عبد الله الصيباري : الجهوية آلية أساسية لبناء الثقة بين المواطنين والدولة

وقد جاء دستور 2011
مؤكدا لهذا التوجه الاستراتيجي المستثمر
في الشباب، من خلال التنصيص على عدد
من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمؤسساتية. وتقوية روح المبادرة
عند الشباب من خلال
تشجيعهم على الانخراط
في الحياة السياسية والاقتصادية

 

اعتبرنا أن دسترة
المجلس الاستشاري للشباب
والعمل الجمعوي
لحظة تاريخية ومؤسسة
بعد انتظار طويل
عمر لسنوات
و سجلنا بارتياح كبير
النقاش التشريعي
الذي واكب مشروع
قانون 89-15 المنظم
لهذا المجلس

دخلت الجهوية مرحلتها الثانية، بعد المرحلة التأسيسية، كيف تقيم مسارات تقييمها وتنزيلها منذ تم العمل بها خاصة وأنك في قمطر القيادة على مستوى جهات الرباط سلا القنيطرة؟.

مما لا شك أن ورش تنزيل الجهوية في المغرب، هو ورش بحمولة ملكية رؤى ومسارات، هدفها سامي يبنى إلى إرساء نوع من الأنساق أو باراديغمات جديدة بإحقاق حكامة ترابية مبنية على أسس متينة، قطب رحاها العدالة المجالية. ولعل المخاض الذي عرفه تنزيل هذا الورش في التجربة السابقة من مخرجات اللجنة الاستشارية للجهوية، إلى أن تم دسترتها مع دستور فاتح يوليوز 2011، شكل زخما حقيقيا، مما يمكننا من طرح أسئلة متعددة بنفحة تقييمية ولعل أبرزها ما هي مؤشرات نجاعة هذا الورش؟.
الأكيد أن تبني خيار الجهوية المتقدمة كآلية أساسية من أجل دمقرطة الدولة والمجتمع، وبناء جسر متين من الثقة بين الطرفين أي -المواطنين والدولة- وصيانة الإرادة الحرة للمواطنات والمواطنين من خلال إنعاش مقومات الديمقراطية التمثيلية، إلا أن هذه العملية عرفت من المعيقات والمثبطات في بعض الأحيان، تتقاطع فيها مجموعة من العوامل والمتدخلين.
لعل أبرزها بيروقراطية بعض المسؤولين التي تقف في بعض الأحيان في «فرملة» النية التنموية عند بعض المنتخبين، مما يؤخر العملية التنموية برمتها، ثم كي لا نتحدث لغة الخشب هناك بعض الأحزاب التي تزكي بعض الأشخاص، يطغى عليهم ضعف الممارسة السياسية وتراكم الاخفاقات في التدبير اليومي كذلك، مما تغيب اللمسة السياسية وتتقوى البنية التقنية.
فيما يخص تجربتي كرئيس لجنة الثقافة والتربية والتكوين والبحث العلمي التطبيقي حاولنا أن نقوي لبنات التنمية الثقافية بالجهة، من خلال الانفتاح على فعاليات المجتمع المدني وتقوية حضور الجهة في الجانب الثقافي ليس كشريك مالي فقط بل بقوة اقتراحية وتأطيرية، وتأتى ذلك بتضمين برنامج التنمية الجهوية لهذا الأمر، والذي أكد على ضرورة الانخراط وتقوية الروابط الثقافية للجهة. فلقد تمكنا من خلال الشراكة مع وزاره الثقافة من إقامة المعرض الدولي للكتاب والنشر للمرة الثالثة بمدينة الرباط، ودعمه بأكثر من 10 ملايين درهم في السنة، كما أن الجهة عقدت شركات متعددة مع جمعيات التي لها المنفعة العامة وكذا القطاع الوصي على الثقافة من أجل الحفاظ على الموروث الثقافي وتقوية روافد الصناعة الثقافية.

عرفت الرباط مع العهد الجديد نهضة لافتة عمرانيا وثقافيا، ماذا تقول لنا عنها ضمن التأهيل الوطني الشامل؟.

منذ أعلنت اليونسكو سنة 2012، أن الرباط عاصمة «حديثة ومدينة تاريخية» مما يؤكد القيمة العالمية الاستثنائية لعاصمة المملكة، إذ نسجل بكل اعتزاز وافتخار المستوى الراقي الذي عرفته البنيات التحتية، من خلال مجموعة من الأوراش الملكية المهيكلة، فمشروع الرباط «مدينة الأنوار» وعاصمة المغرب الثقافية، وهو مشروع يروم إلى الارتقاء بالعاصمة إلى مصاف العاصمات الدولية وهذا جعل من كل زائر للعاصمة يبهر بحجم المشاريع والتطور الملحوظ على شتى المناحي، مداخل المدينة، الشوارع، الفضاءات الخضراء، المنشآت وغيرها، بالإضافة إلى ما عرفته المدينة القديمة من ترميم الأسوار التاريخية والحفاظ على الموروث الثقافي. وهي مجهودات محمودة وجبارة برعاية ملكية سامية غيرت من معالم مدينه الرباط في العشرية الأخيرة، بشكل شمولي وأصبحت بالفعل مفخرة لكل الرباطيين بل لكل المغاربة.

