الحركة النقدية الأدبية في المغرب: هل تواكب الإنتاج الأدبي اليومي؟

 

للتاريخ؛ فان حركة النقد الأدبي الحديث كانت متقدم ، زمنيا ، على العديد من الدول الناطقة باللغة العربية مشرقا ومغربا. ويعود ذلك الى عوامل محلية وخارجية.فمن المحلية، أن المغرب، خضع لفترة  الاستعمار الفرنسي الذي سعى بكل قواه، لإماتة لغة البلاد الوطنية، واستبدالها بلغته الفرنسية، لطمس هوية المواطن المغربي؛وسلبه كل قيم المواطنة.ومنها، محاربة لغته، حتى  تنفصم العلاقة بينه، وبين ديانته كذلك.
فقد كان  المستعمر يدرك أن إماتة لغته العربية، يكرهه في الدين والوطن.
فنشر لغة الاستعمار، بدلا من اللغة العربية ، مكن الذين تعلموها من متابعة دراستهم في الخارج؛حيث توجهت نخبة  من الطلبة المغاربة في أواخر الأربعينيات من القرن العشرين الى بعض الجامعات الفرنسية، للدراسة الجامعية في تخصص الأدب. وفي هذه الجامعات تلقوا دراستهم على أيدي الأساتذة النقاد ،المتأثرين بالتيار اللاتيني. وعند عودتهم إلى المغرب، عينوا مدرسين في الجامعة المغربية الفتية، فنقلوا لِطلبتها ما تلقوه من معارف عن النقد الحديث بمدارسه ومذاهبه ومناهجه وتياراته  المستمدة من المذهب اللاتيني. ولا أذكر الأسماء هنا؛لأني قد أنسى بعضها فيغضب من نسيت ذكر أسمائهم. و يمكن القول إن النقد الأدبي النظري الحديث، نشأ في رحاب الجامعة المغربية، على أيدي هذه النخبة من الطلبة المغاربة الذين تلقوا تعليمهم الجامعي في فرنسا.وهكذا بدأ تعاقب الاجيال، جيلا بعد جيل،من خلال تخرج أفواج في الجامعة المغربية، متأثرين بنظريات أساتذتهم، كـ›الجمالوجيا›، والشخصانية، من حيث الفكر.
بحيث صارت بلادنا تنجب نقادا وناقدات كل سنة.نفتح عيوننا على رفوف المكتبات  فنرى عناوين مختلفة لدراسات نقدية تنظيرية أو تطبيقية تتناول بعض الإصدارات الأدبية من شعر ورواية و قصة…والحقيقة أن النقد الأدبي التنظيري يسير بوتيرة تصاعدية كما و كيفا؛ وبإيقاع بطيء بالنسبة للنقد التطبيقي.
وفي زمننا هذا، بدا النقد الأدبي يعرف مأسسة،تكاد تشمل كل الجامعات المغربية، حيث أسست مختبرات للسرد في رحاب الجامعات المغربية، تفرخ دارسين ونقادا أنجزوا  أطروحات ورسائل في النقد الأدبي ،شملت بعض الأعمال الأدبية لشعراء وروائيين وقاصين  ونقادد وناقدات…
السؤال  المركزي هو : هل هذه الحركة النقدية تواكب  وفرة الإنتاج الأدبي اليومي؟ فالذين يهتمون بالموضوع،ويقرؤون الإصدارات،ينبهرون لوتيرة الإنتاج الأدبي، بمختلف أجناسه…
و أنا لست متفقا مع الذين يقًولون: في العالم العربي نقاد،وليس فيه نقد. لماذا؟ لأن عملية التناول النقدي تحتاج  إلى علاقات؛ وإلى تعارف،و إلى وجود؛ يجعل المنتج الأدبي مألوفا لدى النقاد و الناقدات…..

(قاص وروائي وباحث)


الكاتب : الجاحظ مسعود الصغير

  

بتاريخ : 26/06/2024