في مداخلة قوية ، خلال اجتماع لجنة مراقبة المالية العامة والحكامة بمجلس النواب، المنعقد يوم الاثنين 23 يونيو 2025، وجه النائب الحسن لشكر، باسم الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، انتقادات شديدة اللهجة للحكومة، متهما إياها بالتقاعس في تنزيل الإصلاح الشامل والمندمج لقطاع المؤسسات والمقاولات العمومية، رغم مرور سنوات على الخطابات الملكية والتقارير الرسمية التي دقت ناقوس الخطر.
وأكد لشكر أن الفريق الاشتراكي كان سبّاقا لطلب هذا الاجتماع الرقابي لتقييم أداء الوكالة الوطنية للتدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة، معتبرا أن هذا الإصلاح لا يحتمل مزيدا من التباطؤ أو الارتجال، وأن كلفة التأخير أصبحت «أكبر من كلفة التغيير سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا».
وقال لشكر إن الحكومة فشلت في احترام الأجندات الزمنية للإصلاح، مشيرا إلى أن أقل من نصف النصوص التطبيقية للقانون الإطار المتعلق بإصلاح المؤسسات العمومية قد صدرت، ولم يتم بعد تصفية إلا 19 مؤسسة فقط، ولم يُحوّل أي كيان عمومي تجاري إلى شركة مساهمة، رغم مضيّ أربع سنوات على المصادقة على القانونين المؤسسين، وسنة واحدة فقط تفصل عن انتهاء المهلة القانونية.
وتوقف لشكر مطولًا عند غياب رؤية واضحة للكلفة المالية للإصلاح، متسائلاً عن الغلاف المالي لتصفية المؤسسات، ودمج الأقطاب، وتحويل الصيغ القانونية، وكذا كلفة الاستشارات والدراسات التقنية. وقال: «في مفارقة غريبة، لا نعلم من سيدفع فاتورة هذا الإصلاح، ولا كيف سيتم تمويله».
كما لم يفوّت النائب الاتحادي فرصة التنديد بـ»الجمود البيروقراطي» و»غياب التحول الذهني» في تدبير المؤسسات العمومية، داعيًا إلى مراجعة منظومة تعيين المديرين العامين، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وفصل التوجيه عن التدبير عن التقييم.
وعن أداء الوكالة الوطنية للتدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة، اعتبر لشكر أنها لا تستطيع بمفردها حمل ورش الإصلاح، ما لم تسندها حكومة تملك الإرادة السياسية والوضوح في الرؤية والسرعة في الإنجاز، منتقدًا في الوقت ذاته تفشي منطق الزبونية وتضارب المصالح في تعيين المتصرفين المستقلين، مع تسجيل ضعف كبير في تمثيلية النساء.
وفي ختام مداخلته، شدد الحسن لشكر على أن إصلاح المؤسسات العمومية مدخل ضروري لإصلاح المالية العمومية، ولا يمكن بلوغه إلا بتفعيل الرقابة البرلمانية، واستكمال الترسانة القانونية، والقطع مع التدبير الانفرادي والمرتبك الذي يطبع أداء الحكومة، داعيا إلى تغليب المصلحة الوطنية على الحسابات السياسية الضيقة.