ما تزال غزة تنزف، ومعها تنزف الكلمة والصورة والحقيقة.
فقد ارتفع عدد الصحفيين الذين استشهدوا جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع منذ 7 أكتوبر إلى 209 صحفيين، بعد استشهاد الزميل محمد صالح البردويل، الذي سقط شهيدا وهو يؤدي واجبه المهني في نقل الحقيقة من قلب الميدان.
وتفيد تقارير ميدانية بأن أكثر من ثمانين في المئة من الصحفيين المستهدفين قتلوا أثناء ممارستهم لمهامهم، بينما قضى آخرون تحت القصف داخل بيوتهم رفقة أسرهم، في خرق صارخ للقانون الدولي الإنساني وللأعراف التي تحمي الإعلاميين في مناطق النزاع.
وفي سياق متصل، أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن الاحتلال الإسرائيلي يواصل ارتكاب جرائم ممنهجة ضد الصحفيين، في إطار حرب إبادة جماعية، تستهدف الصوت الحر والمؤسسات الإعلامية.
وأضاف أن آلة الحرب الإسرائيلية لم تكتف بإزهاق الأرواح، بل دمرت ما يزيد عن سبعين مؤسسة إعلامية، ومحطات إذاعية وتلفزية، ومنعت إدخال المعدات الضرورية للعمل الصحفي.
ودعا المكتب كافة الهيئات الصحفية الدولية والعربية إلى التحرك العاجل، والضغط من أجل إدانة هذه الجرائم، التي تشكل انتهاكا فاضحا للمواثيق الدولية الضامنة لسلامة الصحفيين. كما حمل الاحتلال، إلى جانب الإدارة الأمريكية والدول الأوروبية الداعمة له، مسؤولية الجرائم المرتكبة، مطالبا بتحريك ملفات قضائية دولية لمحاسبة مرتكبيها.
في الوقت ذاته، استشهد صحفي آخر رفقة جميع أفراد أسرته إثر غارة جوية استهدفت منزلهم في خان يونس، في مشهد يلخص فداحة الثمن الذي يدفعه الإعلام الفلسطيني من أجل نقل ما يجري في غزة إلى العالم.وتوالت ردود الأفعال من منظمات دولية، أبرزها «مراسلون بلا حدود» التي اعتبرت فلسطين أخطر مكان على الصحفيين، مشيرة إلى مقتل أكثر من مئة منهم في غزة، بينهم اثنان وعشرون أثناء أدائهم لعملهم. أما «لجنة حماية الصحفيين» فأكدت أن 173 صحفيا وعاملا إعلاميا لقوا حتفهم، معظمهم من الفلسطينيين، إضافة إلى عشرات الجرحى والمفقودين والمعتقلين.
من جهتها، ذكرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن الجيش الإسرائيلي يواصل عمليات القتل والتهجير وتدمير البنى التحتية بشكل غير مسبوق في التاريخ الحديث، فيما أشار الاتحاد الدولي للصحفيين إلى أن نسبة القتلى في صفوف الصحفيين تجاوزت عشرة في المئة من إجمالي العاملين في هذا القطاع بغزة، وهو رقم مروع يعكس حجم الاستهداف.
كل هذه الشهادات والمعطيات تضع المجتمع الدولي أمام مسؤوليات تاريخية لمحاسبة الاحتلال، وفرض آليات حماية حقيقية للصحفيين في غزة، الذين أصبحوا يدفعون أرواحهم ثمنا للحقيقة.
الحقيقة تدفن تحت الركام.. 210 صحفيا شهيدا في غزة

الكاتب : جلال كندالي
بتاريخ : 08/04/2025