث بأنه يتم خلال هذا اللقاء كذلك استحضار عدم استكمال البحث عن الحقيقة بشأن العديد من ملفات الاختفاء القسري، حيث أن من ضمن الحالات العالقة تلك التي تضمنها تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة، حيث أبقت هذه الأخيرة البحث مفتوحا بشأنها، وعلى رأسها ملفات المهدي بنبركة، والحسين المانوزي، وعبد الحق الرويسي، ووزان بلقاسم، وعمر الوسولي، والدكتور محمد إسلامي، هذا الأخير الذي يعتبر آخر حالة مختطف في المغرب ( اختطف في نونبر 1997 على بعد يومين من أدائه قسم ابي قراطيس يوم نيله الدكتور في الطب) وغيرهم، مضيفا بأن أماكن الدفن الخاصة بجزء كبير من ضحايا الاختفاء القسري ومجهولي المصير لازالت مجهولة، داعيا كذلك إلى الكشف عن نتائج الحمض النووي التي خضعت لها عائلات الضحايا، وعن مصير أكثر من 153 شخصا مجهولا حتى الآن، حسب التقرير السنوي الأخير للفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري وغير الطوعي
وتوقف المتحدث في كلمته كذلك، عند نقطة تتعلق بأمراض التعذيب وسوء المعاملة التي تشتغل عليها الجمعية، التي تؤكد على ضرورة التكفل بمعاناة وبالخطر الجاثم على العائلات، حيث يشعر أقارب الأشخاص المفقودين بالقلق الكامن، ولا يعرفون ما إذا كان ابنهم أو ابنتهم أو أمهم أو أبائهم أو أصدقائهم لا يزالون على قيد الحياة، أو مكان احتجازهم أو كيفية معاملتهم، معتبرا أن البحث عن الحقيقة يمكن أن يعرض الأسرة بأكملها لخطر كبير، لأن عدم معرفة ما إذا كان الشخص المفقود سيعود يوما ما، يمنع أحبائه من العيش بشكل كامل.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 10/09/2024