اعتبر رئيس جهة بني ملال – خنيفرة إبراهيم مجاهد، يوم الخميس ببني ملال، أن الجهوية المتقدمة تشكل نموذجا جديدا للحكامة الترابية، وثورة حقيقية في مجال تدبير الشأن العام المحلي، وورشا كبيرا يندرج في سياق رؤية جديدة لتدبير شؤون التنمية، في إطار وحدة الدولة والوطن والتراب.
وأوضح مجاهد، في كلمة افتتاحية لندوة حول الجهوية المتقدمة المنظمة من طرف ولاية ومجلس جهة بني ملال – خنيفرة تحت شعار «الجهوية المتقدمة رافعة للتنمية المستدامة»، أن هذه الرؤية الجديدة لتدبير شؤون التنمية، تتحقق من خلال تمكين الجهات من اختصاصات مهمة في مجالات اقتصادية واجتماعية وثقافية وبيئية، وفقا لمبدأي التفريع والتدبير الحر، باعتبارهما مقتضيان دستوريان يكتسيان أهمية بالغة في النظم الدستورية الحديثة.
وبعد أن أشار إلى أن مسلسل الجهوية المتقدمة يروم بالأساس دعم وتكريس التنافسية بين الجهات مع تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة ومتوازنة لمختلف المناطق، أكد مجاهد أن هذا اللقاء يأتي في سياق تنزيل منظومة اللامركزية الجهوية بالمغرب الذي يسعى باستمرار إلى الانخراط في التوجهات الحديثة للديمقراطية، والعمل بإصرار على تطوير المنظومة الترابية اللامركزية لتستجيب لانشغالات المواطنين وحاجياتهم، وتطلعات المجتمع، ومستلزمات العصر.
من جانبه، اعتبر والي جهة بني ملال – خنيفرة عامل اقليم بني ملال محمد دردوري أن موضوع الجهوية المتقدمة يكتسي أهمية خاصة في إطار تطوير واستكمال البناء المؤسساتي للمغرب، إذ أن مثل هذا المسلسل يعتبر منعطفا كبيرا في إصلاح المؤسسات الترابية للمملكة، الشيء الذي أهل الجهة لتصبح رافعة للتنمية الاقتصادية والبشرية، وإطارا قادرا على تحقيق الاندماج بين المقاربات القطاعية، ومجالا للديمقراطية التشاركية التي تسمح للسكان بالمشاركة في تدبير الشؤون الجهوية.
وأضاف أن المنظور الجديد للجهوية يرتكز، بالأساس، على الارتقاء بمؤشرات التنمية البشرية إلى مستوى لائق، والحد من الفوارق المجالية والنهوض بالتنمية في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية من خلال التقائية البرامج، مشيرا إلى المقومات والمؤهلات التي تزخر بها جهة بني ملال-خنيفرة على جميع المستويات.
وشدد أن تنمية الجهة تحتاج إلى مواكبة من نوع خاص لتقوية فرص نجاحها، خاصة من خلال إقرار لاتمركز إداري حقيقي يقوم على نقل السلطات التقريرية والوسائل الملائمة نحو الإدارات الترابية وإحداث إدارات جهوية تتمتع بسلطات تقريرية وموارد بشرية قادرة على مواكبة وتفعيل هذا المسلسل.`
في سياق متصل، أكد رئيس جامعة السلطان مولاي سليمان، بوشعيب مرناري أن المغرب يشهد، من خلال ورش الجهوية المتقدمة، لحظة مفصلية وحاسمة في التاريخ، من منطلق أن الجهات والجماعات الترابية أضحت دعامات أساسية للتنمية المستدامة والمندمجة، مؤكدا أن المنطلق المحدد لهذا الاختيار يتمثل في الوعي بضرورة تنزيل الجهوية المتقدمة، وتعميق اللامركزية الترابية، وهو ما يشكل مدخلا للحكامة الترابية وتحقيق التنمية البشرية المندمجة والمستدامة وتوطيد الديمقراطية المحلية.
وأشار إلى أن الجامعة تواكب هذا الورش الإصلاحي الكبير من خلال تنظيم لقاءات وندوات علمية حول الموضوع، مكنت من الوقوف على العديد من التوصيات التي تصب في الأجرأة الحقيقية وتنزيل الجهوية، وكذا من خلال بلورة مسارات تكوينية وأبحاث علمية من شأنها تثمين الهوية والخصوصيات الثقافية والثروات الجهوية.
أما الإعلامي ومدير نشر «موسوعة دفاتر الجهوية» محمد عبد الرحمان برادة فقد رأى أن الجهوية هي من أحدث أنظمة الحكامة لتدبير الشأن المحلي، باعتبارها وسيلة لتفعيل ديمقراطية القرب من خلال إشراك السكان في تدبير شؤونهم بواسطة مؤسسات جهوية ومحلية ذات صلاحيات محددة، والانتقال من علاقات الوصاية والرقابة إلى نموذج متطور مبني على التشاور والتدبير التشاركي والتعاقد والتعاون.
وأضاف أن الرهان على الجهوية يتمثل في رفع تحدي التنمية الشاملة وتحديث البنية المؤسساتية عبر وضع استراتيجيات وبرامج ملائمة لمعالجة الإكراهات والفوارق المجالية والاجتماعية، مشيرا إلى أن تحقيق التنمية في مختلف الجهات يبدأ بتشخيص حقيقي ونقدي لما تتوفر عليه كل جهة من إمكانيات وثروات يتوجب معرفة خصوصيتها.
وأكد أنه لمواكبة بلورة عدة جوانب من الحكامة الجديدة جاءت فكرة إصدار موسوعة تتضمن 12 كتابا تتضمن، بالأساس، معطيات عامة حول الجهوية والتعريف بمميزات كل جهة على المستويات الجغرافية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كمساهمة لفهم ورش الجهوية الذي يشكل ركنا من الأركان الأساسية لحل المشاكل التنموية.
وناقش هذا اللقاء، الذي عرف مشاركة نخبة من الجامعيين والباحثين والمهتمين بالموضوع، مواضيع من قبيل «التنمية الجهوية في إطار النموذج الاقتصادي الجديد» و«اللاتمركز والجهوية المتقدمة» و«الجهوية المتقدمة وآليات المواكبة» و«حقوق وواجبات المواطن في إطار الجهوية المتقدمة».