الأخ عبد الله الصيبري أنت كاتب عام للشبيبة الاتحادية، كيف تقرأ مكانة الشبيبة المغربية في استراتيجية محمد السادس للتنمية والارتقاء؟

منذ تولي جلالة الملك لعرش أسلافه الميامين، أولى عناية خاصة للشباب، فقد كان شابا حين استلامه لمقاليد الحكم، وهذا المعطى في اعتقادي أسهم في الانفراج عن عديد المبادرات والإصلاحات كذلك من منطلق فهم جلالته لاحتياجات هذه الفئة ومعتبرا في اكثر من مناسبة وخطاب أن الشباب عماد وصلب أي تنمية حقيقية، وذلك عبر تمكينهم من الآليات وإعطائهم مفاتيح تيسر ولوجهم لتدبير الشأن العام.
وقد جاء دستور 2011 مؤكدا لهذا التوجه الاستراتيجي المستثمر في الشباب، من خلال التنصيص على عدد من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمؤسساتية. وتقوية روح المبادرة عند الشباب من خلال تشجيعهم على الانخراط في الحياة السياسية والاقتصادية، ولقد جسدت الخطب الملكية غير ما مرة وفي الكثير من المناسبات عمق الإرادة الملكية المبنية على الثقة في الشباب والاستثمار فيه باعتباره أمل الأمة ومقوم أساس في بناء صرح التنمية والازدهار الوطني.

عرف تدبير المسألة الشبابية دسترة المجلس المعبر عنها، ما هي في نظرك عناصر القلق حول عدم التنزيل؟

لقد اعتبرنا أن دسترة المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي لحظة تاريخية ومؤسسة بعد انتظار طويل عمر لسنوات، ولقد سجلنا بارتياح كبير النقاش التشريعي الذي واكب مشروع قانون 89-15 المنظم لهذا المجلس. وكان خيارنا واضح على أنه آلية معززة للديمقراطية التشاركية وكذا قناة إعادة مصالحة الشباب المغربي واهتمامه بالشأن العام وانخراطه في الحياة السياسية والمواطنة المسؤولة، و»تجسيد المواطنة الكاملة للشباب» طبقا لتوجيه الخطاب السامي لجلالة الملك بمناسبة ذكرى 20 غشت 2012.
ولقد ساهمنا من خلال فريقنا البرلماني في تجويد مشروع هذا القانون لا من ناحية تركيبة المجلس، ولا من ناحية إثارة إشكالية إغفال تمثيلية الشبيبات الحزبية، وقُدمَت تعديلات في هذا الباب. وقد تم التفاعل مع هذا المشروع ووصت الفريق بالإيجاب في الجلسة العامة التي عقدها مجلس النواب يوم الاثنين 24 يوليوز 2017، منذ ذاك الوقت ونحن ننتظر تنزيله شأننا شأن كل الشباب المغربي التواق إلى الدفاع على حضوره كقطب راحة حقيقي، وركيزة أساسية من ركائز المجتمع، ومن هذا المنطلق ندعو إلى الإسراع بإخراجه الذي تأخير أكثر من سبع سنوات وبتأخره تأخر كذلك التنزيل الأمثل لدستور فاتح يوليوز 2011 ولمقتضى أساسي جاء به وهي الديمقراطية التشاركية، فيجب ألا نخطأ الموعد وأن نساهم جميعا في ترصيد بواعث الثقة عند الشباب والممارسة السياسية وأن نعالج كل الاختلالات التي تولد الشك واللايقين والأنانية.

سؤال شخصي: ماهي الصورة الأكثر تعبيرا عن حضور الشباب في سياسة محمد السادس؟

هي صور متعددة قد تصعب علينا الاختيار… صور نشاهدها كل يوم في مواقع التواصل الاجتماعي وكيف المغاربة يعبرون عن ارتباطهم وحبهم لملكهم وهو يبادلهم التحيا من داخل سيارته في كل ربوع المملكة أين ما حل واترحل، هو الملك الإنسان يفرح لفرح المغاربة ويحزن لأحزانهم، من منا لم ينبهر بخرجة الملك لمشاركة شعبه فرح انتصارات المنتخب المغربي في كأس العالم الأخير بقطر.
ومن منا لم يتملكه شعور بالفخر والاعتزاز عندما كانت جائحة كورونا كنا السباقين في جلب تلقيح للمغاربة وصورة جلالة الملك وهو يلقح تركت انطباعا جميلا لدى المغاربة، يذكي الإحساس بالوطنية النبيلة.
هي صور وصور وصور.. تعددت خلال هاته ال25 سنة يبقى عنوانها الحب، والصدق، والوفاء، والإنسانية.

* عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية
الكاتب العام السابق للشبيبة الاتحادية ‬
مستشار في جهة الرباط

 

نشر في خاص 29/07/2024


الكاتب : الاتحاد الاشتراكي

  

بتاريخ : 30/08/2024